الأربعاء، 24 أكتوبر 2018

كيف يعيش المعاق؟ (1)

كيف يعيش المعاق؟ (1)

أ. عائشة الحكمي

السؤال
ربَّما تَعتقدون أنَّ هذا السؤال تقليديٌّ يَسأله كلُّ إنسان أُصيب بإعاقة،
وتكون الإجابةُ دائمًا: المعاق هو إنسانٌ يجب أن يَعيش حياةً طبيعيَّة،
ويتغلَّب على إعاقته بالتحدِّي.

ولكن ليس هذا سؤالي، ولا هذه هي الإجابة التي أبْحَث عنها:
كيف يعيش المعاق؟

أريد أن أَعرِف حُدوده، ومستواه أمامَ نفْسه وأمامَ الناس، المعاق يعيش
حياةً متناقِضة أمامَ الواقِع، وأمامَ مشاعرِه وإنسانيته،
المعاق يَعيش لحظاتِ ضياعٍ، الإعاقة أخذَتْ كلَّ صلاحياته!

مشاعِرُ المعاق بداخله، ولا يَستطيع أن يُفصِح عنها، يُقدِّم تنازلاتٍ
لكي يَقبلَه الآخرون، لا يستطيعُ أن يُحِبَّ ويُعبِّر عن حبِّه، لو أنَّ الوسادةَ تتكلَّم لقالتْ:
رِفقًا بالمعاقين؛ لأنَّها ترَى دموعهم آخِرَ النهار.

أتمنَّى أن نُوقِف الشِّعارات التقليديَّة: التحدِّي والإرادة، ساعدونا،
وضحُّوا لنا، أتمنَّى مَن يقرأ هذه الكلماتِ أن يقولَ:
إنَّ لكم حدودًا لا تتجاوزوها، لا نُريد شعاراتٍ ونُصدِّقها، وهي ليستْ موجودةً.
الجواب
أختي العزيزة، حيَّاكِ الله.
قَبل عامين كتبتُ مقالاً بعنوان علَّمني هؤلاء ، وقد تفضَّل الأستاذ الكريم
عصام حدبا - وفّقه الله - بنشْرِه مشكورًا على موقعه حيران ،
سيُسعدني كثيرًا لو تفضلتِ بقراءته على الرابط التالي:
http://www.hayran.info/articles.php?catid=77&id=431

لقدْ عايشتُ الحياةَ مع هذه الشريحة الغالية مِن المجتمع، وأفْهَم جيِّدًا كيف يُفكِّرون،
وأتفهَّم كثيرًا كيف يشعرون، لكنِّي حتمًا لا أعرِف كيف يعيشون!
مثلما لا أعرِف كيف يعيش غيرُهم، فكلُّ إنسان يعيش حياتَه الخاصَّة التي
لا يَعْلَمها إلا الله، ثُم المقرَّبون مِن حوله، بل ربَّما غفَل المقرَّبون عن معرفةِ الكثيرِ عنه!

تَمُوتُ النُّفُوسُ بِأَوْصَابِهَا
وَلَمْ يَدْرِ عُوَّادُهَا مَا بِهَا
وَمَا أَنْصَفَتْ مُهْجَةٌ تَشْتَكِي
أَذَاهَا إِلَى غَيْرِ أَحْبَابِها

التحدِّي والإرادة ليسَا شعارًا للمعاقين فحسْبُ، بل هو شِعارٌ لكل إنسان؛
طفلاً كان أم راشِدًا، ذَكرًا كان أم أنثى، صحيحًا كان أم مَريضًا، مبتلًى كان
أم معافًى، مُسلِمًا كان أم كافرًا؛ لأنَّ أنْكادَ الدنيا تتطلَّب منا العيشَ بإرادة قوية،
وتَحدٍّ كبير للصعوبات والعراقيل، والعقبات والأمراض،
والإعاقات التي تَنضَحُ بها الحياةُ الدنيا، ألَمْ يَقُلِ الله – تعالى -:
{ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ }
[البلد: 4]؟!
هل قال ﴿ الْإِنسَانَ ﴾ أم المعاق وحْدَه؟!

لا شكَّ أنَّ وسادةَ المعاق مُبلَّلة بالدموع، لكنَّها ليستِ الوسادة الوحيدة،
فكلُّ الوسائد مبتلَّة بالدموع، حتى وسادة الملوك والأمراء، ووسادة السادة
وذوي الأحساب والأنساب؛ لأنَّ للجميعِ قلوبًا خفَّاقة تتألَّم،
ومتى تألَّم القلبُ سالتِ الرُّوح دموعًا على الخدود.

سأقصُّ عليكِ ثلاثَ قصص حقيقيَّة لأُناسٍ من أمصار مختلفة، لم أقرأْها
في مكان، أو أسمعها عن فلان، بل هي حكاياتُهم بأفواههم، ومِن خلال معرفتي بهم.
يتبع غداً إن شاء الله - منقول للفائدة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق