الأحد، 12 سبتمبر 2021

موسوعة المؤرخين (136)

 

موسوعة المؤرخين (136)

الواقدي والنبوغ في المغازي والسير والتاريخ (02)

تلاميذ الواقدي
وروى عن الواقدي: أبو بكر بن أبي شيبة وأبو بكر محمد بن إسحاق
الصغاني وكاتبه محمد بن سعد وأبو حسان الحسن بن عثمان الزيادي
وأحمد بن رجاء الفريابي وأحمد بن الفضل بن الدهقان ومحمد بن يحيى
الأزدي وعلي بن يزيد الصدائي والحسن بن مرزوق وسليمان الشاذكوني
وأحمد بن الخليل البرجلاني وعبد الله بن الحسن الهاشمي
وأبو عبيد القاسم بن سلام، والإمام الشافعي ومات قبله، وغيرهم .

انتقال الواقدي إلى بغداد
كان الواقدي مع سعة علمه وفقهه يعمل في المدينة المنورة حناطا
(تاجر حنطة)، قال الواقدي: كنت حناطًا بالمدينة في يدي مائة ألف درهم
للناس أضارب بها، فتلفت الدراهم فشخصت إلى العراق، فقصدت يحيى
بن خالد، فكان انتقال الواقدي إلى العراق سنة 180هـ في أيام الخليفة
العباسي هارون الرشيد، فولاه الرشيد القضاء بشرقي بغداد.

علاقة الواقدي بالخلفاء العباسيين
اتصل الواقدي بالخلفاء العباسيين، بدءًا من هارون الرشيد عن طريق
علمه وسعة معلوماته عن الغزوات ومشاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فهناك رواية تقول: إن أمير المؤمنين هارون الرشيد لما حج في أول
سنة من خلافته سنة 170هـ، قال ليحيى بن خالد البرمكي: "ارتدْ لي
رجلًا عارفًا بالمدينة والمشاهد، وكيف كان نزول جبريل عليه السلام
على النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أي وجه كان يأتيه، وقبور
الشهداء". فسأل يحيى بن خالد عن العالم الذي تتوفر فيه تلك الصفات
التي طلبها الخليفة فدله الناس على الواقدي، وذلك حسب قوله هو (أي
الواقدي)، فقد قال: "كلهم دله عليَّ، فبعث إليَّ فأتيته، وذلك بعد العصر،
فقال لي يا شيخ؛ إن أمير المؤمنين -أعزه الله- يريد أن تصلي العشاء
الآخرة في المسجد، وتمضي معنا إلى هذه المشاهد، فتوقفنا عليها،
ففعلتُ، ولم أدع موضعًا من المواضع، ولا مشهدًا من المشاهد إلا مررت
بهما _يعني الخليفة هارون الرشيد ووزيره يحيى بن خالد البرمكي)
عليه. ومنحاه مالًا كثيرًا.

ومن هذه الحادثة توطدت العلاقة بين الواقدي ويحيى بن خالد
البرمكي، حتى طلب منه البرمكي أن يصير إليه في العراق، ففعل الواقدي
بعد أن ضاق به الدَّيْن وذلك سنة 180هـ، فأغدق عليه كثيرًا من الأموال
وأخلص هو في حبه للبرامكة، حتى إنه بعد نكبتهم المشهورة سنة
187هـ، كان كثير الترحم على يحيى بن خالد كلما ذكر اسمه.

ورغم صلة الواقدي القوية بالبرامكة إلا أن مكانته في بلاط خلفاء
بني العباس ظلت كما هي، ولم ينله ضرر بسبب تلك الصلة بعد نكبتهم،
بل ازدادت مكانته وثقة الخلفاء فيه إلى الحد الذي جعل المأمون يوليه
القضاء في عسكر المهدي، وهي المحلة المعروفة بالرصافة في شرق
بغداد، وكان المأمون كثير الإكرام له، ويداوم على رعايته
وظل في منصب القضاء حتى وفاته سنة 207هـ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق