الأحد، 12 نوفمبر 2023

السعادةَ الدائِمةَ

السعادةَ الدائِمةَ


الإيمانُ بالله - جلَّ وعلا - الذي يجعلُ الإنسانَ سعيدًا بما أُعطِيَ في هذه الدنيا،

راضِيًا بما رزقَه الله - جلَّ وعلا -، قانِعًا بما آتاه - تبارك وتعالى -.

يقولُ - صلى الله عليه وسلم - مُذكِّرًا بهذه الحقيقة:

( مَن أصبحَ مِنكم آمِنًا في سِربه، مُعافًى في جسَدِه، عنده قُوتُ يومِه،

فكأنَّما حِيزَت له الدنيا بحذافِيرِها )

رواه الترمذي وابن ماجَه.



فالفلاحُ للعبدِ بما يتضمَّنُه هذا الفلاحُ مِن السُّرور والنعيم لا يكونُ إلا بما أخبرَ به

صلى الله عليه وسلم - بقولِه:



( قد أفلحَ مَن أسلَمَ ورزقَه الله كفافًا، وقنَّعَه الله بما آتاه )

أخرجه مسلم.



وفي هذا المعنى يقولُ أحدُ الصالِحين:

" واللهِ إنا فِي سعادةٍ لو علِمَها أبناءُ المُلُوك لجالَدُونا عليها بالسيُوف ".



ويقولُ آخر:

"إنه لتمُرُّ بي أوقاتٌ أقولُ: إن كان أهلُ الجنَّة في مثلِ هذا إنهم لفي عيشٍ طيبٍ ".



معاشِر المُسلمين:

في قلوبِ العباد شعَثٌ لا يلُمُّه إلا الإقبالُ على الله - جلَّ وعلا -،

وفي قلوبِهم وحشةٌ لا يُزِيلُها إلا الأُنسُ به - جلَّ شأنُه -،

وفيها حزَنٌ - في هذه الدنيا - لا يُذهِبُه إلا السُّرورُ بتوحيدِه ومعرفتِه - عزَّ وجل -،

وفيها نيرانُ حسراتٍ لا يُطفِئُها إلا الرِّضا بأمرِه ونهيِه، وقضائِه وقدَرِه،

وهكذا هي الدنيا.

وفي القلوبِ فاقةٌ لا يسُدُّها إلا محبَّتُه - سبحانه -، والإنابةُ إليه،

ودوامُ ذِكرِه - سبحانه وتعالى -، يقولُ - جلَّ وعلا -:



{ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ }

[ الرعد: 28 ].



ويقولُ - صلى الله عليه وسلم -:



( أرِحنا يا بلالُ بالصلاة ! )

رواه أبو داود بسندٍ صحيحٍ.



إنه معنى « أرِحنا بالصلاة » لا " أرِحنا مِن الصلاة ".



ويقولُ - صلى الله عليه وسلم -:



( وجُعِلَت قُرَّةُ عيني في الصلاة )

رواه النسائي، وصحَّحه جمعٌ مِن الحُفَّاظ.



فمَن أرادَ السعادةَ الدائِمةَ، والراحةَ التامَّةَ ظاهرًا وباطنًا، في القلبِ وفي الجوارِح،

فعليه أن يضبِطَ نفسَه بأوامرِ الله - سبحانه -،

وأن يعيشَ بطاعةِ الله - جلَّ وعلا - في جميعِ حياتِه، وشتَّى تصرُّفاته؛

فإنه سينقلِبُ مِن نعيمٍ إلى نعيمٍ في هذه الدنيا، وفي دار البرزَخ،

وفي الدار الآخرة، وعليه دلالةُ قولِه - جلَّ وعلا -:



{ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ }

[ الانفطار: 13 ].



واحذَر - أيها المُسلم - مِن العِصيان؛ فوبالُه حسرةٌ وخُسرانٌ.

قال ابنُ القيِّم - رحمه الله تعالى -:

"إن العبدَ إذا عصَى اللهَ سلَّط الله عليه أمرَين لا ينفَكَّان عنه

حتى يثُوبَ إلى الله - جلَّ وعلا -: الأول: الغمُّ، الثاني: الهمُّ، قال - جلَّ وعلا -:



{ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا }

[ طه: 124 ]".



فعلَّق قلبَك - أيها المُسلم - بالله - جلَّ وعلا -، أحسِن الظنَّ بربِّك،

وكُن عبدًا نقيًّا تقيًّا طائِعًا؛ تكُن سعيدًا فرِحًا مسرُورًا، فربُّنا - جلَّ وعلا - يقول:



{ أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ }

[ الزمر: 22 ].



جعلَنا الله وإياكم في سُرورٍ وحُبُورٍ.

أقولُ هذا القولَ، وأستغفِرُ اللهَ لي ولكم ولسائِرِ المُسلمين من كل ذنبٍ،

فاستغفِرُوه إنه هو الغفورُ الرحيمُ.



 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق