الاثنين، 13 أبريل 2020

آداب الفقير (01)

آداب الفقير (01)

أما آداب الفقير في قبول العطاء:

فإن جاءه مال بغير سؤال ولا استشراف فينبغي أن يلاحظ فيه ثلاثة أمور:

نفس المال

وغرض المعطي

وغرضه في الأخذ.



أما في المال فينبغي أن يكون خالياً

عن الشبهات كلها، فإن كان فيه شبهة لم يأخذه.

وأما غرض المعطي فلا يخلو

إما أن يكون طالباً للمحبة والإلفة وهو الهدية

فلا بأس بقبولها إذا لم تكن رشوة، ولم يكن فيها منَّة.

وإن كان غرض المعطي الثواب وهو الزكاة والصدقة،



فعليه أن ينظر هل هو مستحق لذلك أم لا؟

وإن كان غرض المعطي الشهرة والرياسة والسمعة فينبغي

أن يرد عليه قصده الفاسد فلا يأخذه

وأما غرضه في الأخذ فلينظر هل هو محتاج إليه أو مستغن عنه؟

فإن كان مستغنياً عنه لم يأخذه

وإن كان محتاجاً إليه وقد سلم من الشبهة والآفات فالأفضل له الأخذ



لقول النبي - ﷺ - لعمر:

«خُذْهُ، وَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَأنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلا سَائِلٍ فَخُذْهُ،

وَمَا لا فَلا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ» متفق عليه.



*والفقر نوعان:*

الأول: فقر اضطراري

وهو فقر عام لا خروج لبر ولا فاجر عنه.

الثاني: فقر اختياري



وهو نتيجة علمين شريفين:

أحدهما: معرفة العبد بربه

والثاني معرفته بنفسه.



ومن حصلت له هاتان المعرفتان أثمرتا له

فقراً هو عين غناه، وعنوان سعادته وفلاحه.



وتفاوت الناس في هذا الفقر بحسب تفاوتهم في هاتين المعرفتين:



✔فمن عرف ربه بالغنى المطلق عرف نفسه بالفقر المطلق



✔ومن عرف ربه بالقدرة التامة عرف نفسه بالعجز التام



✔ومن عرف ربه بالعز التام عرف نفسه بالمسكنة التامة



✔ومن عرف ربه بالعلم التام والحكمة عرف نفسه بالجهل والظلم.



والله عزَّ وجلَّ أخرج العبد من بطن أمه لا يعلم شيئاً

ولا يقدر على شيء، ولا يملك شيئاً

ولا يقدر على عطاء ولا منع، ولا ضر ولا نفع، ولا شيء البتة.

فكان فقره في تلك الحال إلى ما به كماله أمراً مشهوداً محسوساً لكل أحد،

ولا ريب أن هذا من لوازم ذاته، وما بالذات دائم بدوامها

وهو لم ينتقل من هذه الرتبة إلى رتبة الربوبية والغنى

بل لم يزل عبداً فقيراً بذاته إلى بارئه وفاطره.

فلما أسبغ الله عليه نعمته، وأفاض عليه رحمته

وساق إليه أسباب كمال وجوده ظاهراً وباطناً

وجعل له السمع والبصر والفؤاد، وأعلمه وأقدره

وصرفه وحركه، ومكنه من استخدام بني جنسه

وسخر له الخيل والإبل، وسلطه على الدواب،

وعلى صيد الطيور، وقهر الوحوش

وحفر الآبار، وغرس الأشجار، وتعلية البناء

ويسر له الكسب والتجارة، ورزقه الأموال والأشياء،

ظن المسكين أن له نصيباً من الملك والتصريف والتدبير.

وادعى لنفسه ملكاً مع الله سبحانه، ورأى نفسه بغير تلك العين الأولى

ونسي ما كان فيه من حالة الإعدام والفقر والحاجة:



{أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا} [مريم: 67].



موسوعة فقه القلوب*

جامعة الفقه الإسلامي العالمية في ضوء القرآن والسنة*

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق