السبت، 28 سبتمبر 2013

فائدة جليلة

روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه,
 أن النبي صلى الله عليه وسلم قال  :
 
( تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَهْدِ الْبَلاَءِ ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ ،
وَ شَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ )
 
*   فأول هذه الأمور الأربعة :
 
·       جهد البلاء :
وهو كل ما أصاب المرءَ من شدة ومشقة وما لا طاقةَ له به .
- فيدخل في ذلك : المصائب والفتن  .
والأمراض التي لا يقدر على تحملها أو علاجها  .
- ويدخل فيه : الديون التي لا يستطيع وفاءها .
- ويدخل فيه : الأخبار المنغصة التي تملأ قلبه بالهموم والأحزان والنكد  .
- ويدخل فيه : ما ذكره بعض السلف من : قِلَّةُ المالِ مع كثرة العيال  .
 
·       الأمر الثاني : درك الشقاء  :
أي أعوذ بك : أن يدركني الشقاء ويلحقني .  والشقاء ضد السعادة .
 وهو دنيوي وأخروي
أما الدنيوي : فهو انشغال القلب والبدن بالمعاصي
واللهث وراء الدنيا والملهيات وعدم التوفيق  .
وأما الأخروي : فهو أن يكون المرء من أهل النار والعياذ بالله .
فإذا استعذت بالله من درك الشقاء
فأنت بهذه الإستعاذة تطلب من الله ضده ألا وهو السعادة في الدنيا والآخرة .
 
·       الأمر الثالث : سوء القضاء  :
وهو أن تستعيذ بالله من القضاء الذي يسوؤك ويحزنك
ولكن إن أصابك شيء مما يسوء ويحزن
فالواجب هو الصبر مع الإيمان بالقدر خيره وشره و حلوه و مره  .
ويدخل في الإستعاذة من سوء القضاء : أن يحميك الله من اتخاذ القرارت
والأقضية الخاطئة التي تضرك في أمر دينك ودنياك.
فإن من الناس من لا يوفق في اتخاذ القرار المناسب وقد يجور في الحكم,
 أو الوصية, أو في العدل بين أولاده أو زوجاته,
أو رعيته أو من تحت مسؤوليته إذا كان وزيراً أو رئيساً أو مديراً .
 
·       الأمر الرابع : في هذا الحديث هو الاستعاذة بالله من شماتة الأعداء :
والمرء في الغالب لا يسلم ممن يعاديه .
وَعَدُوُّكَ يَفْرَحُ إذا حصل لك ما يسوءُك
ويَغْتَمُّ إذا حصل لك ما يُفرِحُك أو رأى نعمةً مُتَجَدِّدةً لك  .
فأنت بهذه الاستعاذة تسأل الله :
 أن لا يفرح أعداءَك و حُسَّادَك بك وأن لا يجعلك مَحَلَّ شماتةٍ وسُخريهٍ لهم  .
سواء كانت عداوتهم لك دينية أو دنيوية .
 
واحرص أيها المسلم :
 أن لا تكون من الشامتين فإن ذلك من مساويء الأخلاق
ولأن الإنسان قد يشمِت بأخيه فلا يلبث أن يُبتَلى بمثل ما ابتلي به غيره
 فقد تشمت بمريض فتُبتَلى وقد تشمت بفقير فَتُبْتَلَى بالفقر
بل قد تشمت بمن ابْتُلي بمعصية فَتُبْتلى والعياذ بالله
والمشروع أن تسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة  .
 
ففي هذا الحديث :
 دليل على استحباب الاستعاذة بالله من هذه الأمور المذكورة .
 
فينبغي للمسلم :
 أن يستعيذ بالله منها وأن يداوم عليها وينبغي أن يعلم ذلك أهله وأولاده
 ويحثهم على حفظ هذا الدعاء والمداومة عليه  . 

أنا ذهبت و أنتَ دُعيت

 قصة رائعة بل من أجمل الروائع
ذهبت أنا إلى بيت الله بينما دعاك الله إلى بيته
 
بعد انتهاء مراسم الحج وانفضاض الحجيج كل في حال سبيله اكتض المطار
بالحجاج العائدين الى بلادهم وهم ينتظرون طائراتهم لتقلهم الى الاحباب
الذين ينتظرونهم بفارغ الصبر ,  جلس سعيد على الكرسي وبجانبه حاج اخر
فسلم الرجلان على بعضهما وتعارفا وتجاذبا اطراف الحديث
 
حتى قال الرجل الاخر
والله يا أخ سعيد انا اعمل مقاولا وقد رزقني الله من فضله وفزت
بمناقصة اعتبرها صفقة العمر وقد قررت ان يكون اداء فريضة الحج للمرة
العاشرة اول ما أفعله شكرانا لله على نعمته التي انعم بها علي وقبل
ان أتي الى هنا زكيت اموالي وتصدقت كي يكون حجي مقبولا عند الله
ثم اردف بكل فخر واعتزاز :
- وها انا ذا قد اصبحت حاجا للمرة العاشرة
 
اومأ سعيد برأسه وقال :
حجا مبرورا وسعيا مشكورا وذنبا مغفورا ان شاء الله
 
ابتسم الرجل وقال :
اجمعين يارب وانت يا أخ سعيد هل لحجك قصة خاصة ؟
 
اجاب سعيد بعد تردد :
والله يا أخي هي قصة طويلة ولا اريد ان اوجع رأسك بها
 
ضحك الرجل وقال :
بالله عليك هلا اخبرتني فكما ترى نحن لانفعل شيئا سوى الانتظار هنا .
 
ضحك سعيد وقال :
نعم, الانتظار وهو ما تبدأ به قصتي فقد انتظرت سنينا طويلة
حتى احج فأنا اعمل منذ ان تخرجت معالجا فيزيائيا قبل 30 سنة وقاربت
على التقاعد وزوجت ابنائي وارتاح بالي ثم قررت بما تبقى من مدخراتي
البسيطة أداء فريضة الحج هذا العام فكما تعرف لايضمن احد ماتبقى
من عمره وهذه فريضة واجبة .
 
رد الرجل :
نعم الحج ركن من اركان الاسلام وهو فرض على كل من استطاع اليه سبيلا .
 
اكمل سعيد :
صدقت , وفي نفس اليوم الذي كنت اعتزم فيه الذهاب الى متعهد الحج
بعد انتهاء الدوام وسحبت لهذا الغرض كل النقود من حسابي, صادفت احدى
الامهات التي يتعالج ابنها المشلول في المستشفى الخاص الذي اعمل به وقد
كسا وجهها الهم والغم وقالت لي استودعك الله يا اخ سعيد فهذه اخر زيارة
لنا لهذاالمستشفى ,استغربت كلامها وحسبت انها غير راضية عن علاجي
لابنها وتفكر في نقله لمكان اخر فقالتلي لا يا أخ سعيد يشهد الله انك كنت
لابني احن من الاب وقد ساعده علاجك كثيرا بعد ان كنا قد فقدنا الامل به .
 
استغرب الرجل وقاطع سعيد قائلا :
غريبة , طيب اذا كانت راضية عن ادائك وابنها يتحسن فلم تركت العلاج ؟
 
اجابه سعيد :
هذا ما فكرت به وشغل بالي فذهبت الى الادارة وسالت المحاسب عن سبب
ماحدث وان كان بسبب قصورمني فاجابني المحاسب بان لاعلاقة لي
بالموضوع ولكن زوج المرأة قد فقد وظيفته واصبح الحال صعبا جدا
علىالعائلة ولم تعد تستطيع دفع تكاليف العلاج الطبيعي فقررت ايقافه .
 
حزن الرجل وقال :
لاحول ولا قوة الا بالله , مسكينة هذه المرأة فكثير من الناس فقدت وظائفها
بسبب ازمة الاقتصاد الاخيرة وكيف تصرفت يا اخ سعيد ؟
 
اجاب سعيد :
ذهبت الى المدير ورجوته ان يستمر بعلاج الصبي على نفقة المستشفى 
  ولكنه رفض رفضا قاطعا وقال لي ان هذه مؤسسة خاصة تبتغي الربح
وليست مؤسسة خيرية للفقراء والمساكين ومن لايستطيع الدفع فهو
ليس بحاجة للعلاج .خرجت من عند المدير حزينا مكسور الخاطر
على المرأة وابنها خصوصا ان الصبي قد بدأ يتحسن وايقاف العلاج معناه
إنتكاسة تعيده الى نقطة الصفر , وفجأة وضعت يدي لا اراديا على جيبي
الذي فيه نقود الحج فتسمرت في مكاني لحظة ثم رفعت رأسي الى السماء
وخاطبت ربي قائلا :
 
اللهم انت تعلم بمكنون نفسي وتعلم ان ليس احب الى قلبي
من حج بيتك وزيارة مسجد نبيك وقد سعيت لذلك طوال عمري وعددت
لاجل ذلك الدقائق والثواني ولكني مضطر لان اخلف ميعادي معك
فاغفر لي انك انت الغفور الرحيم .
 
وذهبت الى المحاسب ودفعت كل مامعي له عن اجرة علاج الصبي لستة
اشهر مقدما وتوسلت اليه ان يقول للمراة بأن المستشفى لديه ميزانية
خاصة للحالات المشابهة .
 
ادمعت عين الرجل :
بارك الله بك واكثر من امثالك, ولكن اذا كنت قد تبرعت
بمالك كله فكيف حججت اذا ؟
 
قال سعيد ضاحكا :
اراك تستعجل النهاية , هل مللت من حديثي ؟ اسمع ياسيدي بقية القصة ,
رجعت يومها الى بيتي حزينا على ضياع فرصة عمري في الحج وفرح
لأني فرجت كربة المرأة وابنها ونمت ليلتها ودمعتي على خدي فرأيت نفسي
في المنام وانا اطوف حول الكعبة والناس يسلمون علي ويقولون لي حجا
مبرورا ياحاج سعيد فقد حججت في السماء قبل ان تحج على الارض ,
دعواتك لنا ياحاج سعيد , حتى استيقظت من النوم وانا احس بسعادة
غير طبيعية على الرغم من أني كنت شبه متاكد اني لن اتشرف يوما بلقب حاج
فحمدت الله على كل شيئ ورضيت بأمره .وما ان نهضت من النوم حتى رن
الهاتف وكان مدير المستشفى الذي قال لي : أنجدني فأحد كبار رجال الاعمال
يريد الذهاب الى الحج هذا العام وهو لايذهب دون معالجه الخاص
الذي يقوم على رعايته وتلبية حاجاته, وزوجة معالجه في ايام حملها
الاخيرة ولا يستطيع تركها فهلا أسديتني خدمة وذهبت بدلا عن المعالج ؟
لا اريد ان افقد وظيفتي اذا غضب مني فهو يملك نصف المستشفى .
 
قلت له بلهفة :
وهل سيسمح لي ان احج ؟
 
فاجابني بالموافقة فقلت له اني ساذهب معه ودون اي مقابل مادي ,
وكما ترى فقد حججت وباحسن مايكون عليه الحج وقد رزقني الله حج بيته
دون ان ادفع اي شيئ والحمد لله وفوق ذلك فقد اصر الرجل على اعطائي
مكافئة مجزية لرضاه عن خدمتي له وحكيت له عن قصة المرأة المسكينة
فأمر بان يعالج ابنها في المستشفى على نفقته الخاصة وان يكون
في المستشفى صندوق خاص لعلاج الفقراء وفوق ذلك فقد اعطى
زوجها وظيفة لائقة في احدى شركاته .
 
نهض الرجل وقبل سعيد على جبينه :
والله لم اشعر في حياتي بالخجل مثلما اشعر الان يا اخ سعيد فقد كنت احج
المرة تلو الاخرى وانا احسب نفسي قد انجزت شيئا عظيما وان مكانتي
عند الله ترتفع بعد كل حجة ولكني ادركت لتوي ان حجك بالف حج من
امثالي فقد ذهبت انا الى بيت الله بينما دعاك الله الى بيته ومضى وهو يردد غفرانك
 
 
نعم ليست العبرة بكثرة الصلاة وبكثرة عدد مرات الحج
ولكن هناك امور اهم من العبادات المستحبة والدين هو المعاملة .

صور السَّتْرِ

- ستر المسلم نفسه :
المسلم عليه أن يستر نفسه، فلا يُشْهر خطاياه أمام الخَلْق،
ولا يذكر زلَّاته أمام النَّاس، ولو كانوا أصدقاءه، إلَّا على وجه السُّؤال والفتيا،
دون تحديد أنَّه الفاعل، سيَّما عند من يعرفه
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
 
( كلُّ أمَّتي معافى إلا المجَاهرين،
 وإنَّ من المجَاهرة أن يعمل الرَّجل بالليل عملًا، ثم يصبح وقد ستره الله عليه،
فيقول: يا فلان، عملتُ البارحة كذا وكذا، وقد بات يَسْتُره ربُّه،
ويصبح يكشف سِتْر الله عنه ) 
وقال صلى الله عليه وسلم:
 
( أيُّها النَّاس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله،
 من أصاب من هذه القاذورات شيئًا، فليَسْتَتر بسِتْر الله )
2- ستْر المسلم لإخوانه المسلمين:
وكما يَسْتُر المسلم نفسه، عليه أن يَسْتُر إخوانه المسلمين،
إذا رأى منهم عيبًا أو خطأً،
قال صلى الله عليه وسلم :
 
( من نفَّس عن مؤمن كُرْبةً من كُرَب الدُّنيا،
نفَّس الله عنه كُرْبةً من كُرَب الآخرة، ومن سَتَر على مسلم،
سَتَره الله في الدُّنيا والآخرة، والله في عون العبد، ما كان العبد في عون أخيه )  .
3- ستْر الميِّت :
إذا غسَّل المسلم ميِّتًا، فرأى فيه شيئًا معيبًا، فعليه أن يَسْتره، ويكتم أمره،
قال صلى الله عليه وسلم:
 
( من غسَّل ميِّتًا، فكتم، غَفَر الله له أربعين مرَّةً ) 
الوسائل المعينة على اكتساب صفة السَّتْر :
1- أن تعلم فضل السَّتْر، وأنَّ من سَتَر أخاه المسلم، سَتَره الله في الدُّنيا والآخرة.
2- أن تستشعر معنى أخوة الإيمان، فقد قال الله عزَّ وجلَّ :
 
{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ }
 [ الحجرات: 10 ]
 وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
 
( مثل المؤمنين في تَوَادِّهِم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد،
إذا اشتكى منه عُضْو، تداعى له سائر الجسد بالسَّهر والحمَّى )
3- أن تضع نفسك مكان أخيك الذي أخطأ وزلَّ، فهل تحبُّ أن تُفْضَح أم تُسْتَر؟
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه :
 عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال :
 
( لا يؤمن أحدكم، حتَّى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه )
 وعن عكرمة أنَّ ابن عبَّاس، وعمَّارًا، والزُّبير -رضي الله عنهم جميعًا-
أخذوا سارقًا، فخلوا سبيله، فقلت لإبن عبَّاس :

[ بئسما صنعتم حين خلَّيتم سبيله،
قال: لا أمَّ لك، أما لو كنت أنت، لسرَّك أن يُخَلَّى سبيلك ]
4- أن ينشغل العبد بإصلاح نفسه:
قال الحسن البصري:
 
[ يا ابن آدم، لن تنال حقيقة الإيمان حتَّى لا تعيب النَّاس بعيب هو فيك،
وتبدأ بذلك العيب من نفسك، فتصلحه، فما تصلح عيبًا إلَّا ترى عيبًا آخر،
فيكون شغلك في خاصَّة نفسك ]
 وقيل لربيع بن خُثَيْم :
 
[ ما نراك تعيب أحدًا، ولا تذمُّه !
فقال: ما أنا على نفسي براضٍ ،  فأتفرَّغ من عيبها إلى غيرها ]