الثلاثاء، 8 أكتوبر 2013

حديث لا تذهب الدنيا حتى يأتي على الناس يوم لا يدري القاتل فيما قتل


 
السؤال :
سمعت حديثا عن يوم القيامة ولا أعرف نصه بالتحديد ، ولكنني سوف
أكتب لكم معنى الحديث ، وأرجو أن تصححوه إذا احتاج لذلك
وأن تشرحوا الحديث لي . يقول الحديث فيما معناه :
( يكثر القتل يوم القيامة ولا يعرف من قتل فيما قتل ،
ولا يعرف القاتل لماذا قتل ، ويكون القاتل والمقتول في النار )
 
الجواب :
 
الحمد لله
هذا الحديث من فتن آخر الزمان التي حدثنا عنها رسول الله صلى الله
عليه وسلم مما هو كائن قبل يوم القيامة لا أثناءه ، وذلك حين يكثر الجهل
ويرفع العلم ، ويقل الصالحون ، ويكثر المفسدون ، وتقع الأحداث العظام
، فحينها يكثر القتل بين الناس ، وينتشر الهرج بينهم ، ويكون ذلك
في فتن عظيمة يحار فيها الناس ، ولا يميزون – لجهلهم ولشدة الفتن
يومئذ – الحق من الباطل ، والصواب من الخطأ ، وإنما يتحزبون لأطماع
الدنيا ، وأهواء النفس وشهواتها ، فيقع القتل ، ولا يدري القاتل
لماذا قَتَل ، ولا يدري المقتول عن سبب قتله .
 
عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
 
( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِيَ
عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ ، وَلَا الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ
فَقِيلَ : كَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ ؟ قَالَ : الْهَرْجُ ، الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ )
رواه مسلم (2908)
 
وعنه رضي الله عنه قَالَ :
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

 ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ ، وَتَكْثُرَ الزَّلَازِلُ
وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ ، وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ ، وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ
وَهُوَ الْقَتْلُ الْقَتْلُ ، حَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمْ الْمَالُ فَيَفِيضَ )
رواه البخاري (1036) ومسلم (157)
 
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال :

 ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُنَا
أَنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ الْهَرْجَ . قِيلَ : وَمَا الْهَرْجُ ؟
قَال :الْكَذِبُ وَالْقَتْلُ . قَالُوا : أَكْثَرَ مِمَّا نَقْتُلُ الْآنَ ؟
قَالَ : إِنَّهُ لَيْسَ بِقَتْلِكُمْ الْكُفَّارَ ، وَلَكِنَّهُ قَتْلُ بَعْضِكُمْ بَعْضًا
حَتَّى يَقْتُلَ الرَّجُلُ جَارَهُ ، وَيَقْتُلَ أَخَاهُ ، وَيَقْتُلَ عَمَّهُ ، وَيَقْتُلَ ابْنَ عَمِّهِ .
قَالُوا : سُبْحَانَ اللَّهِ ! وَمَعَنَا عُقُولُنَا ؟ قالَ : لَا
إِلَّا أَنَّهُ يَنْزِعُ عُقُولَ أَهْلِ ذَاكَ الزَّمَانِ ، حَتَّى يَحْسَبَ أَحَدُكُمْ
أَنَّهُ عَلَى شَيْءٍ وَلَيْسَ عَلَى شَيْءٍ )
رواه أحمد في " المسند " (32/409) وصححه المحققون في طبعة
مؤسسة الرسالة، وصححه الشيخ الألباني  
 في " السلسلة الصحيحة " (رقم/1682)
 
يقول القرطبي رحمه الله :
" بيَّنَ هذا الحديث أن القتال إذا كان على جهل من طلب دنيا
أو اتباع هوى ، فهو الذي أريد بقوله : ( القاتل والمقتول في النار ) " 
  انتهى." فتح الباري " (13/34)
 
ويقول الإمام النووي رحمه الله :
" وأما كون القاتل والمقتول من أهل النار فمحمول على من لا تأويل له ،
ويكون قتالهما عصبية ونحوها "
انتهى." شرح مسلم " (18/15)
 
والذي يتحصل من هذه الأحاديث أن القتل يكثر في آخر الزمان
ولا يكون مبرَّرًا معروف الأسباب ،
وذلك يمكن أن يقع في الحالات الآتية :
 
1-في حالات قتال الفتنة التي يشتبه فيها الحق بالباطل ، فلا يظهر للناس
وجه الصواب فيها، ويقع القتال بينهم ، فلا يدري حينئذ القاتل فيم قَتَل ،
ولا المقتول لماذا قُتِل ، ومعنى : ( لا يدري ) الواردة في الحديث – بناء
على هذا الوجه - أنهم لا يعرفون الحق من الباطل في الفتنة التي أدت
إلى القتل ، وإلا فهم يعرفون وقوع الفتنة نفسها .
 
2-وقد يقع مثل هذا القتل أيام الحروب العصبية ، التي يقع فيها القتل
بسبب التعصب للقبيلة أو الطائفة ، ويكون المقاتل جاهلا أهوجَ ،
إنما شارك في القتال لاستغاثة أهل قبيلته أو طائفته به ،
وهو لا يدري عن سبب وقوع القتال شيئا .
 
3-ويمكن أن يكون في حالة وقوع القتل العشوائي العام ، كالقتل بأسلحة
الدمار الشامل ، فيصاب بهذه الأسلحة كثير من الأبرياء ،
فلا يعرف المقتول لماذا قتل ، ولا يعرف القاتل لماذا قتل هؤلاء الأبرياء ،
فجملة ( لا يدري ) في الحديث على حقيقتها ، فلا القاتل ولا المقتول
يعرفان سبب القتل ، لأنه قتل عشوائي .
 
4-ومنه أيضا : ما يحصل من السفهاء من التحرش بالناس بالقتل
لسفاهته وحمقه والتذاذه، فيقتل الآخرين ، فيصدق عليهما الحديث .
 
5-ومنه أيضاً : أن المعنى ( لا يدري ) أي : الوجه الشرعي في القتل ،
 
كما جاء في " مرقاة المفاتيح
شرح مشكاة المصابيح " (15/352) ترقيم الشاملة: "
 
( لا يدري القاتل فيم قَتل )
أي : المقتول هل يجوز قتله أم لا ،
 
( ولا المقتول )
أي : نفسه أو أهله ( فيم قُتل ) هل بسبب شرعي أو بغيره
كما كثر النوعان في زماننا" انتهى.
 
 
وعلى كلٍّ : نسأل الله تعالى السلامة والعافية
وأن يحفظنا والمسلمين من هذه الأحوال . 

والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق