الاثنين، 2 يونيو 2014

ما الفرق بين " ما زالَ " و لا زال " و بين " لا زال " و " لم يزل " ؟؟

يقع الكثيرون في الخلط بين ما زال و لا زال في الكلام ظانين أنهما بمعنى واحد، لذلك تجدهم يضعون كلًا منهما مكان الآخر، مع أن لكل منهما استعماله حسب معناه، وحسب ما يريد المتكلم تبليغه. و زال هنا كلمة تدل على النفي، فإذا سبقتها أداة نفي دلت الجملة على الإثبات؛ لأن نفي النفي إثبات، أو سلب السالب إثبات كما هو متعارف عليه عند أهل المنطق والنحو والبلاغة. ولهذا يرى ابن الانباري في كتابه "الإنصاف" عند حديثه عن ما زال: أن "ما" هنا حرف نفي، بدليل أنا لو قدرنا زوال النفي عنها لما كان الكلام إيجابًا.

و "زال" هنا مع أداة النفي التي قبلها هي التي تعد من النواسخ ولا بد من ذكر معموليها معا لتفيد الاستمرار مع الديمومة كقولنا: "ما زال النهر جاريًا" و "ما زال الجو باردًا" و "ما زال الله سميعًا بصيرًا" وكقول الأعشى :

وما زلتُ أبغي المال مذ أنا يافعٌ ::::: وليدًا وكهلًا حينَ شبتُ وأمردا

وكل جملة مع "ما زال" هي جملة خبرية بدأ حدوثها في الماضي.
 أما إذا قلنا مثلًا: "لا زال حالك ميسورًا" و "لا زالت صحتك جيدة" و "لا زالت كلمتك مسموعة"، ،ومن ذلك قول ذي الرمة :

ألا يا اسلمي يا دار ميّ على البِلى:::::: ولا زال منهلاً بجرعائِكِ القطرُ

فالشاعر يدعو لدار محبوبته بدوام المطر ،وهذا واضح بيّن .

فكل جملة من هذه الجمل هي جملة طلبية تفيد الدعاء أي: أدعو لك بأن تستمر صحتك جيدة وحالك ميسورًا.. الخ. و"لا زال" فيها دعائية. فإذا أردنا الإخبار قلنا "مازال".

مما تقدم يتضح لنا أن الجملة المسبوقة بـ"ما زال" هي جملة اسمية خبرية تحتمل الصدق والكذب. فلو قلت لك: "ما زال الجو حارًا" فيمكن أن تصدقني أو أن تكذبني، أما الجملة المسبوقة ب"لا زال" فهي جملة فعلية إنشائية تفيد الدعاء ولا تحتمل لا صدقًا ولا كذبًا فلو قلت لك: "لا زال عيشك كريمًا"، فلا يصح أن تقول لي: صدقت أو كذبت، لأنني لا أخبر بل أدعو

باختصار:

ما زال: تدَلُّ على الإثبات والثبات والوقوف في الزمن الماضي .
ما يزال: تدَلُّ على الاستمرار والتجدد والديمومة وتوقع الحدث المنتظر في الزمن الحاضر.
لازال: لاينبغي استعمالها للنفي، بل هي للدعاء .
لم يزل: صحيحة الاستعمال وتساوي مازال.

أمّا " لا يزال " فقد وردت كذلك في القرآن , منه قوله تعالى : لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْاْ رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ( التوبة110
وكذلك في الحديث كما في البخاري :

-
حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لاَ يَزَالُ الْعَبْدُ فِي صَلاَةٍ مَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلاَةَ مَا لَمْ يُحْدِثْ"

ولا يزال , لا تفيد الاستمراريّة في الأزمنة الثلاث , بل تفيد الاستمراريّة إلى زمن التكلّم أو إلى وقت ما في المستقبل والدليل ما جاء في الحديث : عند أحمد وابن خزيمة من حديث أبي ذر رفعه: "لا يزال الله مقبلا على العبد في صلاته ما لم يلتفت، فإذا صرف وجهه عنه انصرف "

وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لاَ يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ"

نلحظ أن " لا يزال " لا تفيد الاستمراريّة المطلقة بخلاف " ما يزال "

أمّا " ما يزال " فتفيد الاستمراريّة والديمومة المطلقة كما أسلفنا

فعندما نقول : ما يزال الله غفورا رحيما " تعني أنّ الله متصف بهذه الصفات مطلقا دائما بلا حدود ولا قيود "

أمّا " ما زال " فهي تفيد الاستمراريّة حتى زمن التكلّم , وقد يتغيّر الحال في المستقبل عاجلا أم آجلا
نقول : "ما زال الطالب في الاختبار"

أي أنّه لن يستمر في الاختبار إلى الأبد, بل سيأتي وقت ينتهي من اختباره, فهي بمعنى:
"
لا يزال "

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق