السبت، 18 سبتمبر 2021

موسوعة المؤرخين (142)

 موسوعة المؤرخين (142)



الجبرتي وكتابه عجائب الآثار في التراجم والأخبار (01)

يعدُّ المؤرخون كتاب عجائب الآثار في التراجم والأخبار، لعبد الرحمن
الجبرتي، واحداً من المصادر الأساسية لدراسة التاريخ الإسلامي في
سيرته الطويلة وهو ثالث ثلاثة كتب في التاريخ الإسلامي وقفت كالقمم
الراسخة العالية في سلسلة كتابات تاريخية كثيرة تخللتها عبر العصور.

وأول تلك القمم الثلاث كان كتاب تاريخ الأمم والملوك لابن جرير
الطبري (ت: 310هـ)، والقمة الثانية من تلكم القمم كان كتاب الكامل
في التاريخ لأبي الحسن ابن الأثير الجزري (ت: 630هـ).
أما القمة الثالثة فهي كتاب عبد الرحمن الجبرتي الكبير عجائب الآثار
في التراجم والأخبار.

أهمية كتاب عجائب الآثار في التراجم والأخبار
ويستمد كتاب عجائب الآثار في التراجم والأخبار أهميته في أنه أرَّخ
لفترة شهدت أحداثاً ضخمة في قطر كبير من أقطار العالم الإسلامي. فقد
شهدت هذه الفترة انحلال النظام العثماني المملوكي الذي قام في مصر منذ
فتحها السلطان سليم الأول عام 1517م. ثم شهدت حكم الفرنسيين لها
نحو ثلاث سنوات (1798-1801م)، ثم شهدت محاولة النظام العثماني
العودة إلى مصر من جديد، ثم الإجهاز عليه تماماً على يد محمد علي،
وكان هذا الإجهاز تمهيداً لبناء النظام الجديد .

وقارئ التاريخ اليوم لا يجد كتاباً يتحدث عن هذه الفترة المضطربة
غير كتاب الجبرتي. ويعدُّ الجبرتي في هذه الفترة الحافلة بالأحداث شاهد
عيان، يرى ويسمع فيحلل ويكتب. فقد عاش الجبرتي بين عامي
(1754-1825م) وعامي (1176-1240ه)ـ. فشهد بذلك النصف الثاني
من القرن الثامن عشر والربع الأول من القرن التاسع عشر الميلادي.
وفي هذه الفترة كانت مصر على مفترق الطرق في اتجاهها السياسي.

ويزيد من أهمية كتاب عجائب الآثار في التراجم والأخبار أنه لم يكن
كتاب تاريخ فحسب، بل كان كتاباً في تراجم الرجال أيضاً، فقد ترجم
الجبرتي للآلاف من العلماء والشيوخ والأمراء والحكام والخطباء
والشعراء والكتاب والأعيان والتجار، بل إن كتابه يشمل أخباراً طريفة
كذلك عن أبناء الطبقات الدنيا من المجتمع المصري، حيث يورد أسماء
كثيرين من الباعة وأهل البدع وبعض أصحاب الطرق والمجذوبين
وغيرهم ممن يكثرون أيام الاحتفالات الدينية والمواسم، ويمكن القول:
إن الجبرتي يقدم صورة كاملة للمجتمع المصري خلال العصر العثماني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق