الأربعاء، 26 مايو 2021

موسوعة المؤرخين (34)

 موسوعة المؤرخين (34)


ابن عذاري المراكشي (الجزء الأول)

ابن عذاري المراكشي
اسمه ونسبه
نشير -في البداية- إلى أنه مما يؤسف له أننا لا نملك ترجمة وافية
عن ابن عذاري، تحيط بتفاصيل حياته، ورحلاته العلمية وشيوخه، والتاريخ
الدقيق لوفاته، إذ لم ترد لـه ترجمة في المصادر والمراجع المتداولة.

وكل ما نعرفه عنه أنه هو الشيخ الأجل الأثير الأكمل الراوية المطالع الحسيب
الأفضل أبو العباس، وقيل: أبو عبد الله، أحمد، وقيل: محمد، ابن محمد
بن عِذَارِي المَرَّاكُشِيّ، وتنطق "ابن عِذارَى" وبالكسر أصح. وكما يدل لقبه
فهو مؤرخ مغربي سكن مدينة "مَرَّاكُش"، ولكنه ذو أصول أندلسية.

كمااختُلِف في اسمه وتاريخ وفاته وأحيانًا في نسبته، إذ يشير إليه إسماعيل
البغدادي بقوله: "أبو عبد الله محمد بن عذاري الأندلسي ثم المراكشي
المتوفي في حدود سنة 695هـ". وعند عباس بن إبراهيم هو:
"محمد بن عذاري المراكشي"، وعند محمد الفاسي: "أحمد بن محمد
بن عذاري المراكشي"، وعند الزركلي: " توفي نحو 695هـ / نحو
1295م: محمد (أو أحمد بن محمد) المراكشي، أبو عبد الله، المعروف
بابن عذاري: مؤرخ. أندلسي الأصل، من أهل مراكش".

ولا يوجد ما يثبت اسمه على التحقيق، والذي ينسبه إلى الأندلس يخلط بينه
وبين ابن عذاري البلنسي محمد بن علي. لكن هذا سبقه زمنًا، ويكفي
أن ابن الأبار الذي ترجم لـه توفي هو نفسه سنة (656هـ)، أي قبل أن يبلغ
ابن عذاري المراكشي مبلغ الرجال.

عصر ابن عذاري وثقافته
وابن عذارى أحد المؤرخين المعروفين في القرن السابع الهجري/ الثالث
عشر الميلادي، وكتابه من أهم المؤلفات التي تناولت تاريخ بلاد المغرب
والأندلس من الفتح الإسلامي حتى انقضاء الدولة الموحدية، كما يُعَدُّ في
الوقت نفسه أوسع المصادر التاريخية حول عصري المرابطين والموحدين.

نشأ ابن عذاري المراكشي في مراكش، وعاصر نهاية الدولة الموحدية
وشطرًا مهمًا من العهد المريني، بدءًا بيعقوب بن عبد الحق المريني ونجله
يوسف، وانتهاء بأبي ربيع وأبي سعيد عثمان، وهذه فترة قوة واستقرار
ونمو حضاري شامل، وهناك مثقفون وعلماء بارزون لهم نشاط كبير
في هذه الفترة، من أمثال: مالك بن المرحل، وابن آجروم النحوي،
وابن رُشَيْد المحدث الأديب، وابن بناء الرياضي، أي من كانوا في درجة
شيوخه أو أقرانه. ومن ثم فلم يكن ابن عذاري المراكشي بحاجة إلى رحلة
خارج المغرب للدراسة في هذه الفترة بالذات، ولو أنها مرحلة مزدهرة
في عموم الشمال الإفريقي من حيث النشاط الثقافي والعلمي.

ومن أسلوب ابن عذاري المراكشي في كتابه "البيان المغرب" وتتبعه بدقة
لبعض الأحداث المصيرية، وتوثيقه للمعلومات، يلاحظ أنه أديب مثقف،
ومؤرخ دقيق الملاحظة، أمين في نقله ومراجعه، وبقاء هذا المؤرخ مجهولًا
من حيث التعريف بحياته وشخصيته وأعماله، في كتب التراجم اللاحقة
لعصره فهذا ما يدعو إلى العجب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق