الثلاثاء، 31 ديسمبر 2013

نماذج من صبر الصحابة رضوان الله عليهم

علَّم النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه كيف يصبرون
 في مختلف الأمور وضروبها، فقد علمهم الصبر من أجل هذا الدين،
والتضحية في سبيله
والصحابة رضي الله عنهم لهم مواقف كثيرة جدًّا،
لا يستطيع أحد أن يحصرها؛ لأنهم رضي الله عنهم باعوا أنفسهم،
وأموالهم، وحياتهم لله، ابتغاء مرضاته، وخوفًا من عقابه،
 ففازوا بسعادة الدنيا والآخرة .
وإليك نماذج من صبرهم رضي الله عنهم وأرضاهم :
صَبرُ آل ياسر رضي الله عنهم :  
 
وآل ياسر رضي الله عنهم - عمار، وأبوه ياسر، وأمه سمية –
يعذبهم المشركون بسبب إيمانهم فيصمدون،
وروى الحاكم في المستدرك عن ابن إسحاق قال:
( كان عمار بن ياسر وأبوه وأمه أهل بيت إسلام،
وكان بنو مخزوم يعذبونهم فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم:
 
( صبرًا يا آل ياسر، فإن موعدكم الجنة )
 
 بلال رضي الله عنه يُعَذَّب فيصبر:
فهذا بلال بن رباح رضي الله عنه يعذب من أجل إيمانه فيصبر،
فكان أمية بن خلف يخرجه إذا حميت الظهيرة فيطرحه على ظهره
 في بطحاء مكة ثم يأمر بالصخرة العظيمة على صدره ثم يقول:
لا يزال على ذلك حتى يموت أو يكفر بمحمد، فيقول وهو في ذلك:
 أحد أحد .
وقال ابن مسعود:
 
[ أول من أظهر إسلامه سبعة: رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر،
وعمار، وأمه سمية، وبلال، وصهيب، والمقداد.
فأما النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر: فمنعهما الله بقومهما.
وأما سائرهم فأخذهم المشركون، فألبسوهم أدراع الحديد،
وصهروهم في الشمس، فما منهم أحد إلا وأتاهم على ما أرادوا إلا بلال،
 فإنه هانت عليه نفسه في الله، وهان على قومه، فأعطوه الولدان،
 فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة، وهو يقول: أحد أحد ]
 
أم سلمة رضي الله عنها وصبرها عند فقد ابنها:
وهذه أم سلمة تصبر عن موت فلذة كبدها،
يروي لنا أنس رضي الله عنه قصتها فيقول:
 
( أن أبا طلحة كان له ابن يكنى أبا عمير
قال: فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: أبا عمير ما فعل النغير؟
قال: فمرض وأبو طلحة غائب في بعض حيطانه فهلك الصبي
فقامت أم سليم فغسلته وكفنته وحنطته وسجت عليه ثوبًا
وقالت: لا يكون أحد يخبر أبا طلحة حتى أكون أنا الذي أخبره،
 فجاء أبو طلحة كالًا، وهو صائم، فتطيبت له وتصنعت له،
وجاءت بعشائه،
فقال: ما فعل أبو عمير؟
فقالت: تعشى وقد فرغ،
قال: فتعشى وأصاب منها ما يصيب الرجل من أهله،
ثم قالت: يا أبا طلحة أرأيت أهل بيت أعاروا أهل بيت عارية
فطلبها أصحابها، أيردونها أو يحبسونها؟
فقال: بل يردونها عليهم،
قالت: احتسب أبا عمير،
قال: فغضب، وانطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم
 فأخبره بقول أم سليم، فقال صلى الله عليه وسلم:
بارك الله لكما في غابر ليلتكما )

أحلف بالطلاق بيني و بين نفسي و لا أجهر به


 
السؤال
أنا شاب في العشرين والحمد لله، متزوج لكن صار معي أنني
 بيني وبين نفسي أحلف بالطلاق دون الجهر بالقول، أطلب
من الله ثم منكم إفادتي في هذا الموضوع جزاكم الله عنا ألف خير.
 
الإجابة
إذا كان ما يحصل معك هو من قبيل أحاديث القلب دون نطق
باللسان بما ذكرت فإنها وساوس من وساوس الشيطان، ولا حرج
عليك في ذلك إن شاء الله، ولا يقع بذلك طلاق ما لم تتكلم به
أو تعمل، ككتابة طلاق زوجتك، ويدل لذلك
ما ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:
 
( إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها
 ما لم تعمل أو تتكلم  )
رواه البخاري ومسلم
 
وننصحك بكثرة قراءة القرآن والأدعية والأذكار المشروعة
والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم لدفع وساوس الشيطان عنك
 مع الإعراض عن ذلك إذا عرض لك، والاشتغال بما ينفعك

 في أمور دينك ودنياك


و بالله التوفيق ،
و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الإفتاء

آداب على حواء التحلي بها


- لا تطرقعي أصابعكِ بين الناس .

- لا تبللي أصابعكِ بلعابكِ عندما تريدين تقليب صفحات المجلة
أو الكتاب فإن هذا يتنافى مع الجمال والذوق .

- لا تتفاخري بجمالكِ ولا بمالكِ ولا بأصلكِ الطيب ، فلستِ أنتِ صانعة
شيء من هذا ، وخير لكِ ان يتحدث الناس عنك من أن تتحدثي
أنت عنها لكي لا يقال أنكِ مغرورة .

الألم :
إذا كنتِ تشعرين بألم لأي سبب اعملي في صمت على إزالة أسبابه
ولا تقضي طول الوقت في الشكوى منه وشرح أطواره فإن لكل إنسان
متاعبه وآلامه التي لا تسمح له بالاهتمام بآلام الآخرين .

البسمة :
البسمة عنوان الرقة والذوق السليم ، فاجعليها ملازمة لك ، ابتسمي عند
المصافحة للقاء والوداع وابتسمي عند الاستئذان وعند السؤال
عن شيء وعند تقديم الشكر .

الثمن :
إذا اشتريت هدية فلا تنسي أن تنزعي البطاقة التي عليها الثمن
قبل أن تهديها لأحد.

السمنة :
إذا جلستِ في مجلس فيه إمرأة سمينة ، فلا تتكلمي عن الرشاقة ولا
عن متاعب السمنة ولا عن قبح الكرش ، حتى لا تظن انك تقصدينها .
الشهادة :
لا تفتخري بما تحملينه من شهادات ، فليست الشهادة دائمًا دليلاً
على الثقافة الواسعة ، لكن الدليل عليها كلامك وسلوكك .

المطبخ :
إذا دعتك صديقة لتناول الطعام عندها ورأيت أنها مشغولة في إعداد الأكل
فلا تذهبي إليها في المطبخ وتقحمي نفسك في عملها بدعوى مساعدتها ،
إن هذا العمل قد يسبب لها ارتباكًا مع انكِ تقصدين المساعدة ، وبعض
الناس لا يرغبون في أن يتطلع أحد على طريقتهم في الطبخ ،
ولا تذهبي إلا إذا دعتكِ لمساعدتها .

المُسِنّون :
عندما يدخل المجلس أحد كبار السن علينا أن ننهض لاستقباله والحفاوة
به وان نجلسه في افضل مكان ، وإذا أبدى المسن رأيًا يخالف رأيك ،
فتقبلي هذا الرأي بصدر رحب ولا تتبرمي .

آداب النقاش :
يجب النظر في وجه الشخص الذي يتحدث إليكِ حتى يحس باهتمامك
لأنك إذا كنتِ تتلفتينَ يمينًا وشمالاً فهذا يدل على قلة الذوق .

الصوت :
يجب عدم التحدث بصوتٍ عالٍ ولا منخفض ، فالاعتدال افضل .

مقاطعة المتكلّم :
عدم مقاطعة من لا يزال يتكلم فهذه عادة سيئة جدًا جدًا، إلا إذا كان
فيه موضوع خطير يستدعي المقاطعة .

العُلُو :
اطلبي دائمًا العلو والسمو ، فالعلو شيء والتعالي شيء آخر ،
الأول حقيقة والآخر خيال ، وما أجمل العلو إذا صاحبه التواضع


الدقة البلاغية القرآنية التى أعجزت العالم


من أجمل وأعظم ما قرأت
فى الدقة البلاغية القرآنية التى أعجزت العالم
فى اللغة العربية هناك فرق بين كلمتى
 
( الحية ) و( الثعبان )
 
الحية
تطلق على الصغير
 
أما الثعبان
بينما يطلق الثعبان على الكبير المخيف
 
انظروا كيف كانت دقة القرآن التى أعجزت العرب حينما استخدم الكلمتين

الموقف الأول...
عندما كان موسى سائراً بأهله ليلاً فأبصر ناراً وجاء ليستأنس بها فناداه
الله أن يلقي عصاه.
 
{ قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى * فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى }
 
هذا مناسب لسيدنا موسى لأن المطلوب أن يرى معجزة وليس المطلوب
أن يخاف منها، لذلك تحولت العصا إلى حية صغيرة

الموقف الثانى...
عندما ذهب موسى إلى فرعون فطلب منه فرعون الدليل على صدق
رسالته من الله تعالى فألقى موسى عصاه
 
{ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ }
 
فالمطلوب إخافة فرعون لعله يؤمن ويستيقن بصدق موسى
فتحولت هنا إلى ثعبان

الموقف الثالث...
عندما اجتمع السَّحَرة وألقوا حبالهم وعصيّهم وسحروا أعين الناس
فألقى موسى عصاه.
 
{ وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ }
 
لا نجد أي حديث في هذا الموقف عن ثعبان أو حية فلماذا؟
إذا تأملنا الآيات بدقة نجد أن السحرة أوهموا الناس بأن الحبال تتحرك وتسعى،
كما قال تعالى:
 
{ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى }
 
وهنا ليس المطلوب أن يخاف الناس بالثعبان، وليس المطلوب أن تتحول
العصا إلى حية، بل المطلوب أن تتحرك العصا وتلتهم جميع الحبال
والعصِيَ بشكل حقيقي، لإقناع السحرة والناس بأن حبالهم تمثل
السحر والباطل، وعصا موسى تمثل الحق والصدق
ولذلك يقول تعالى:
 
{ فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ* فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ *
وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ }
 
سبحان الله العظيم على الدقة المعجز
حقا لا يمكن احلال كلمة مكان أخرى فى القرآن
 

{ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ }

الاثنين، 30 ديسمبر 2013

القراءات السبع و سبب انتشارها و اشتهارها

أسباب تعدد تعددت قراءات القرآن ورواياته
نظرا لاختلاف الظواهر اللفظية التي أنزل عليها القرآن الكريم فقد تعددت
قراءاته ورواياته، وكثر الناقلون لهذه القراءات، وكان عددهم كبير جدا
في عصر الصحابة والتابعين ثم لم تزل الأمة تنتقي وتختار – وفق ضوابط
علمية عالية لقبول الرواية – من هذه القراءات حتى طغى الاختيار السباعي 
  للقراءات في القرن الثالث الهجري على الاختيارات الأخرى.
 
القراءات هى
وهو ذلك الاختيار المنقول عن سبع من الأئمة الكبار تميزوا بخصائص
إتقان نادرة جعلتهم مؤهلين لأن يكونوا فلكا تنسب إليه القراءات
الصحيحة للقرآن الكريم، وقد تبلورت فكرة الاختيار هذه على يد
الإمام أبي بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد الملقب بـ
( مُسبّع السبعة ) - وهو شيخ قراء زمانه، تلميذ الطبري وشيخ
الدارقطني - الذي ألف عام 300 للهجرة كتابه: " قراءات السبعة "
جمع فيه قراءة: نافع، وابن كثير، وأبي عمرو، وابن عامر، وعاصم،
وحمزة، والكسائي، وهم أئمة قراء الأمصار الخمسة: المدينة، ومكة،
والبصرة، والشام، والكوفة، وقد لاقى هذا العمل قبولًا عند علماء
القراءات، ورواجا كبيرا عند جمهور الأمة .
 
إلى جانب هذا الاختيار للقراءات الصحيحة
عرف عدد آخر من الاختيارات الأخرى:
فأبو حاتم السجستاني (المتوفى سنة 255 هـ)
روى 24 قراءة منها 4 من القراءات السبع و20 قراءة أخرى.
 
وأبو جعفر الطبري (المتوفى سنة 310 هـ) كان له اختيار جمعه
من بين 22 قراءة قرأ بها وضمنها في كتابه القراءات .
 
وروى الإمام الهذلي (المتوفى سنة 465 هـ) في كتابه الكامل
50 قراءة عن الأئمة، و1459 رواية وطريقا .
 
واشتهر كذلك اختيار ابن الجزري (المتوفى سنة 833 هـ) العشري
للقراءات؛ الذي أضاف فيه قراءة ثلاثة من الأئمة المتقنين للقراءات
السبع، وهم أبو جعفر المدني ويعقوب الحضرمي وخلف العاشر
ليصبح العدد الإجمالي للقراءات المتواترة عشر قراءات، ومعظم القراء
ومدارس القراءات في العصر الحديث يعتمدون اختيار ابن مجاهد
مضافا إليه استدراك ابن الجزري؛ فهم يقرؤن بالعشر .
 
بقي الاختيار السباعي للقراءات هو الرائج والمنتشر بين أوساط
المسلمين كافة، حتى ظهرت نصوص من بعض الفقهاء تحصر القراءات
المتواترة في القراءات السبع وتفسر الأحرف السبع التي أنزل عليها
القرآن بأنها السبع القراءات
[انظر: تحفة المحتاج في شرح المنهاج
وحواشي الشرواني والعبادي في الفقه الشافعي ]
 
ولا ريب أنها غير صحيحة لكنها تبين – وبوضوح - أن الأثر الذي وصله
اختيار ابن مجاهد لم يصله أي اختيار آخر، وتوضح إلى أي مدى تغلغل
هذا الاختيار حتى في أوساط المتخصصين والفقهاء ناهيك عن عامة الناس.
 
والذي سنحاول الإجابة عنه في هذه المقالة؛ هو:
أولاً: لماذا جعلت هذه القراءات سبعا؟ ولم تكن ثلاثاً أو أربعاً مثلاً؟!
 
ثانياً: لماذا اختير هؤلاء القراء بأعينهم: ( نافع وابن كثير وأبوعمرو ...)
دون غيرهم؟ ولماذا اختير نافع - مثلا - دون مشايخه الذين اشتهروا
بالإتقان وتواترت قراءتهم مثل أبي جعفر المدني الذي لا نجد قراءته
إلا في الثلاث المتممة للعشر؟!
 
أما عن التساؤل الأول:
وهو لم جعلت هذه القراءات سبعا؟ لم لم تكن أكثر أو أقل؟ فيجيب عنه
الإمام مكي بن أبي طالب القيسي؛ حيث يقول: " الجواب أنها جعلت
سبعا لعلتين: إحداهما: أنعثمان رضي الله عنه كتب سبعة مصاحف،
ووجه بها إلى الأمصار، فدل عدد القراءات على عدد المصاحف .
 
والثانية: أنه جعل عددها على عدد الحروف التي نزل بها القرآن، على أنه 
  لو جعل عددها أكثر أو أقل لم يمنع ذلك، لأن عدد الرواة الموثوق بهم أكثر 
  من أن يحصى، وقد ألف ابن جبير المقري - وكان قبل ابن مجاهد - كتاباً
في القراءات وسماه كتاب الخمسة ذكر فيه خمسة من القراء، وألف غيره
كتابأً وسماه الثمانية وزاد على هؤلاء السبعة يعقوب الحضرمي ... وهذا
باب واسع وإنما الأصل الذي يعتمد عليه في هذا: أن ما صح سنده،
واستقام وجهه في العربية، ووافق لفظه خط المصحف فهو من السبعة
المنصوص عليها، ولو رواه سبعون ألفاً مفترقين أو مجتمعين فهذا
هو الأصل الذي بني عليه من قبول القراءات عن سبعة
أو سبعة آلاف فاعرفه وابن عليه " .
 
ما العلة التي من أجلها اشتهر هؤلاء السبعة بالقراءات ؟
وعن التساؤل الثاني: وهو ما العلة التي من أجلها اشتهر هؤلاء السبعة
بالقراءات دون من هو فوقهم؟ أو من هو في طبقتهم؟ فنسبت إليهم
الأحرف السبعة مجازاً وصاروا من زمانهم إلى وقتنا هذا أشهر من
غيرهم، ممن كان مساو لهم في العلم والإتقان أو هو أفضل منهم
وأعلى رتبة وقدراً وسنداً؟!
 
يجيب عن هذه التساؤلات الدمياطي (تـ 1117هـ):
فيقول: " ... ليعلم أن السبب الداعي إلى أخذ القراءة عن القراء
المشهورين دون غيرهم أنه لما كثر الاختلاف فيما يحتمله رسم
المصاحف العثمانية التي وجه بها عثمان رضي الله عنه إلى الأمصار
( الشام واليمن والبصرة والكوفة ومكة والبحرين )
وحبس بالمدينة واحداً - الذي يقال له الإمام - فصار أهل البدع والأهواء
يقرؤون بما لا يحل تلاوته وفاقاً لبدعتهم، أجمع رأي المسلمين أن يتفقوا
على قراءات أئمة ثقات تجردوا للاعتناء بشأن القرآن العظيم فاختاروا
من كل مصرٍ به مصحف عثماني أئمة مشهورين بالثقة والأمانة في النقل
وحسن الدراية وكمال العلم، أفنوا أعمارهم في القراءة والإقراء، واشتهر
أمهرهم، وأجمع أهل مصرهم على عدالتهم، ولم تخرج قراءتهم عن خط مصحفهم ".
 
ويقول الفضل بن الحسن الطبرسي (تـ 548هـ):
" وإنما اجتمع الناس على قراءة هؤلاء واقتدوا بهم لسببين: 

أحدهما: أنهم تجردوا لقراءة القرآن، واشدت بذلك عنايتهم، مع كثرة
علمهم، ومن كان قبلهم أو في زمنهم ممن نسب إلى القراءة من العلماء
وعدت قراءاتهم في الشواذ لم يتجردوا لذك تجردهم، وكان الغالب على
أولئك الفقه أو الحديث أو غير ذلك من العلوم . 

ثانيهما: أن قراءتهم وجدت مسندة لفظاً أو سماعاً حرفاً حرفاً من أول
القرآن إلى آخره مع ما عرف من فضائلهم وكثرة علمهم بوجوه القرآن".
 
ويقول مكي بن أبي طالب:
" الرواة عن الأئمة من القراء كانوا في العصر الثاني والثالث كثيراً
في العدد، كثيراً في الإختلاف، فأراد الناس في العصر الرابع أن يقتصروا
من القراءات التي توافق المصحف على ما يسهل حفظه، وتنضبط القراءة
به، فنظروا إلى إمام مشهور بالثقة والأمانة في النقل، وحسن الدين
وكمال العلم، واشتهر أمره وأجمع أهل مصره على عدالته فيما نقل،
وثقته فيما قرأ وروى، وعلمه بما يقرئ به، ولم تخرج قراءته عن
خط مصحفهم المنسوب إليهم، فأفردوا من كل مصر وجه إليه عثمان
رضي الله عنه مصحفاً، إماماً هذه صفته وقراءته على مصحف ذلك
المصر، فكان أبو عمرو من أهل البصرة، وحمزة وعاصم من أهل
الكوفة وسوادها، والكسائي من أهل العراق، وابن كثير من أهل مكة،
وابن عامر من أهل الشام، ونافع من أهل المدينة، كلهم ممن اشتهرت
أمانته، وطال عمره في الإقراء، وارتحل الناس إليه من البلدان، ولم يترك
الناس مع هذا النقل ما كان عليه أئمة هؤلاء من الإختلاف ولا القراءة بذلك "
 
ويضيف أبو شامة رحمه الله معللاً:
" وهؤلاء السبعة لزموا القيام بمصحفهم وانتصبوا لقراءته، وتجردوا
لروايته، ولم يشتهروا بغيره، واتبعوا ولم يبتدعوا، وقد كان في وقتهم
جماعة في مصر كل واحد منهم من القَرَاء ولم يجتمعوا عليهم لأجل
مخالفتهم للمصحف في يسير من الحروف ".
 
القراءة و الرواية و الطريق و الوجه :
تجدر الإشارة إلى أن مصطلح القراءات مرتب على أربع مراتب؛ وهي:
القراءة فالرواية فالطريق فالوجه، فالقراءة: هي: ما ينسب إلى إمام من
السبعة أو العشرة أو الأربعة عشرة أو غيرهم؛ كفتح سين:
 
{ مُرْسَاهَا }
[هود: 41]،
 
لعاصم، والرواية: ما ينسب إلى الراوي عن الإمام؛ كإمالة:
 
{ مَجْرَاهَا }
[هود: 41]
 
لحفص عن عاصم، والطريق: ما ينسب إلى مَنْ دون الراوى؛ كإدغام:
 
{ ارْكَبْ مَعَنَا }
[هود: 42]
 
من طريق الهاشمى عن حفص عن عاصم، أما الوجه: فلا ينسب
إلى أحد، إذ هو مخير فيه عند الجميع، كالوقف على
 
{ نَسْتَعِينُ }
[الفاتحة: 5] 
   
بالسكون، أو الروم: وهو الإتيان ببعض الحركة، أو الإشمام: وهو
هنا الإشارة إلى ضمة النون بضم الشفتين من غير صوت .
 
وهنا لا بد من التنبيه إلى
أن إضافة هذه القراءات إلى شخص معين إنما هي إضافة ملازمة
واعتناء واختيار من بين القراءات الواردة، حسب ظروفه لا لأنه
اخترعها، وقد كان بعض السلف يكره أن تنسب القراءة إلى شخص
معين؛ كأن يقال: قراءة فلان؛ لكن دائرة الرواية لما اتسعت، وبَعُدَ
العهد، وتشعبت الأسانيد، وكثُر الرواة احتاج الناس لضبط هذا الشأن
فنسبت القراءات والروايات إلى أشهر من رواها من المحققين الأعلام،
حتى استفاض استخدام هذا اللفظ على لسان السلف - أنفسهم،
عليهم رحمة الله - في الموطإ والصحيحين وغيرهما.
 
وكثيرا ما يستخدم المفسرون مصطلح
" قراءة النبى صلى الله عليه وسلم "  ويعنون به أن أهل الحديث
نقلوها عنه ولم يدونها القراء من طرقهم، وإلا فجميع القراءات

المعمول بها قراءة النبى صلى الله عليه وسلم.