السبت، 14 أغسطس 2021

أسرار الكون بين العلم والقرآن (11)

 أسرار الكون بين العلم والقرآن (11)

في رحاب تفسير آية
قال الإمام الطبري رحمه الله تعالى في تفسيره لمعنى البناء:
"وقوله عز وجل: ﴿أَفَلَمْ يَنْظُرُوا﴾ يقول تعالى ذكره: أفلم ينظر هؤلاء
المكذبون بالبعث بعد الموت المنكرون قدرتننا على إحيائهم بعد بلائهم،
﴿إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا﴾ فسوَّيناها سقفاً محفوظاً،
وزيَّناها بالنجوم؟ ﴿وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ﴾ يعني :
وما لها من صدوع وفتوق"
.
وقال الإمام القرطبي في قوله تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ﴾
"أي نظر اعتبار وتفكر وأن القادر على إيجادها قادر على الإعادة
﴿كَيْفَ بَنَيْنَاهَا﴾ فرفعناها بلا عمد ﴿وَزَيَّنَّاهَا﴾ بالنجوم ﴿وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ﴾
جمع فرج وهو الشقّ. وقال الكسائي ليس فيها تفاوت ولا اختلاف
ولا فتوق".

وفي تفسير الطبري رحمه الله تعالى نجده يقول: "القول في تأويل قوله
تعالى: ﴿وَالسَّمَاءَ بِنَاءً﴾، قال أبو جعفر: وإنما سميت السماء سماءً لعلوِّها
على الأرض وعلى سكانها من خلقه، وكل شيء كان فوق شيء آخر فهو
لما تحته سماة. ولذلك قيل لسقف البيت: سماوة، لأنه فوقه مرتفع عليه.
فكذلك السماء سميت للأرض سماء، لعلوِّها وإشرافها عليها. وعن قتادة
في قول الله: ﴿وَالسَّمَاءَ بِنَاءً﴾ قال: جعل السماء سقفاً لك".

ونتساءل الآن: أليس ما فهمه المفسرون رحمهم الله تعالى من هذه
الآيات، هو ما يكتشفه العلماء اليوم؟ أليست المادة تملأ الكون؟ أليست
النجوم والمجرات كالزينة في السَّماء؟ أليست هذه السماء خالية من أي
فروج أو شقوق أو فراغات؟ وهذا يؤكد وضوح وبيان النص القرآني وأن
كل من يقرأ كتاب الله تعالى، يدرك هذه الحقائق كلٌّ حسب اختصاصه
وحسب معلومات عصره.


من كتاب أسرار الكون بين العلم والقرآن
للدكتور عبد الدائم الكحيل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق