الاثنين، 13 ديسمبر 2021

أوَّل الأمم حسابًا يوم القيامة

 أوَّل الأمم حسابًا يوم القيامة


الأُمَّـة المحمدية أول أمة ستحاسب، وأول أمة سَتمُـرُّ على الصراط، وأول
أمة ستدخل الجَنَّة، فمن فضل الله تعالى على هذه الأمة المحمدية أن جعلها
آخر الأمم زمانًا، والأولى منزلة وفضلًا، فهي وإن تأخر وجودها في الدنيا
عن الأمم الماضية، فهي سابقة لهم في الآخرة، من كونها أول من يحشر،
وأول من يحاسب، وأول من يقضى فيهم، وأول من يدخل الجنة.

فمن مظاهر تكريم الله للأمة المحمدية أن يجعلها أول الأمم
في الحساب، ودليل ذلك:

ما أخرجه الإمام مسلم من حديث حذيفة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث له:
"... نحن الآخرون من أهل الدنيا، والأولون يوم القيامة المقضي
لهم قبل الخلائق".

وعند ابن ماجه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"نحن آخر الأمم، وأول مَن يُحَاسَبُ، يقال: أين الأُمَّة الأُمِّيَّة ونبيها؟
فنحن الآخرون الأولون"؛
(صحيح الجامع: 6749).

وأخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال:
"نحن الآخرون ونحن السابقون يوم القيامة، بيد أن كلَّ أُمَّةٍ أوتيت الكتاب
من قبلنا، وأوتيناه من بعدهم، ثم هذا اليوم - أي الجمعة - الذي كتبه الله
علينا هدانا الله له، والناس لنا فيه تبع، اليهود غدًا والنصارى بعد غد".

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري: 2/ 354 "
معلقًا على الحديث:
وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم:
"نحن الآخرون"؛ أي: الآخرون زمانًا، الأولون منزلة، والمراد: أن هذه
الأُمَّة وإن تأخَّر وجودها في الدنيا عن الأمم الماضية، فهي سابقة لهم في
الآخرة، بأنهم أول مَن يحشر، وأول مَن يحاسب، وأول مَن يقضى بينهم،
وأول من يدخل الجَنَّة؛ ا .هـ بتصرُّف.

والأمة المحمدية أول مَن ستمرُّ على الصراط:
فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن الناس
قالوا: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: هل تضارَّون في رؤية القمر ليلة البدر؟ قالوا: لا،
يا رسول الله، قال: فهل تضارَّون في الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا:
لا، يا رسول الله، قال: فإنكم ترونه كذلك، يجمعُ الله الناس يوم القيامة،
فيقول: من كان يعبد شيئًا فليتبعه، فيتبع من كان يعبد الشمسَ الشمسَ،
ويتبع من كان يعبد القمرَ القمرَ، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت،
وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتيهم الله تبارك وتعالى في صورة غير
صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا
مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاءنا ربنا عرفناه، فيأتيهم الله في صورته
التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، فيتبعونه ويضرب
الصراط بين ظهري [1]جهنم، فأكون أنا وأمتي أول من يجيز[2]،
ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل، ودعوى الرسل يومئذ اللهم سلم،
اللهم سلم ....."؛ الحديث.

والشاهد من الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ويضرب الصراط
بين ظهري جهنم، فأكونُ أنا وأمتي أول مَن يجيز، ولا يتكلم يومئذ
إلا الرسل، ودعوى الرسل يومئذ: اللهم سلم، اللهم سلم..."؛ الحديث.

وقد جاءت بعض الروايات تُبين أن أول من يجيز الصراط هم فقراء
المهاجرين، فقد أخرج الإمام مسلم من حديث ثوبان رضي الله عنه
مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كنت قائمًا عند رسول الله
صلى الله عليه وسلم، فجاء حَبر[3] من أحبار اليهود، فقال: السلام عليك
يا محمد، فدفعته دفعة كاد يصرع منها، فقال: لم تدفعني؟ فقلت: ألا تقول
يا رسول الله، فقال اليهودي: إنما ندعوه باسمه الذي سماه به أهلُه، فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن اسمي محمد الذي سماني به أهلي،
فقال اليهودي: جئت أسألك، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أينفعك شيء إن حدَّثتك، قال: أسمع بأذني، فنكت [4]رسول الله
صلى الله عليه وسلم بعود معه، فقال: سل، فقال اليهودي: أين يكون
الناس يوم تبدل الأرضُ غَيْرَ الأرض والسماواتُ؟ فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: هم في الظلمة دون الجسر[5]، قال: فمن أول
الناس إجازة[6]؟ قال: فقراء المهاجرين..."؛ الحديث.

أما كون الأمة المحمدية أول من سيدخل الجنة، فقد دل الحديث الذي
أخرجه الإمام مسلم من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "نَحْنُ الْآخِرُونَ الْأولُونَ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ، وَنَحْنُ أولُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ، بَيْدَ أَنَّهُمْ أوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا،
وَأوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ فَاخْتَلَفُوا فَهَدَانَا اللَّهُ لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ، فَهَذَا
يَوْمُهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ هَدَانَا اللَّهُ لَهُ "، قَالَ: "يَوْمُ الْجُمُعَةِ فَالْيَوْمَ لَنَا،
وَغَدًا لِلْيَهُودِ، وَبَعْدَ غَدٍ لِلنَّصَارَى".

والشاهد من الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم: "وَنَحْنُ أولُ مَنْ
يَدْخُلُ الْجَنَّةَ"، وأخرج ابن ماجه عن رفاعة بن عرابة الجهني
رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفس
محمد بيده، ما من عبد يؤمن ثم يسدِّد إلا سُلِك به في الجنة، وأرجو
ألا يدخلها أحد حتى تبوِّئوا أنتم ومن صلح من ذرياتكم مساكن في الجنة،
ولقد وعدني ربي عز وجل أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفًا بغير
حساب"؛ (الصحيحة) (2405: صحيح الجامع (7062: ،
وأول زمرة ستدخل الجنة هم المهاجرون، فقد أخرج الحاكم والبيهقي
من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتعلم أول زمرة تدخل الجنة من
أمتي؟ قلت: الله ورسوله أعلم، فقال: المهاجرون يأتون يوم القيامة إلى
باب الجنة ويستفتحون، فيقول لهم الخزنة: أوَقد حُوسبتم؟ فيقولون: بأي
شيء نحاسب؟! وإنما كانت أسيافنا على عواتقنا في سبيل الله حتى مُتنا
على ذلك، قال: فيفتح لهم، فيقيلون فيه أربعين عامًا قبل أن يدخلها
الناس"؛ (الصحيحة) (853: صحيح الجامع: 96).

[1] ويضرب الصراط بين ظهري جهنم: معناه يمد الصراط عليها.

[2] فأكون أنا وأمتي أول من يجيز: معناه يكون أول
من يمضي عليه ويقطعه.

[3] حبر: قال في المصباح: الحبر بالكسر، العالم، والجمع: أحبار؛ مثل
حمل وأحمال، والحبر: بالفتح، لغة فيه، وجمعه حبور، مثل فلس وفلوس.

[4] فنكت: معناه يخط العود في الأرض ويؤثر بها فيها،
وهذا ما يفعله المفكر.

[5] الجسر: والمقصود به الصراط.

[6] إجازة: أي جوازًا على الصراط ومرورًا عليه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق