السبت، 8 أبريل 2023

أهمية تعديل نظام نوم الأطفال في رمضان

 أهمية تعديل نظام نوم الأطفال في رمضان


يتزامن شهر رمضان الحالي مع الدراسة، ومن المهم أن يضمن الآباء حصول أطفالهم الصائمين على
قسط كاف من النوم لمساعدة أجسامهم على التكيف مع الصيام، والحفاظ على طاقتهم طوال اليوم.
فمثلاً، من المهم أن يأخذ الأطفال قيلولة خلال اليوم لمساعدتهم على البقاء نشطين جسدياً وعقلياً.
كما ينبغي التأكد من حصولهم على قسط كاف من النوم ليلاً، وذلك بتشجيعهم على النوم مبكراً،
نظراً لأن نومهم سيتقطع من أجل الاستيقاظ لتناول وجبة السحور.
تأثير الصيام على نوم الاطفال في رمضان

يعتبر شهر رمضان وقتاً فريداً لأن الصيام يحدث في ساعات النهار فقط. ولهذا، يحدث تغير كبير في توقيت تناول الوجبات،
مما يساهم في تغيير أنماط النشاط البدني وأنماط النوم لدى الأطفال.
وقد أجري بحث من قبل أكاديمية التغذية ومرض السكري بهدف دراسة تأثير صيام رمضان على الأطفال،
وكان نوم الأطفال في رمضان إحدى المحاور الرئيسية التي درست. وقد أجريت الدراسة بمشاركة 18 طفل
مسلم سليم (من عمر 9 إلى 15 سنة)، وقام الباحثون بإجراء تقييم لهؤلاء الأطفال قبل رمضان،
وخلال رمضان (في الأسبوع الأول والرابع)، وبعد شهر رمضان.
وقد لاحظ الباحثون انخفاضاً في مدة النوم الإجمالية مع مضي أيام رمضان، وهو مشابه للانخفاض الذي يتم
الإبلاغ عنه بشكل شائع من قبل البالغين. كما لوحظ تأخر أو إزاحة في وقت نوم الطفل في رمضان
لمدة ساعة إلى ساعتين في هذه الدراسة، مع التأكيد على أن تقليل
وقت النوم الكلي لمدة ساعتين خلال شهر رمضان لم يؤثر سلباً على كفاءة النوم لدى الأطفال.
ويشار إلى أن العشر الأواخر من رمضان تحمل أهمية أكبر للمسلمين، حيث يقوم المسلمون بأداء الصلوات
والعبادات الأخرى في وقت متأخر من الليل، مما قد يؤدي إلى فقدان وقت النوم الليلي الكلي في الأسبوع الأخير من رمضان.
أما بعد رمضان، فقد بدأت العادات اليومية في العودة إلى أنماط ما قبل رمضان، وبالتالي فقد بدأ إجمالي
وقت النوم في العودة إلى ما كان عليه. وفي الدراسة الحالية، لوحظ استعادة مدة النوم الإجمالية المعتادة تقريباً بعد أسبوعين من انتهاء شهر رمضان.
تنظيم نوم الاطفال في رمضان
يعد النوم الجيد مهماً لصحة الطفل الجسدية والعقلية. ويعتبر روتين وقت النوم والاسترخاء طريقة مهمة لمساعدة الطفل
على الحصول على نوم جيد ليلاً. كما يساعد القيام بنفس خطوات الاسترخاء بنفس الترتيب وفي نفس الوقت
كل ليلة على تعزيز النوم الجيد. ويمكن تنظيم نوم الاطفال في رمضان بالطرق التالية:
يشجع إبقاء الأضواء خافتة جسم الطفل على إنتاج هرمون النوم (هرمون الميلاتونين).
يمكن تشجيع الطفل على القراءة بهدوء، أو الاستماع إلى القرآن، أو قراءة قصة معاً.
كما يمكن أيضاً أن نقترح على الطفل أن يحاول القيام بتمرين التنفس قبل النوم.
نصائح تساعد في نوم الاطفال في رمضان
يمكن أن تؤثر الأجهزة اللوحية والهواتف الذكية وأجهزة التلفزيون وغيرها من الأدوات الإلكترونية على مدى سهولة نوم الأطفال.
فقد يظل الأطفال الأكبر سنًاً مستيقظين لوقت متأخر أو حتى يستيقظون في منتصف الليل لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
ينبغي على الأهل إبقاء غرفة نوم الطفل منطقة خالية من الشاشات، وتشجيع الطفل على التوقف عن استخدام الشاشات
قبل النوم بساعة، وشحن الهاتف الخلوي في غرفة أخرى.
يجب أن تكون غرفة نوم الطفل مظلمة، وهادئة، ومرتبة. كما يجب أن تكون جيدة التهوية، وأن تتراوح درجة حرارتها بين 16 و 20 درجة مئوية.
وينبغي أيضاً وضع بعض الستائر السميكة لحجب الضوء. وإذا كان هناك ضوضاء في الخارج، فينبغي وضع الزجاج المزدوج أو تقديم سدادات أذن للطفل.

الجزء السابع عشر سورة الأنبياء إلى الآية ( 78 ) سورة الحج

الجزء السابع عشر
سورة الأنبياء
إلى الآية ( 78 ) سورة الحج


سورة الأنبياء
أَعُوذُ باللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ

{ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (1)
مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2)
لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ
أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (3)
قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (4)
بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآَيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (5)
مَا آَمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ (6)
وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (7)
وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ (8)
ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْنَاهُمْ وَمَنْ نَشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ (9)
لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (10)
وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آَخَرِينَ (11)
فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ (12)
لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ (13)
قَالُوا يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (14)
فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ (15)
وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (16)
لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ (17)
بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (18)
وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ
وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ (19)
يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20)
أَمِ اتَّخَذُوا آَلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ (21)
لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (22)
لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23)
أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي
بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ (24)
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)
وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26)
لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27)
يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى
وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28)
وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (29)
أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا
وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ (30)
وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا
لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ (31)
وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ (32)
وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (33)
وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ (34)
كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35)
وَإِذَا رَآَكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آَلِهَتَكُمْ
وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ (36)
خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آَيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ (37)
وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38)
لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ
وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (39)
بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (40)
وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ
مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (41)
قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ (42)
أَمْ لَهُمْ آَلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ
وَلَا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ (43)
بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلَاءِ وَآَبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ
أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ (44)
قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ (45)
وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (46)
وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا
وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (47)
وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ (48)
الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (49)
وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (50)
وَلَقَدْ آَتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (51)
إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ (52)
قَالُوا وَجَدْنَا آَبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ (53)
قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (54)
قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ (55)
قَالَ بَل رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ
وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (56)
وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (57)
فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (58)
قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ (59)
قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (60)
قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (61)
قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62)
قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ (63)
فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (64)
ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ (65)
قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (66)
أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (67)
قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آَلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (68)
قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69)
وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70)
وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (71)
وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ (72)
وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ
وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ (73)
وَلُوطًا آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ
إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ (74)
وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (75)
وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (76)
وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا
إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (77)
وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ
وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78)
فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آَتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا
وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79)
وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ (80)
وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا
وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ (81)
وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ (82)
وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83)
فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ
رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84)
وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ (85)
وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ (86)
وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ
فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87)
فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)
وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89)
فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ
إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90)
وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ (91)
إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92)
وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ (93)
فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ (94)
وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ (95)
حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96)
وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا
يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ (97)
إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98)
لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آَلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ (99)
لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ (100)
إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101)
لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ (102)
لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَر وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (103)
يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ
وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (104)
وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105)
إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ (106)
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)
قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (108)
فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آَذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ (109)
إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ (110)
وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (111)
قَالَ رَبِّ احْكُمْ ‎بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (112) }


سورة الحج
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1)
يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا
وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2)
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ (3)
كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (4)
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ
ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ
لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى
ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى
وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا
وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ
وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5)
ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6)
وَأَنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (7)
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (8)
ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ
وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (9)
ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (10)
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ
فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةَ
ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (11)
يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ (12)
يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (13)
إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ
إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (14)
مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ
فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ (15)
وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ (16)
إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا
إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (17)
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ
وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ
وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (18)
هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ
يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (19)
يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (20)
وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (21)
كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (22)
إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ
يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (23)
وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ (24)
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ
سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25)
وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا
وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26)
وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27)
لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ
عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28)
ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29)
ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ
وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ
فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30)
حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ
فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (31)
ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32)
لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (33)
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ
فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ (34)
الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ
وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (35)
وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ
فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا
وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36)
لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ
كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (37)
إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38)
أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39)
الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ
وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ
يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)
الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ
وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41)
وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ (42)
وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (43)
وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (44)
فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا
وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (45)
أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا
فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46)
وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ
وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (47)
وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ (48)
قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (49)
فَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (50)
وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آَيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (51)
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ
فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آَيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52)
لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ
وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53)
وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ
فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (54)
وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً
أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ (55)
الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (56)
وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (57)
وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا
لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (58)
لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ (59)
ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ
إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (60)
ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (61)
ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ
وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (62)
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً
إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (63)
لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (64)
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ
وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (65)
وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ (66)
لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ
وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ (67)
وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ (68)
اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (69)
أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ
إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (70)
وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ
وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ (71)
وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ
يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آَيَاتِنَا
قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (72)
يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ
إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ
وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73)
مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (74)
اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (75)
يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (76)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77)
وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ
مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ
وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ
فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ
فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78) }

صدق الله العلى العظيم

وانتظرونا غداً فى الجزء الثامن عشر إن شاء الله

 

الأطعمة التي كان يتناولها الرسول في إفطاره وسحوره

الأطعمة التي كان يتناولها الرسول في إفطاره وسحوره



السؤال

شرعت في كتابة بعض الأمور المتعلقة بشهر الصوم على حسابي في
الفيسبوك والتويتر، وقد واجهت مسألتين أريد التأكد منهما: سمعت أن النبي
صلى الله عليه وسلم ندبنا إلى أكل التمر وترا عند الإفطار، فهل هذا صحيح
؟ وكم حبة تكون؟ ما هي الأطعمة والأشربة التي كان النبي صلى الله عليه

وسلم

يداوم عليها في السحور والإفطار في شهر رمضان ؟ فعلى حد علمي أنه

كان يأكل الشعير والتمر ويشرب الماء ، وماذا أيضا ؟

أرجو ذكرها مع الدليل .

الجواب
الحمد لله.
أولا :

يستحب للصائم أن يفطر على رطب ، فإن لم يجد فعلى تمر ،

فإن لم يجد فعلى ماء .

وقد ثبت ذلك من فعله صلى الله عليه وسلم .

فروى أبو داود (2356) ، والترمذي (696) عن أنس رضي الله عنه قال:
" كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ ،
فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ، فَعَلَى تَمَرَاتٍ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ

وصححه الألباني في صحيح أبي داود .

قال ابن القيم رحمه الله :

" وَفِي فِطْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الصَّوْمِ على الرطب ، أَوْ عَلَى
التَّمْرِ، أَوِ الْمَاءِ تَدْبِيرٌ لَطِيفٌ جِدًّا، فَإِنَّ الصَّوْمَ يُخَلِّي الْمَعِدَةَ مِنَ الْغِذَاءِ ،
فَلَا تَجِدُ الْكَبِدُ فِيهَا مَا تَجْذِبُهُ وَتُرْسِلُهُ إِلَى الْقُوَى وَالْأَعْضَاءِ، وَالْحُلْوُ أَسْرَعُ
شَيْءٍ وُصُولًا إِلَى الْكَبِدِ ، وَأَحَبُّهُ إِلَيْهَا، وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ رُطَبًا، فَيَشْتَدُّ قَبُولُهَا
لَهُ ، فَتَنْتَفِعُ بِهِ هِيَ وَالْقُوَى ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ، فَالتَّمْرُ لِحَلَاوَتِهِ وَتَغْذِيَتِهِ، فَإِنْ لَمْ
يَكُنْ، فَحَسَوَاتُ الْمَاءِ تُطْفِئُ لَهِيبَ الْمَعِدَةِ، وَحَرَارَةَ الصَّوْمِ، فَتَتَنَبَّهُ بَعْدَهُ لِلطَّعَامِ،

وَتَأْخُذُهُ بِشَهْوَةٍ .
انتهى من زاد المعاد (4/ 287) .

ثانيا :

لم يثبت في السنة أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتقصد أن يفطر على
رطبات أو تمرات وترا ، فيكفي المسلم في اتباع السنة أن يفطر على الرطب

أو التمر ، بغير إحصاء ولا عدّ .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

ليس بواجب -بل ولا سنة- أن يفطر الإنسان على وتر: ثلاث أو خمس
أو سبع أو تسع، إلا يوم العيد ، عيد الفطر، فقد ثبت (أن النبي صلى الله

عليه

وعلى آله وسلم كان لا يغدو للصلاة يوم عيد الفطر حتى يأكل تمرات،
ويأكلهن وتراً) وما سوى ذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يتقصد
أن يكون أكله التمر وتراً انتهى من فتاوى نور على الدرب (11/ 2)

بترقيم الشاملة .

أما حديث أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ أَنْ يُفْطِر
َ عَلَى ثَلَاثِ تَمَرَاتٍ ، أَوْ شَيْءٍ لَمْ تُصِبْهُ النَّارُ فرواه أبو يعلى (3305) ،
فهو حديث ضعيف لا يثبت ، انظر : الضعيفة للألباني (966) .

وهناك من أهل العلم من يستحب الوتر في كل شيء ، وقد سئل الشيخ

صالح الفوزان حفظه الله :

هل الوتر يكون في جميع الأشياء المباحة مثل شرب القهوة وغيرها ،

أم أنه في الأشياء التي ورد فيها النص ؟
فأجاب الشيخ بما ملخصه :

جميع الأقوال والأعمال يستعمل الوتر , هذا من السنة انتهى .

وسئل الشيخ عبد الكريم الخضير حفظه الله :

هل يتعبد لله بالوتر في الأكل والشرب وغيره؟

فأجاب :

نعم ، يتعبد به، فإذا أكل يأكل تمرة ، ثلاث تمرات، سبع، وتر؛

لأن الله يحب الوتر انتهى .

وروى عبد الرزاق (5/ 498) عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : (إِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ) ،
قَالَ أَيُّوبُ: " فَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَسْتَحِبُّ الْوِتْرَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، حَتَّى لَيَأْكُلَ

وِتْرًا " وهذا إسناد صحيح .

والأمر في هذا واسع ، إن شاء الله ، إلا أنه لم يثبت ـ فيما نعلم ـ أن النبي
صلى الله عليه وسلم كان يتحرى الوتر في إفطاره على الرطب أو التمر ،

وإنما قاله من قاله من العلماء اجتهادا .

ثالثا :

كان هدي النبي صلى الله عليه وسلمْ في الطعام - في الصيام أو الإفطار –
هديا قصدا ، لا إسراف فيه ولا تبذير - كما أمر الله تعالى - ولم تكن همته

يوما قط في الطعام ، وإنما هي أكلات يقمن صلبه .

ولم تكن له صلى الله عليه وسلم في الطعام عادة متبعة لا يتخلف عنها ،
أو تفصيل معين يحافظ عليه ، وإنما الحال : إن وجد طعاما يشتهيه أكل ،
وإن لم يجد سكت ، أو وجد طعاما لا يشتهيه لم يأكل ، وربما صام .

ولم يكن يعيب طعاما قط .

وكان يأكل من اللحم والخبز والزيت والعسل واللبن ،

ونحو ذلك مما كان يتيسر أحيانا.

وربما مر به وبآله الشهر ، وراء الشهر ، وليس لهم إلا التمر والماء .
وربما دار بضيفه على بيوت نسائه فلا يجد إلا الماء .

إنما كانت همته صلى الله عليه وسلم ، وهمة أصحابه رضي الله عنهم ،

في أمور الآخرة وأحوال الدين .

والمقصود : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل ما يجد من طعام أهله ،
أو مما يهديه له أصحابه وجيرانه ، دون أن يكون له في ذلك نوع معين من
الطعام ، أو هدي مخصوص ، إلا أنه كان يجعل أول فطره على رطبات

أو تمرات ، فإن لم يجد أفطر على الماء ، كما سبق .

وكذلك كان سحوره صلى الله عليه وسلم ، كان لقيمات يقمن صلبه ، ولم يكن
يتقصد طعاما معينا في السحور ، إلا التمر ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم
مدحه فقال : ( نِعْمَ سَحُورُ الْمُؤْمِنِ التَّمْرُ) رواه أبو داود (2345)

وصححه الألباني في صحيح أبي داود .

والله تعالى أعلم .
المصدر/ مجموع فتاوى ابن باز

 

فى رحاب آية68

 فى رحاب آية68

• قال اللهُ تعالى: ﴿ وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ﴾ [التكوير: 10].
والمراد بالصُّحف: هي الكتب التي كُتِبَتْ فيها أعمالُ العباد،
ونَشْرُها: فَتْحُها بعد أن كانت مطوية؛ كما قال تعالى
﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً
إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ﴾ [الكهف: 49].
وحِكمةُ نشرِها: تُقْرِيعُ العاصي، وتبشِيرُ الطَّائع.

مخاطر الاكتئاب على البشر

مخاطر الاكتئاب على البشر:



كيف عالج النبي الكريم هذه الظاهرة

الإسلام أعطانا تعاليم رائعة جداً لإبعاد الاكتئاب عنا

ومنحنا السعادة والسرور والحياة المطمئنة....



تعاليم الإسلام رائعة جداً في علاج الاكتئاب

فالمؤمن لا يحزن ولا يعرف اليأس وبالتالي لا يعرف الاكتئاب، ونؤكد أن

أهم مسبب للاكتئاب هو البعد عن تعاليم الإسلام. وإليكم أيها الأحبة هذه

الدراسات العلمية حول ظاهرة الاكتئاب الخطيرة وتأثيرها على البشر.



الاكتئاب "مرض العصر" ورابع مسبب للانقطاع عن العمل

مع تزايد ضغوطات العمل ومصاعب الحياة حول العالم، تزداد معدلات

الإصابة بالاكتئاب في المجتمعات الحديثة، والتي قد تؤدي إلى انعزال

المريض عن محيطه وفقدان الاتصال بمن حوله، كما قد تصل به

في الحالات القصوى إلى الانتحار.وتصنف منظمة الصحة العالمية

الاكتئاب حالياً على أنه رابع أكبر مسبب للانقطاع عن العمل في العالم،

وهي ترجح أن يصبح ثاني أكبر مسبب في عام 2020.ويعتبر الطب

الحديث أن أسباب الاكتئاب الأساسية تتوزع بين عوامل جينية وأخرى

اجتماعية، فقد يرث المرء من أهله استعداداً جينياً مسبقاً للإصابة بهذه

المرض، فتظهر عوارضه لديه لدى تعرضه لأي حادث أو عائق

في الحياة.



بينما تفرض الظروف الاجتماعية أحياناً على بعض الأشخاص الوقوع

ضحية الإحباط بسبب الضغوط الهائلة التي يتعرضون لها. ويحدد الأطباء

مجموعة من المؤشرات التي تدل على تعرض المرء للإحباط والاكتئاب،

بينها فقدان الشهية والشعور بالعزلة وفقدان الاهتمام بالمحيط والتعب.

وفي الحالات المتقدمة، يشعر المرضى بأنهم على وشك الجنون، كما

تهاجمهم الوساوس والأفكار السوداء بشكل متواصل دون أن يتمكنوا

من الإفلات منها، بحيث يبدو الموت للبعض وسيلة للخلاص مما هم فيه.

وللمرض انعكاسات جسدية أيضاً، فإلى جانب الشعور بالإرهاق، يميل

المصاب بالاكتئاب إلى الإحساس بآلام في مختلف أنحاء جسده دون

مسببات طبية لها، إلى جانب تبدل نظام النوم.



أما مسببات الإحباط غير الجينية فتتنوع بين

الضغوطات الاجتماعية والإصابة بأمراض مزمنة، حيث يجزم الأطباء

بعدم وجود مسببات أخرى، إلا أن المرضى أحياناً يعجزون عن إدراك

حقيقة ذلك بسبب فقدانهم القدرة على التركيز خلال الاكتئاب.



اكتئاب فترة الحمل يعني أطفالاً أكثر عدوانية

تقول دراسة بريطانية نشرت في مجلة "تطور الطفل" إن إصابة الأمهات

بـ"اكتئاب الحمل" أثناء فترة الحمل قد يضاعف من احتمالات أن يصبح

المولود عدوانياً عند بلوغ سن المراهقة. وعلى الرغم من أن دراسات

سابقة نظرت في تأثير إصابة الأم بالاكتئاب فيما بعد الإنجاب على الطفل،

إلا إن البحث العلمي الأخير الذي نفذه علماء من جامعات كارديف

وبريستول وكينغ كوليدج لندن، هو الأول من نوعه الذي يبرز مدى

تأثر الطفل عند إصابة والدته بالاكتئاب خلال فترة الحمل.



وتصاب العديد من النساء بالاكتئاب في فترة ما قبل وبعد الحمل، إلا أن

بحوثاً حديثة وجدت أن الاكتئاب أكثر شيوعاً في فترة الحمل ذاتها عن

ما بعد الوضع، وأن ما بين 10 في المائة إلى 15 في المائة من النساء

عرضة للإصابة به خلال تلك الفترة.وخلصت الدراسة المطولة إلى أن

أطفال الأمهات اللواتي أصبن بالاكتئاب أثناء فترة الحمل، تتضاعف بينهم

بواقع أربع مرات، احتمالات انتهاج مسلك عدواني عند بلوغ سن 16

عاماً، كما أنهم أكثر عرضة لأشكال أخرى من أشكال السلوك

المعادي للمجتمع.



وكذلك وجدت الدراسة أن

الأمهات اللواتي مررن بفترة مراهقة متوترة وغير مستقرة هن أكثر

عرضة للإصابة بالاكتئاب خلال فترة الحمل.

يقول البروفيسور ديل هاي، من جامعة كارديف، الذي قاد الدراسة:

"الكثير من الاهتمام انصب على تأثير اكتئاب ما بعد الإنجاب على المواليد

الصغار، لكن للاكتئاب أثناء فترة الحمل ربما أيضاً له تأثير على الجنين."



مبادئ الإسلام الرائعة

إن الذي يتأمل تعاليم القرآن وما جاء في أحاديث النبي الكريم ويدرس

شخصية هذا النبي عليه الصلاة والسلام، يرى بأنه لا مكان للاكتئاب

في حياة خير البشر. فوقته كله مليء بالطاعة والذكر والأمل

برحمة الله تعالى ولقائه.



لذلك ليس هناك فراغ أو ضغوط عمل أو حزن أو خوف... بل الحياة مليئة

بالسعادة والعمل الإيجابي والعبادة، ولذلك فإن مسببات الاكتئاب قد عالجها

الإسلام في تعاليمه الرائعة. فالعلماء يؤكدون أن أهم أسباب الاكتئاب هو

اليأس وعدم إيجاد حلول لمشاكل يتعرض لها الإنسان في حياته اليومية.

وعندما تتراكم هذه الهموم وتزدحم المشاكل ولا يجد لها حلاً فإنها تسبب

ضغوطاً نفسية تزداد يوماً بعد يوم حتى تؤدي إلى مرض مزمن هو

الاكتئاب. ولكن المؤمن لديه لكل مشكلة حل، من خلال التوكل على

الله تعالى، لأنه دائم الاطمئنان بذكر الله ورحمته.



كل حال المؤمن خير،

إذا أصابه خير شكر الله تعالى فكان خيراً له، وإذا أصابه ضرّ صبر فكان

خيراً له. وهذه القاعدة النبوية مهمة جداً في علاج الاكتئاب حيث نجد

المؤمن لا يعاني من ضغوط نفسية لأن لديه سلاحين: الصبر والشكر.

لقد أوصى القرآن بعدم الحزن في مواضع متعددة من سوره

فالله تعالى يخاطب المؤمنين بقوله:



{ وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ }

[آل عمران: 139].



فهذه الآية تأمر المؤمنين بألا يحزنوا أو يضعفوا أمام الضغوط التي

يتعرضون لها من أعدائهم، ويؤكد الله لهم أنهم هم الأعلون، ولكن بشرط

أن يكونوا مؤمنين.إن إحساس المؤمن بالقرب من الله تعالى هو أقوى

سلاح في مقاومة الاكتئاب، وهذه هي سيدتنا مريم أثناء حملها يناديها

الله تعالى ويأمرها بأن تقر عينها ولا تحزن:



{ فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا }

[مريم: 24].



فهذه الآية تحوي إشارة إعجازية مهمة.فالخالق عز وجل حذر من خلال

الآية السابقة من خطورة الحزن أثناء الحمل، وأمر مريم عليها السلام

بألا تحزن ثم قال لها:



{ فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا }

[مريم: 26].



وهذا الأمر الإلهي ينبغي على كل أم حامل أن تلتزم به فلا تحزن

ولا تحاول أن تشعر بالقرب من الله تعالى، وأنها ستكون أمّاً لهذا المولود

وأن النبي أوصى بالأمهات في أكثر من حديث في موقف من مواقف النبي

الكريم عندما كان أحد الصحابة الكرام جالساً في مسجد في غير وقت

الصلاة فسأله النبي عن سبب ذلك فأخبره بأنه يعاني من الهم والدين...

طبعاً النبي لم يترك أصحابه هكذا دون إرشاد أو علاج،

فعلمه دعاءعظيماً فقال:



( اللهم إني أعوذ بك من الهمّ والحَزَن، ومن العجز والكسل

ومن الجُبن والبُخل، ومن غَلَبة الدَّين وقهر الرجال )

يقول الصحابي: لم تمض إلا بضعة أيام حتى أذهب الله

عني همّي وقضى عني دَيني... )



سبحان الله!يؤكد العلماء أهمية السعادة والسرور بالنسبة للأم الحامل قبل

وبعد فترة الحمل، ويقولون إن الاكتئاب يؤذي الجنين ويؤثر على سلوكه

في المستقبل. والقرآن لم يغفل عن هاتين الفترتين. فقد أمر سيدتنا مريم

ألا تحزن أثناء حملها بسيدنا المسيح عليه السلام، وكذلك أمر أم موسى

ألا تحزن وذلك بعد ولادة سيدنا موسى عليه السلام، فقال لها:



{ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ }

[القصص: 7]،



وهذه معجزة قرآنية تشهد بصدق هذا الكتاب الكريم.حتى في أشد حالات

الضيق والهمّ، فإن الله يأمرنا بعدم الحزن أو الخوف. فهذا هو سيدنا لوط

عليه السلام عندما ضاق بقومه ذرعاً أرسل الله له ملائكة،

يقول تعالى:



{ وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا

وَقَالُوا لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ

كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ }

[العنكبوت: 33].



وتأملوا معي هذا الأمر الإلهي:



{ لَا تَخَفْ وَلَا تَحْزَنْ }



وكيف بشر الله نبيّه بالنجاة وأمره بألا يخاف أو يحزن وبالتالي هذا أمر

لنا لكي لا نخاف ولا نحزن وبخاصة أثناء المواقف الصعبة لأن الله

سوف ينجينا كما أنجى هؤلاء الأنبياء الكرام.حتى لحظة الموت لم يتركنا

الله تعالى لنواجه هذه اللحظة الحاسمة منفردين أو نواجه المجهول،

بل أخبرنا بأن الملائكة سوف تتنزل على المؤمن وتأمره بعدم الخوف

أو الحزن،

يقول تعالى:



{ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ

أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ }

[فصلت: 30].
ـــــــــــ
بقلم المهندس /عبد الدائم الكحيل

 

فوائد من كتاب الرقائق (82)

 

فوائد من كتاب الرقائق (82)


قال حاتم الأصم رحمه الله: نظرت إلى الناس فإذا كل شخص له محبوب

فإذا وصل إلى القبر فارقه محبوبه فجعلت محبوبي حسناتي لنكون

معي في قبري

قال ابن القيم رحمه الله تعالى: المشاهدة والتجربة شاهدان بذلك فمن عود

لسانه ذكر الله صان لسانه عن الباطل واللغو ومن يبس لسانه عن

ذكر الله ترطب بكل باطل ولغو وفحش ولا حول ولا قوة إلا بالله.

دعاء بالله يقيني - الجزء الثالث381


 

الجمعة، 7 أبريل 2023

مقدار مضاعفة أجور الأعمال الصالحة في رمضان

 

مقدار مضاعفة أجور الأعمال الصالحة في رمضان ؟

السؤال

ما مقدار مضاعفة أجور الأعمال الصالحة في رمضان ؟

الجواب

الحمد لله.

لما كان رمضان بتلك المنزلة العظيمة كان للطاعة فيه فضل عظيم
ومضاعفة كثيرة ، وكان إثم المعاصي فيه أشد وأكبر من إثمها في غيره ،
فالمسلم عليه أن يغتنم هذا الشهر المبارك بالطاعات والأعمال الصالحات
والإقلاع عن السيئات ، عسى الله عز وجل أن يمن عليه بالقبول ويوفقه
للاستقامة على الحق ، ولكن السيئة دائما بمثلها لا تضاعف في العدد لا في
رمضان ولا في غيره ، أما الحسنة فإنها تضاعف بعشر أمثالها إلى أضعاف
كثيرة انتهى من مجموع فتاوى ابن باز (15/447) .

فمضاعفة الحسنة - في رمضان وفي غيره - مضاعفة بالكم والكيف ،
والمراد بالكم : العدد ، فالحسنة تضاعف أكثر من عشرة أمثالها ، والمراد
بالكيف أن ثوابها يعظم ويكثر ، وأما السيئة فمضاعفتها بالكيف فقط

، أي أن إثمها أعظم والعقاب عليها أشد .

ثانيا :

قد ورد الشرع ببيان هذه المضاعفة في بعض الأعمال والأوقات .
ففي ليلة القدر قال الله عز وجل : ( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) القدر/ 3 ،

أي أن العبادة فيها خير من العبادة في ألف شهر .

قال الشيخ السعدي رحمه الله :

أي : تعادل من فضلها ألف شهر ، فالعمل الذي يقع فيها ، خير من العمل
في ألف شهر خالية منها ، وهذا مما تتحير فيه الألباب ، وتندهش له العقول
، حيث مَنَّ تبارك وتعالى على هذه الأمة الضعيفة القوة والقوى ، بليلة يكون
العمل فيها يقابل ويزيد على ألف شهر ، عُمْرُ رجلٍ مُعَمِّرٍ عُمْرًا طويلا نيفا
وثمانين سنة انتهى من تفسير السعدي (ص/931) .
وقد ورد في العمرة في رمضان قول النبي صلى الله عليه وسلم :
( عُمْرَة فِي رَمَضَانَ تَقْضِي [أي تعدل] حَجَّةً أَوْ حَجَّةً مَعِي
رواه البخاري (1863) ، ومسلم (1256) .

وقال القاري رحمه الله :

( تَعْدِلُ حَجَّةً ) أَيْ : تُعَادِلُ وَتُمَاثِلُ فِي الثَّوَابِ انتهى من

مرقاة المفاتيح (5/1742) .

ولا شك أن ثواب الحج يزيد على ثواب العمرة بأضعاف كثيرة ،

فإن الحج أحد أركان الإسلام .
وقد وردت بعض الأحاديث في بيان هذا التفضيل

غير أنها أحاديث ضعيفة لا يحتج بها .

منها حديث :

( يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم ، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر ،
جعل الله صيامه فري ضة، وقيام ليله تطوعا ، من تقرب فيه بخصلة من
الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان

كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه ) .
قال الألباني في الضعيفة (871) : منكر

ووردت آثار عن بعض السلف في مقدار هذه المضاعفة ،
وهي آثار يستأنس بذكرها ، ولا يحتج بها .

ذكر أبو بكر بن أبي مريم عن أشياخه أنهم كانوا يقولون : إذا حضر شهر
رمضان فانبسطوا فيه بالنفقة فإن النفقة فيه مضاعفة كالنفقة في سبيل الله ،

وتسبيحة فيه أفضل من ألف تسبيحة في غيره .

وقال النخعي رحمه الله : صوم يوم من رمضان أفضل من ألف يوم ،
وتسبيحة فيه أفضل من ألف تسبيحة ، وركعة فيه أفضل من ألف ركعة
انتهى من لطائف المعارف لابن رجب (ص/151) .

وروى ابن أبي الدنيا في فضائل رمضان (ص/51) : عن الزهري
قال : تسبيحة في رمضان أفضل من ألف تسبيحة في غيره انتهى .

والحاصل : أن مضاعفة ثواب الأعمال في رمضان لم يأت الشرع ببيانه على
سبيل التفصيل ، وعلى المسلم أن يجتهد في العمل الصالح في رمضان

حتى يحوز تلك الفضائل .
والله أعلم .
المصدر/ مجموع فتاوى ابن باز

أهمية الوضوء وإعجازه

أهمية الوضوء وإعجازه


يكشف العلم أهمية النظافة الشخصية وبخاصة غسل الأيدي بانتظام،

ونقول إن الإسلام منحنا عبادة رائعة هي الوضوء....



يؤكد بحث علمي جديد أن

غسل الأيدي مفيد للإنسان في منحه شعوراً نفسياً طيباً أثناء اتخاذ

القرارات ويكسبهم راحة نفسية. ويقول علماء النفس في جامعة ميشغان

الأمريكية إن هذه الدراسة تبين أن غسل الأيدي يمحو المخاوف ويزيل

الآثار النفسية للأخطاء التي ارتكبها الإنسان.



ولذلك فإن غسل الأيدي يساعد الإنسان على

اتخاذ قرار أكثر دقة وبخاصة القرارات المهمة مثل الزواج أو شراء

بيت أو سيارة أو الدراسة في الخارج هذه الدراسة تتعلق بغسل الأيدي

ولكن الإسلام شرع لنا عبادة أكثر فائدة وهي الوضوء والذي يشمل غسل

الأيدي والوجه والرجلين... ليس مرة أو مرتين بل خمس مرات كل يوم.



لا نملك ونحن نطلع على هذه الحقائق إلا أن نقول: سبحان الله! فالشيء

الذي يلاحظه أي مؤمن محب للعلم والقرآن أن كل ما جاء به القرآن

يصدقه العلم الحديث،



حتى إننا لو فتشنا بين كل الاكتشافات العلمية الجديدة نجد شيئين:

1- كل حقيقة علمية أثبت العلم فائدة فيها نجد أن القرآن قد أمرنا بها!



2- كل حقيقة علمية أثبت العلم ضرراً فيها، نجد أن الله تعالى

قد نهانا عنها!



قرأتُ بحثاً نُشر منذ مدة قصيرة وكتبت عنه ملخصاً وكالة رويترز

(Reuters 2007)، فقد توصلت دراسة إلى أن غسل الأيدي بانتظام

ربما يكون أكثر فعالية من العقاقير في الوقاية من انتشار فيروسات

تصيب الجهاز التنفسي مثل الأنفلونزا والسارس.



وقد نشرت نتائج هذا البحث المجلة الطبية البريطانية



British Medical Journal



وخلص الباحثون من خلال مراجعة 51 دراسة إلى أن أن غسل الأيدي

هي طريقة فعالة على المستوى الفردي في الوقاية من انتشار

الفيروسات التي تصيب الجهاز التنفسي بل إنها أكثر فعالية عند

اتخاذها في آن واحد.



وفي دراسة أخرى نشرتها مجلة



Cochrane Library



وجدوا أن غسل الأيدي بالصابون والماء فقط وسيلة بسيطة وفعالة لكبح

انتشار الفيروسات التي تصيب الجهاز التنفسي بدءاً من فيروسات البرد

اليومية إلى الأنواع المهلكة التي تؤدي إلى انتشار الأوبئة.



وهنا أيها الأحبة نتذكر

لماذا أمرنا الله تعالى أن نبدأ بغسل أيدينا في الوضوء:



{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ

وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ

وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ

أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً

فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ

مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ

وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }

[المائدة: 6].



في هذه الآية الكريمة أمرنا الله تعالى أن نغسل أيدينا حتى المرافق لدرء

أية فيروسات أو جراثيم محتملة، وأمرنا أن نغسل وجوهنا لإبعاد أي آثار

لهذه الجراثيم، وأمرنا أن نمسح رؤوسنا لدرء ما علق فيها من غبار

وأوساخ، وأمرنا كذلك أن نغسل أرجلنا.حتى في حالة غياب الماء لم يتركنا

الله هكذا عرضة للجراثيم والأوساخ والبكتريا الضارة، بل أمرنا أن نتيمم

بالتراب



{ فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا }



وسبحان الله يأتي العلم في أحدث دراسة له ليكتشف أن في التراب

مضادات حيوية تقتل أعند أنواع الجراثيم!!!

ولذلك قال تعالى:



{ فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ }



ويأتي العلماء ليؤكدوا أن أفضل طريقة لتنظيف المسامات الجلدية

في اليدين والوجه والتي تراكمت فيها الدهون والبكتريا والفيروسات

هي أن نمسحها بشيء من التراب!!! وأخبرنا عن الحكمة من ذلك فقال:



{ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ }



فهل هناك أعظم من تعاليم هذا الدين الحنيف؟

ولا نملك إلا أن نقول:


{ رَبَّنَا آَمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ }

[آل عمران: 53].
ـــــــــــ
بقلم المهندس /عبد الدائم الكحيل

 

الجزء السادس عشر من الآية ( 75) من سورة الكهف سورة مريم سورة طه إلى الآية ( 135 )

 

الجزء السادس عشر
من الآية ( 75) من سورة الكهف
سورة مريم
سورة طه إلى الآية ( 135 )


أَعُوذُ باللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ

{ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (75)
قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (76)
فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا
فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ
قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77)
قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (78)
أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ
فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79)
وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80)
فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81)
وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا
وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا
رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (82)
وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83)
إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآَتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84)
فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85)
حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا
قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86)
قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87)
وَأَمَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا (88)
ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (89)
حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا (90)
كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا (91)
ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا (92)
حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93)
قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ
فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94)
قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95)
آَتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ
قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96)
فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97)
قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (98)
وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا (99)
وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا (100)
الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا (101)
أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ
إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا (102)
قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103)
الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104)
أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ
فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105)
ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا (106)
إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107)
خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا (108)
قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي
وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109)
قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ
فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110) }

سورة مريم
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

{ كهيعص (1)
ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2)
إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3)
قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4)
وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5)
يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6)
يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7)
قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (8)
قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (9)
قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آَيَةً قَالَ آَيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (10)
فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (11)
يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12)
وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (13)
وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا (14)
وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (15)
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16)
فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17)
قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (18)
قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19)
قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (20)
قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا
وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا (21)
فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22)
فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ
قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (23)
فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (24)
وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (25)
فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا
فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (26)
فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27)
يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28)
فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29)
قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30)
وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ‎وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31)
وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32)
وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33)
ذَلِكَ عيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34)
مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35)
وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (36)
فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (37)
أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (38)
وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (39)
إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ (40)
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (41)
إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42)
يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43)
يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44)
يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45)
قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آَلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (46)
قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (47)
وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ
وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا (48)
فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ
وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (49)
وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا (50)
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (51)
وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (52)
وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا (53)
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54)
وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (55)
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (56)
وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (57)
أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آَدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ
وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا
إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58)
فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59)
إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (60)
جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61)
لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (62)
تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا (63)
وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ
وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (64)
رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (65)
وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (66)
أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (67)
فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68)
ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (69)
ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (70)
وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (71)
ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (72)
وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا
أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (73)
وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (74)
قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ
إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا (75)
وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى
وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا (76)
أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآَيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77)
أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (78)
كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (79)
وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا (80)
وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (81)
كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (82)
أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (83)
فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (84)
يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85)
وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (86)
لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (87)
وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88)
لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89)
تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90)
أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91)
وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92)
إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93)
لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94)
وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (95)
إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا (96)
فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا (97)
وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا (98) }

سورة طه

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

{ طه (1)
مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى (2)
إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (3)
تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَا (4)
الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)
لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (6)
وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7)
اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى (8)
وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9)
إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا
لَعَلِّي آَتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10)
فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى (11)
إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12)
وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13)
إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14)
إِنَّ السَّاعَةَ آَتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15)
فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16)
وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (17)
قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآَرِبُ أُخْرَى (18)
قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى (19)
فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20)
قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى (21)
وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آَيَةً أُخْرَى (22)
لِنُرِيَكَ مِنْ آَيَاتِنَا الْكُبْرَى (23)
اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (24)
قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25)
وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26)
وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27)
يَفْقَهُوا قَوْلِي (28)
وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29)
هَارُونَ أَخِي (30)
اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31)
وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32)
كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33)
وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34)
إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا (35)
قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى (36)
وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى (37)
إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى (38)
أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ
يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39)
إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ
فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ
وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى (40)
وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (41)
اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآَيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (42)
اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43)
فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)
قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (45)
قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46)
فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ
قَدْ جِئْنَاكَ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى (47)
إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (48)
قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى (49)
قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50)
قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى (51)
قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى (52)
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا
وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى (53)
كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (54)
مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (55)
وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آَيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى (56)
قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى (57)
فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَا نُخْلِفُهُ
نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى (58)
قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى (59)
فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى (60)
قَالَ لَهُمْ مُوسَى وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ
وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى (61)
فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى (62)
قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا
وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى (63)
فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى (64)
قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (65)
قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (66)
فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (67)
قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى (68)
وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ
وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى (69)
فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (70)
قَالَ آَمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آَذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ
فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ
وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71)
قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ
وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72)
إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (73)
إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا (74)
وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا (75)
جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (76)
وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي
فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى (77)
فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (78)
وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى (79)
يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ
وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى (80)
كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي
وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى (81)
وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (82)
وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى (83)
قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84)
قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85)
فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا
أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (86)
قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ
فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (87)
فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ (88)
أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا (89)
وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ
وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90)
قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى (91)
قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92)
أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93)
قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي
إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94)
قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ (95)
قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا
وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (96)
قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ
وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97)
إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا (98)
كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آَتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا (99)
مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا (100)
خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا (101)
يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا (102)
يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا (103)
نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا (104)
وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا (105)
فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا (106)
لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا (107)
يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ
فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا (108)
يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا (109)
يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (110)
وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا (111)
وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا (112)
وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ
لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا (113)
فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآَنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ
وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114)
وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا (115)
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى (116)
فَقُلْنَا يَا آَدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117)
إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118)
وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (119)
فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (120)
فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآَتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ
وَعَصَى آَدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121)
ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122)
قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى
فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123)
وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)
قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125)
قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126)
وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآَيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127)
أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (128)
وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى (129)
فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا
وَمِنْ آَنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى (130)
وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ
زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131)
وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا
لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (132)
وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى (133)
وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا
فَنَتَّبِعَ آَيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى (134)
قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى (135) }

صدق الله العلى العظيم

وانتظرونا غداً فى الجزء السابع عشر إن شاء الله

فى رحاب آية67

 فى رحاب آية67

• قال الله تعالى: ﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ﴾ [التكوير: 8، 9].
قال ابنُ كثيرٍ - رحمه الله: (هكذا قراءة الجمهور: ﴿ سُئِلَتْ ﴾. والموءودةُ: هي التي كان أهلُ الجاهلية يَدُسُّونها في التراب كراهيةَ البنات،
فيومَ القيامةِ تَسأَلُ المَوءودةُ عن أيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ؛ لِيَكُون ذلك تهديداً لِقَاتِلِها، فإذا سُئِلَ المظلومُ فما ظَنُّ الظالمِ إذاً؟).
فالموءودةُ تُسأل؛ لِتَبْكِيتِ قاتِلِها، وإظهارِ الغيظِ عليه، حتى كأنه لا يستحقُّ أنْ يُخاطَب، ولتوبيخِ قاتِلِها أشدَّ التوبيخ؛
كما وَرَدَ من تبكيتٍ للنصارى في قوله تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾ [المائدة: 116].
وكما ورد أيضاً من تبكيتٍ للمشركين في قوله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلاَئِكَةِ أَهَؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ ﴾ [سبأ: 40].
ومن العلماء مَنْ قرأها: ﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سَأَلَتْ ﴾ أي: سألَتْ قَتَلَتَها عن سبب قَتْلِهم لها، وطالَبتْ بِدَمِها.

فوائد من كتاب الرقائق (81)

 فوائد من كتاب الرقائق (81)


قال الحسن البصري رحمه الله تعالى:

ابن آدم إياك والتسويف فإنك بيومك ولست بغد فإن يكن غد لك فكن

في غد كما كنت في اليوم وإلا يكن لك لم تندم على ما فرطت في اليوم

قال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه:

إذا كان العبد في صلاته فإنه يقرع باب الملك وأنه من يدأب

قرع باب الملك يوشك أن يفتح له.

استراتيجية لمكافحة العطش في رمضان

 

استراتيجية لمكافحة العطش في رمضان


ينصح بالتقليل من تناول بعض الأطعمة والمشروبات التي تزيد العطش، وزيادة تناول الأطعمة والمشروبات التي تكافحه
و ترطب الجسم، وخصوصاً المشروبات الرمضانية المميزة التي تقي من العطش
أطعمة ومشروبات تكافح العطش في رمضان
قد يتساءل كثيرون عن اكلات تمنع العطش، وفي الواقع يوجد العديد من الأطعمة والمشروبات التي تساعد على الصيام، مثل:
الماء: يعد الماء المشروب الأفضل لمكافحة العطش في رمضان، والذي لا يمكن تعويضه بأي مشروب آخر،
وذلك لأن غيره من المشروبات قد تحتوي على الكثير من السكر، الذي يدفع الفرد إلى تناول المزيد من السعرات
الحرارية غير الضرورية، كما أنها قد تملأ المعدة وتؤخر عملية الهضم، مما قد يسبب ألم في المعدة، وزيادة وزن،
والشعور بالانتفاخ، ولا بد من الإشارة إلى ضرورة إغلاق زجاجة الماء بعد الشرب منها، وذلك لأن البكتيريا الموجودة في الهواء
وفي الفم قد تكون ضارة وتسبب عدوى، كما من المهم غسل زجاجة الماء بالماء الساخن والصابون
في حال استخدامها مرة أخرى وتغييرها من حين لآخر.
السوائل بكافة أنواعها: من الضروري اختيار العصائر الطبيعية والطازجة والتي تحتوي على الفيتامينات والأملاح المعدنية،
والابتعاد عن تلك التي تحتوي على الألوان الصناعية والسكر.
الفواكه والخضروات الطازجة: تحتوي الخضراوات والفواكه على كميات كبيرة من الماء والألياف،
التي تبقى لوقت طويل في الجهاز الهضمي، مما يقلل الإحساس بالجوع والعطش،
ولذلك يفضل تناولها على وجبة السحور، وخصوصاً الخيار، والبطاطا، والبندورة، والبرتقال، والبطيخ، والشمام.
أطعمة ومشروبات يجب الابتعاد عنها لمكافحة العطش
يجب الابتعاد عن الأطعمة والمشروبات التالية أثناء فترة الإفطار في رمضان لتجنب العطش أثناء فترة الصيام:
الملح: يتسبب تناول الأطعمة التي تحتوي على كميات كبيرة من الأملاح باحتباس السوائل، مما يزيد حاجة الجسم للماء،
لذلك ينصح بالابتعاد عن إضافة الكثير من الملح إلى الطعام، والابتعاد عن المالح منه كالمخللات على سبيل المثال،
وينصح باستبدال الملح بقليل من الليمون.
التوابل: عادة ما يحتاج تناول الأطعمة التي تحتوي على الكثير من البهارات والتوابل، إلى شرب كميات كبيرة من الماء بعد تناولها،
وذلك لأنها تمتص الماء من الجسم أثناء تناولها وهضمها، مما يؤدي للشعور بالعطش، ولذلك يجب على الصائم تجنب تناول هذه الأطعمة،
وعدم إضافة الكثير منها إلى الطعام، وخصوصاً على وجبة السحور.
المنبهات: تحتوي المنبهات كالشاي والقهوة على الكافيين، الذي يزيد نشاط الكلى وإفراز البول من الجسم،
مما يزيد كمية الماء التي يخسرها الجسم أيضاً، ولذلك ينصح بالتخفيف منها عند الصيام.
المشروبات الغازية: تحتوي المشروبات الغازية على الكربون الذي يشعر الشخص بالامتلاء والنفخة،
ويمنعه عن المشروبات الأخرى، لذلك يجب الامتناع عن شربه خلال شهر رمضان، وخصوصاً على وجبة الإفطار.

نصائح لمكافحة العطش في رمضان

يوجد العديد من طرق تخفيف العطش في رمضان، وينصح باتباع النصائح التالية:
ينصح بشرب ما لا يقل عن 8 أكواب من الماء موزعة ما بين الإفطار والسحور، وزيادة شرب الماء في حال ممارسة التمارين الرياضية،
إذ يفقد الجسم المزيد من الماء عبر التعرق.
ينصح بتجنب شرب كمية كبيرة من الماء دفعة واحدة، أو خلال تناول وجبة الطعام، وتوزيع شرب الماء على فترات، وبين الوجبات.
من الممكن تأخير وجبة السحور لما بعد منتصف الليل، وذلك لتخفيف العطش اثناء الصيام.
يجب على الشخص الصائم تجنب التعرض لأشعة الشمس المباشرة ولفترات طويلة.

دعاء بالله يقيني - الجزء الثالث380


 

الخميس، 6 أبريل 2023

إرسال صور الماء والعصائر والطعام للصائم ليتحسر

إرسال صور الماء والعصائر والطعام للصائم ليتحسر



السؤال

انتشرت رسائل في وسائل التواصل الاجتماعي بقصد المزاح فيها صور ،
أو مقاطع للماء البارد ، والمشروبات ، والأكلات المشهية للصائمين

أثناء الصيام ؛ ليتحسروا، فهل يأثم من يفعل ذلك ،
أم هو من المزاح المباح شرعا ؟

الجواب
الحمد لله.

الصائم ممنوع من الأكل والشرب في النهار، وينبغي أن يفعل ذلك لله ،

محتسبا الأجر عنده.
قال تعالى:

( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ

ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) البقرة/187 .

وروى البخاري (7492) ، ومسلم (1151) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

(يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ

وَأَكْلَهُ وَشُرْبَهُ مِنْ أَجْلِي).

فعرض صور الطعام والشراب على الصائم، لتحسيره، أو إضعاف نيته، أو
تزيين الفطر له، عمل محرم مضاد لمراد الشارع، وهو من صنع إبليس
الذي يقعد للمؤمن بكل صراط ليصده عن الحق، كما قال الله عنه:
(وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ) النمل/24،
وقال: (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ
أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ)

الأعراف/16، 17 .

وإذا كان هذا الصنيع محرما، فإن فعله على جهة المزاح مكروه، ولا ينبغي،
بل ينبغي تعظيم شعائر الله ، ومعرفة قدر الفريضة وشرفها، والحث والإعانة
عليها، وربما أغرت هذه الصور ضعاف الإيمان بالفطر، فيبوء المازح

بإثم ذلك.

وإن أريد تحسير الصائم حقيقة، أي ليشعر بالحسرة كونه محروما من هذا
الطعام الشهي، أو كان لإضعاف نيته أو تزيين الفطر له، فهو عمل محرم
لمضادته لمراد الشارع كما تقدم، ولما فيه من الدعوة للإثم والمعصية.

والله أعلم.

المصدر/ مجموع فتاوى ابن باز

 

الإعجاز التشريعي في أطول آية من القرآن

 

الإعجاز التشريعي في أطول آية من القرآن


إنها آية "الدَّيْن" أطول آية في القرآن الكريم تحدث فيها

المولى تبارك وتعالى عن القوانين التي تنظم العمليات التجارية

بين الناس وهذا سبق قرآني مهم في علم القانون ....



يتميز كتاب الله عز وجل بأنه كتاب صالح لكل زمان ومكان، ولذلك فهو

شامل لكل العلوم التي يحتاجها الإنسان في حياته، ومنها علم القانون

والقضاء، وربما نعجب إذا علمنا أن معظم القوانين الوضعية التي يفتخر

رجال القانون باكتشافها ووضعها، معظمها موجود في كتاب الله تعالى،

ومن هذه القوانين ما ينظم شؤون الدين والعقود والبيع والشراء،

أو ما يسمى بنظام الكاتب بالعدل.



وإذا ما تأملنا اليوم هذا النظام نرى

بأنه يتضمن العديد من القوانين وجميعها موجود في القرآن ولكن بصورة

أكثر بلاغة ووضوحاً. وسوف نعدد بعضاً من الأنظمة التي وضعها رجال

القانون في فرنسا منذ أكثر من قرنين، وأخذتها معظم الدول العربية فيما

بعد على أنها نتاج الحضارة الغربية "المتقدمة" ثم تبيّن بعد ذلك أن هذه

القوانين هي ذاتها في كتاب الله تبارك وتعالى!والذي يثير العجب أن

الله تعالى جمع كل هذه المعاملات في آية واحدة من القرآن وهي آية

الدَّين وهي أطول آية في كتاب الله تبارك وتعالى، لنتأمل هذه المعجزات

التشريعية الرائعة.



1- نظام التوثيق

في القرن السابع الميلادي لم يكن مألوفاً لدى العرب أو لدى الأمم

من حولهم عملية توثيق البيع والشراء. فقد كانت العمليات التجارية

تتم عشوائياً من دون أي تنظيم، إلا في حدود ضيقة جداً. وبقي الوضع

على ما هو عليه حتى جاء الإسلام عندما أمر النبي صلى الله عليه وسلم

بتوثيق العمليات التجارية بين الناس.وبالطبع لم يأت النبي بهذا النظام

من تلقاء نفسه،

بل بأمر إلهي في قوله تعالى:



{ إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ }

[البقرة: 282]



ولذلك يمكن القول بأن أول تنظيم للعمليات التجارية تم في العهد

الإسلامي. وفي العصر الحديث جاءت الثورة الفرنسية، وبدأت بعدها

صياغة مجموعة من القوانين التي تنظم العمليات التجارية، والعجيب

أن هذه القوانين ذاتها موجودة في القرآن العظيم!



2- نظام الكاتب بالعدل

هذا النظام لم يكن معروفاً في الدول المتقدمة إلا حديثاً، ثم أخذته الدول

العربية منها، ونسينا بأن هذا النظام موجود في القرآن الكريم قبل

أربعة عشر قرناً في قوله تعالى:



{ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ }



ولذلك يجب القول بأن نظام الكاتب بالعدل والذي يهدف لتوثيق عمليات

البيع والشراء بين الناس، هو نظام قرآني وليس نظاماً غربياً!

ثم إن القرآن أمر بكتابة كافة التفاصيل في العَقد، وكتابة العقود فنّ قائم

بذاته، لأن كلمة واحدة قد تغير مضمون العقد بشكل كامل، ولذلك فإن

القوانين الحديثة تقول بأنه ينبغي كتابة كل التفاصيل صغيرة أو كبيرة،

وهذا ما أشار إليه القرآن بقول تعالى:



{ وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ }



انظروا معي كيف تحدد هذه الآية الأجل أو المدة في العقد، ويقول خبراء

القانون، إن أهم ركن من أركان العقد هو الأجل أو مدة العقد أو زمن

تسديد الدين!



القوانين الحديثة تقول

بأنه ينبغي على الكاتب بالعدل أن يكتب الحقيقة كاملة ولا يتواطأ مع أحد

الفريقين على حساب الآخر، وهذا ما أكده القرآن ولم يغفل عنه

بقوله تعالى:



{ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ }



كذلك تقول القوانين الحديثة إنه يجب الإقرار من قبل كلا الطرفين وبخاصة

الطرف الدائن أو البائع أو صاحب السلعة، وأن يكون الإقرار واضحاً

لا لبس فيه، والعجيب أن القرآن ذكر هذا الأمر أيضاً،

يقول تعالى:



{ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ }



"يملل" أي يردد العبارات التي تفيد بأنه موافق على عملية الدين

أو البيع.



3- نظام الوليّ والوكالة

هناك أشخاص ليس لديهم القدرة على البيع والشراء وليسوا مؤهلين

قانونياً لمثل هذه العمليات، ومنهم الأطفال والمصابين بأمراض عقلية

وهؤلاء أجاز لهم القانون اتخاذ ولي أو وكيل لهم ينوب عنهم في العقد.

والقرآن أيضاً لم ينسَ ذلك

وقد ذكر هذا الأمر بقوله تعالى:



{ فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ

أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْل }



وتأملوا معي التأكيد القرآني على العدل دائماً



{ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْل }



لأن العدل أساس النظام القضائي الناجح.بالنسبة لقوانين الوكالات

في البلاد العربية فإن هذا النظام مأخوذ بالكامل من القوانين الفرنسية

والغربية، حيث أن الناس اليوم ليس لديهم خبرة في أمور القانون

فيلجأون إلى محامٍ ينوب عنهم في متابعة القضية التجارية أو غيرها،

مع العلم أن القرآن قد طرح هذا التشريع قبل 1400 سنة،

وذلك من خلال قوله تعالى:



{ أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ }



فالولي أو الوكيل هو الشخص الذي ينوب عن صاحب العلاقة الأصلي،

وهو ما نسميه بالوكالة.



4- نظام الشهود

نظام الشهادة مهم جداً لحل أي نزاع قانوني ينشأ بين المتخاصمين، وقد

تم تطوير هذا النظام عبر السنين حيث تم وضع ضوابط تنظم عمل الشهود

والعجيب أن القرآن طرح هذا التشريع بل وأمر به وهو أن يكون هناك

شهود على أي عملية تجارية، ونظام الشهود معروف في القوانين

الغربية، ويعتبرونه من إنجازاتهم، مع العلم أن القرآن قد سبقهم إلى هذا

الأمر قبل ذلك بزمن طويل.

يقول تعالى:



{ وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ }



ثم يقول بعد ذلك محدداً عدد الشهود اللازم، ولضمان عدم كذب الشاهد:



{ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ }



وهنا تجدر الإشارة إلى أن القرآن ميز بين الرجل والمرأة، فالشهادة

عملية دقيقة وحساسة ويتوقف عليها مصالح الناس، وبالتالي فإن شهادة

المرأة الواحدة لا تكفي لا بد من امرأتين،



{ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ }



لماذا؟ ببساطة دماغ المرأة أصغر من دماغ الرجل بنسبة 10 % على

الأقل، وكفاءة دماغ المرأة في عمليات التذكر واستحضار المعلومات

وسرعة معالجتها أقل من الرجل، وهذه حقيقة علمية سبق القرآن إليها!

ولذلك قال تعالى:



{ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى }



كذلك فإن القوانين الحديثة تؤكد على ضرورة امتثال الشاهد للشهادة أمام

القاضي، ولا يجوز له أن يتخلف عنها، ويؤكدون أن ذلك ضروري

من أجل نجاح القضاء وتحقيق العدالة. العجيب يا أحبتي أن القرآن

لم يغفل ذلك!!

يقول تعالى:



{ وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا }



كذلك حدد القرآن نوعية الشهود وأن يكونوا صادقين:



{ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ }



وهذا ما تقول به القوانين الحديثة، حيث يطلب القاضي أن يكون الشاهد

عدلاً صادقاً، ولا تُقبل شهادة الكاذب أو الذي اشتهر بالكذب.



5- نظام التجارة الحاضرة

يقول خبراء القانون: ليس ضرورياً كتابة كل شيء في العمليات التجارية

الجارية، حيث يتعذر على التاجر أن يكتب العمليات التي تتم بالبيع نقداً

دون أجل، وبالتالي فإن ذلك يسهل الكثير من العمليات التجارية الجارية،

والعجيب أن القرآن قد أشار إلى ذلك ولم يغفل عنه،

يقول تعالى:



{ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ }



فمثل هذا النوع من أنواع البيع والشراء ليس ضرورياً أن يكتب

أو يوثق،

قال تعالى بعد ذلك:



{ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا }



ولذلك فإن القرآن وضع أساساً للعمليات التجارية.والقرآن يؤكد دائماً

على نقطة لا نجدها في القوانين الوضعية، وهي أن الله تعالى يعلم كل

شيء، ويعلم ما في النفوس،

ولذلك قال:



{ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }



وهذا أسلوب نفسي رائع لضمان تطبيق هذه القوانين وعدم التلاعب

فيها، أو التحايل على القانون كما نراه اليوم. فعندما تدرك أيها البائع

أو أيها المشتري أن الله يعلم ما تفكر به، ويعلم نيَّتك وسوف يحاسبك

عليها، والعقوبة ستكون نار جهنم، عندها لابد أن تنضبط وتطبق ما أمرك

الله تعالى به، وهنا تتجلى روعة هذه القوانين الإلهية.



6- نظام الرهن

هناك نظام مهم في العمليات التجارية هو الرهن، وربما نتذكر الأزمة

المالية العالمية وأحد أسبابها إساءة هذا النظام، وعقد صفقات وهمية

مع البنوك، مما أدى إلى انهيار النظام المالي العالمي. هذا الرهن تحدث

عنه القرآن ونظّمه

بقوله تعالى:



{ فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ }



ولذلك فإن القرآن سبق القانونيين في الغرب إلى مثل هذا النظام، ولم

يكتف بذلك (كما تفعل البنوك اليوم) بل أمر بأداء الأمانة

بقوله تعالى:



{ فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ }



وسبحان الله! لو تأملنا معظم الدعاوى والشكاوى في المحاكم وجدناها

تحت بند "إساءة الأمانة"، ولو أن الناس طبقوا هذه الآية لزالت كل

المشاكل والقضايا التي تساهم في دمار الاقتصاد العالمي.



7- نظام حماية الشهود وعقوبة الشهادة الكاذبة

يؤكد المشرعون حديثاً على ضرورة الاهتمام بموضوع حماية الشهود،

وهذا الموضوع أخذ مساحة كبيرة من المؤتمرات والمناقشات بهدف

تحسين حماية الشهود، حتى إن بعض القانونيين يعتبرون أن النظام

القضائي لن يكون ناجحاً من دون تأمين الحماية الكافية للشهود،

وعدم خوفهم من بطش أحد الفريقين المتخاصمين.



ربما نعجب أن هذه الآية العظيمة لم تغفل هذا الجانب المهم، بل أضافت له

جانباً مهماً وهو حماية الكاتب بالعدل أيضاً،

ولذلك قال تعالى:



{ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ }



وحذر من خطورة الإضرار بالشهود أو بالكاتب، فقال:



{ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ }



ومثل هذه التعاليم تجد صدى كبيراً في النفس البشرية. ولكن الشاهد

أحياناً لا يقول الحقيقة كاملة، وهذا يحدث كثيراً في المحاكم،

فهل نسي القرآن هذا الأمر المهم؟



بالطبع الله لا ينسى أي شيء، كيف ينسى وهو خالق كل شيء عز وجل،

ولذلك قال:



{ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ }



فهذا أمر صريح بضرورة قول الحقيقة كاملة، وانظروا كيف أن الله تعالى

أمر باتخاذ الشهود، ونظم عملهم وأمر بحمايتهم وأمرهم بقول الحقيقة،

وهذا ما نجده في القوانين الحديثة.



أطول آية في القرآن

والآن نأتي إلى النص الكريم الذي ينظم هذه العلاقات ويعطي كل ذي حق حقه،

يقول تعالى:



{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ

وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ

فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا

فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ

فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ

فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا

فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا

أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ

وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ

فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ

وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ

وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا

فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ

وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ

وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ }

[البقرة: 282-283].



هناك شيء ملفت للانتباه في هذه الآية العظيمة، وهي موضوع التقوى

الذي تكرر ثلاث مرات:

في قوله تعالى:



{ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا }



أمر إلهي بالتقوى وأن الله يراك ويرقبك، ولذلك إياك أيها المشتري أن

تأخذ ما ليس لك، أو تنقص من قيمة البضاعة بل أعط صاحبها حقه كاملاً.

وقوله



{ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ }



وهنا أمر إليه بالتقوى للجميع (الكاتب والشهود والبائع والمشتري).

وقوله



{ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ }



أمر بالتقوى وعدم كتمان الشهادة. ولكن ماذا يعني ذلك؟إن مشكلة

القوانين الوضعية أنه عند غياب الرقيب، فلا توجد وسيلة فعالة تمنع

الإنسان من الخطأ أو الغش أو إساءة الأمانة، ولكن القرآن جعلك تشعر

بمراقبة الله لك في كل لحظة، وهنا ضمن التطبيق العملي للقوانين

حتى أثناء غياب الرقابة عليه، وهذه هي عظمة التشريعات الإلهية.

كذلك يؤكد خبراء القانون أن وضع القانون لا يكفي إنما ينبغي وضع

الآلية التي تضمن تطبيق القوانين، مثل دراسة جدوى هذه القوانين

وفائدتها وانعكاساتها على المجتمع، والعجيب أن القرآن لم يغفل هذه

الناحية الهامة، ولم يضع القوانين من دون هدف وحكمة وتوجيه،

بل وضع التوجيهات اللازمة والتي تضمن تطبيق هذه القوانين، ولذلك

فقد وضع لنا الله ثلاثة أهداف من هذه القوانين

وهي في قوله تعالى:



{ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا }



1-{ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ }



انظروا معي كيف يضع القرآن دائماً وفي مقدمة الأهداف، التوجه إلى الله تعالى

فقبل كل شيء، يجب أن تشعر بمراقبة الله لك، وعندما تحقق ذلك فإنه

يستحيل أن تخون الأمانة أو تغش أو تبخس الآخرين حقوقهم، وهذا

ما لم تحققه القوانين الوضعية التي "تهمل" وجود خالق عظيم يتصرف

بهذا الكون، ولذلك نرى بأن تطبيق القوانين الوضعية يكون ضعيفاً،

وغالباً ما تخضع لتعديلات وإضافات مستمرة، على عكس القوانين

الإلهية الثابتة.



2- { وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ }



هذا الهدف يحدد الطريقة المثالية للتعامل من خلال توضيح الشهادة، حيث

أن معظم النزاعات التجارية التي نراها اليوم، تحدث نتيجة غموض العقد

والتباس ذلك على الشهود، ولكن القرآن كان حريصاً على التدقيق على

هذه النقطة، أي ضرورة إحكام الشهادة ووضوحها وتوثيقها، وضمان

عدم الالتباس والابتعاد عن الأخطاء.



3-{ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا }



هذا الهدف مهم جداً لدفع أية شبهة أو خطأ أو ارتياب. ويقول القانونيون

والمشرعون، من الضروري جداً أن تتم كتابة العقد بوضوح كامل مراعية

كل التفاصيل، وأن يتم دفع أي ارتياب يمكن أن يحدث. ونقول

أليس هذا ما أمر به القرآن؟



النظام القرآني للعمليات التجارية يتميز بأنه صادر من الله تعالى،

ولذلك فإنه يمثل أمراً إلهياً من تركه فقد أثم، ومن فعله أخذ الأجر

والثواب، وهذا لا نجده في القوانين الوضعية التي جاءت فقط

لحماية الحقوق.



قد يقول قائل كيف يمكن بكلمات قليلة أن نختصر كتب القانون

التي تملأ المكتبات والجامعات؟

ونقول إن المسلمين بفضل هذه التعليمات القليلة بكلماتها ولكنها عظيمة

بأثرها، استطاعوا أن يفتحوا العالم وأن يحقوا العدل بشكل لم يحققه أحد

على مر العصور!! وهذا يدل على أثر تعاليم القرآن على الناس، ولكننا

عندما ابتعدنا عن هذا الكتاب وعن تعاليم الخالق عز وجل، ركبتنا الهموم

وأصبحنا أكثر الأمم تخلفاً: غثاء كغثاء السيل!!



وقد يقول آخر:

هناك العديد من القوانين في شريعة حمورابي والقوانين الرومانية

والقوانين التي كانت سائدة في حضارة الصين والهند وغيرها قبل

الإسلام، ونقول: إن هذه القوانين كانت مزيجاً من الصواب والخطأ،

بل هذه القوانين كانت تعطي الحصانة المطلقة للملك أو الإمبراطور،

والذي فعله الإسلام أنه صحح القوانين الخاطئة، وأبقى على القوانين

الصحيحة، وهذا لم يكن باستطاعة بشر يعيش في ذلك الزمن، ولذلك

فإن هذه الآية من آيات الإعجاز التشريعي والتي تشهد على صدق القرآن

وأنه كتاب صالح لكل زمان ومكان.



ونقول بالله عليكم:

هل يمكن لإنسان يتهمونه بالتخلف والإرهاب، أن يأتي بمثل هذه

التشريعات التي تعمل بها اليوم كبرى الدول في العالم؟ إنه دليل صادق

على أنه رسول من عند الله عز وجل، وأنه كما وصفه ربه بقوله:



{ قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ

وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ

إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }

[الأعراف: 188]



ولابد من السؤال: من أين جاء هذا النبي بتشريعات دقيقة كهذه،

واختصرها في آية واحدة، لو لم يكن رسولاً من عند الله؟!


ـــــــــــ
بقلم المهندس /عبد الدائم الكحيل