الجمعة، 6 أكتوبر 2017

معنى حديث


يقول فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين

رحمه الله وغفر الله له

في معنى حديث

( فو الله الذي لا إله إلا هو إنا أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة

حتى لا يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب )


قال: فَوَاللهِ الَّذِيْ لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ هذه الجملة قيل إنها مدرجة من كلام

ابن مسعود رضي الله عنه وليست من كلام النبي صلى الله عليه وسلم .

وإذا اختلف المحدثون في جملة من الحديث أمدرجة

هي أم من أصل الحديث؟

فالأصل أنها من أصل الحديث، فلا يقبل الإدراج إلابدليل لا يمكن أن يجمع

به بين الأصل والإدراجوعلى هذا فالصواب أنها من كلام النبي

صلى الله عليه وسلم .

فَوَاللهِ الَّذِيْ لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ هذا قسم مؤكد بالتوحيد،

القسم: فَوَاللهِ والتوكيد بالتوحيد: الَّذِيْ لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ أي لا إله حق غير الله،

وإن كان توجد آلهة تعبد من دون الله لكنها ليست حقاً،كما قال الله

عزّ وجل:



{ أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ

وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ }

(الانبياء:43)



وقال عزّ وجل:



{ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِل }

(لقمان: الآية30).


(إِنَّ أَحَدَكم لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُوْنُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ )

أي حتى يقرب أجله تماماً. وليس المعنى حتى ما يكون بينه وبينها

إلا ذراع في مرتبة العمل،لأن عمله الذي عمله ليس عملاً صالحاً،

كما جاء في الحديث:



( إِنَّ أَحَدَكم لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ )



فيما يبدو للناس وهو من أهل النار لأنه أشكل على بعض الناس:

كيف يعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يبقى بينه وبينها إلا ذراع ثم يسبق

عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها.



فنقول: عمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس، ولم يتقدم ولم يسبق،

ولكن حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع أي بدنو أجله ، أي أنه قريب من

الموت. فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فيدع العمل الأول الذي

كان يعمله، وذلك لوجود دسيسة في قلبه ( والعياذ بالله) هوت به

إلى هاوية.



أقول هذا لئلاّ يظن بالله ظن السوء: فوالله ما من أحد يقبل على الله

بصدق وإخلاص، ويعمل بعمل أهل الجنة إلا لم يخذله الله أبداً.

فالله عزّ وجل أكرم من عبده، لكن لابد من بلاء في القلب.



واذكروا قصة الرجل الذي كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة

من غزواته عليه الصلاة والسلام، وكان هذا الرجل لا يدع شاذة ولا فاذة

للعدو إلا قضى عليها، فتعجب الناس منه وقالوا: هذا الذي كسب المعركة،

فقال النبي صلى الله عليه وسلم :



( هُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ)



فعظم ذلك على الصحابة رضي الله عنهم كيف يكون هذا الرجل من أهل

النار؟ فقال رجل: لألزمنه،أي أتابعه، فتابعه، فأصيب هذا الرجل الشجاع

المقدام بسهم من العدو فجزع، فلما جزع سل سيفه (والعياذ بالله) ثم

وضع ذبابة سيفه على صدره ومقبضه على الأرض، ثم اتّكأ عليه حتى

خرج من ظهره، فقتل نفسه، فجاء الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم

وأخبره وقال: أشهد أنك رسول الله، قال: بِمَ قال: إن الرجل الذي قلت فيه

إنه من أهل النار حصل منه كذا وكذا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم

بعد ذلك:



( إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ فِيْمَا يَبْدُو للِنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ).



واذكروا قصة الأصيرم من بني عبد الأشهل من الأنصار،كان منابذاً

للدعوة الإسلامية عدواً لها، ولما خرج الناس إلى غزوة أحد ألقى الله

تعالى في قلبه الإيمان فآمن وخرج في الجهاد وقتل شهيداً، فجاء الناس

بعد المعركة يتفقدون قتلاهم وإذا الرجل، فقالوا: ما الذي جاء بك يا فلان،

أجئت حدباً على قومك، أم رغبة في الإسلام، قال: بل رغبةفي الإسلام،

ثم طلب منهم أن يقرؤوا على النبي صلى الله عليه وسلم السلام، فصار

هذا ختامه أن قتل شهيداً مع أنه كان منابذاً للدعوة.



الحديث الرابع : شرح الاربعين النووية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق