الأحد، 12 ديسمبر 2021

تعريف الإخلاص

 

تعريف الإخلاص

الإخلاص في اللغة: خلص يخلص خلوصًا: صفا وزال عنه شوبه، ويقال:
خلص من ورطته: سلم منها ونجا، ويقال: خلَّصه تخليصًا: أي: نجَّاه،
والإخلاص في الطاعة: ترك الرياء؛ [المعجم الوسيط: (1/ 249)،
مختار الصحاح (ص: 77)].

قال ثعلب: والمخلصون: همالذين أخلصوا العبادة لله عز وجل والذين
أخلصهم الله تعالى؛ أي: اختارهم، فالمخلَصون: المختارون،
والمخلِصون: الموحدون، وكلمة الإخلاص: كلمة التوحيد؛
[لسان العرب لابن منظور: (7/ 26)].

وحقيقة الإخلاص: هو أن يريد العبد بعمله التقرب إلى الله تعالى وحده.

وقد ذكر أهل العلم تعريفات بعضها قريب من بعض:
♦ قال الكفوي رحمه الله في الكليات:
الإخلاص: هو القصد بالعبادة إلى أن يعبد بها المعبود وحده،
وقيل: تصفيه السر والقول والعمل.

♦ وقال المناوي رحمه الله:
الإخلاص: هو تخليص القلب من كل شوب يكدر صفاءه.

♦ وقال إبراهيم بن أدهم رحمه الله:
الإخلاص: ألَّا تطلب لعملك شاهدًا غير الله.

♦ وقال سهل التستري رحمه الله:
نَظَرَ الأكياسُ في تفسير الإخلاص فلم يجدوا غير هذا:
أن تكون حركته وسكونه في سره وعلانيته لله تعالى وحده،
لا يُمازجه شيء؛ لا نفس ولا هوى ولا دنيا.

♦ وقال أبو عثمان المغربي رحمه الله:
الإخلاص: نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق، ومن تزين للناس
بما ليس فيه، سقط من عين الله تعالى.

♦ وقال حنيفة المرعشي رحمه الله:
الإخلاص استواء أعمال العبد في الظاهر والباطن، والرياء: أن يكون
ظاهره خيرًا من باطنه، والصدق في الإخلاص: أن يكون باطنه أعمر
من ظاهره.

♦ وقيل لسهل رحمه الله:
أي شيء أشد على النفس؟ قال: الإخلاص؛ لأنه ليس لها فيه نصيب.

♦ وقال الجنيد رحمه الله:
الإخلاص سرٌّ بين الله وبين العبد، لا يعلمه مَلَكٌ فيكتبه، ولا شيطان
فيفسده، ولا هوًى فيميله؛ [مدارج السالكين: (2/ 95)].

♦ وكذا قال ابن القيم رحمه الله في كتابه "الفوائد":
الإخلاص: هو ما لا يعلمه مَلَكٌ فيكتبه، ولا عدوٌّ فيُفسده،
ولا يعجب به صاحبه فيبطله.

وعلى ما تقدم: يتضح أن الإخلاص: صرف العمل والتقرب به إلى الله
وحده، لا رياءً ولا سمعةً، ولا طلبًا للعَرَضِ الزائل، ولا تصنُّعًا، وإنما يرجو
ثواب الله، ويخشى عقابه، ويطمع في رضاه.

ولهذا قال القاضي عياض رحمه الله: "ترك العمل من أجل الناس رياء،
والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيَك الله منهما"؛
[مدارج السالكين لابن القيم: (2/ 91)].

والإخلاص في حياة المسلم: أن يقصد بعمله وقوله، وسائر تصرفاته
وتوجيهاته وتعليمه - وجهَ الله تعالى وحده لا شريك له، ولا رب سواه.

وإرادة الدنيا بعمل الآخرة ظلماتٌ متراكمة بعضها فوق بعض؛ لأن ذلك
ينافي كمال التوحيد، ويحبط العمل؛ قال تعالى:
{ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا
وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّار
وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }
[هود: 15، 16].

وكان ابن القيم رحمه الله يقول كما في كتابه الفوائد (ص: 67):
"العمل بغير إخلاص ولا اقتداء، كالمسافر يملأ جرابه رملًا يُثقله
ولا ينفعه، والطريق إليه: تجريد متابعة رسوله صلى الله عليه وسلم
ظاهرًا وباطنًا، وتغميض عين القلب عن الالتفات
إلى ما سوى الله ورسوله"؛ أ.ه.

فالإخلاص هو روح الدين، وأساس قبول العبادة، وطوق النجاة
في الدنيا والآخرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق