بسم الله الرحمن الرحيم

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ ابْنُ بِنْتِ أَزْهَرَ السَّمَّانِ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ
حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ رضى الله عنهم

عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضى الله تعالى عنه
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ قَالَ

( الرَّاكِبُ خَلْفَ الْجَنَازَةِ وَ الْمَاشِي حَيْثُ شَاءَ مِنْهَا وَ الطِّفْلُ يُصَلَّى عَلَيْهِ )

قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
رَوَاهُ إِسْرَائِيلُ وَ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَ الْعَمَلُ عَلَيْهِ
عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ وَ غَيْرِهِمْ
قَالُوا يُصَلَّى عَلَى الطِّفْلِ وَ إِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ بَعْدَ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ خُلِقَ وَ هُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَ إِسْحَقَ .

الشــــــــــروح

قَوْلُهُ : ( بِشْرُ بْنُ آدَمَ ابْنِ بِنْتِ أَزْهَرَ السَّمَّانُ )

قَالَ فِي التَّقْرِيبِ : بِشْرُ بْنُ آدَمَ بْنِ يَزِيدَ الْبَصْرِيُّ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنُ بِنْتِ أَزْهَرَ السَّمَّانُ
صَدُوقٌ فِيهِ لِينٌ مِنَ الْعَاشِرَةِ . انْتَهَى ،
و قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ : رَوَى عَنْ جَدِّهِ لِأُمِّهِ أَزْهَرَ السَّمَّانِ وَ ابْنِ مَهْدِيٍّ وَ زَيْدِ بْنِ الْحُبَابِ
وَ عَنْهُ ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ : لَيْسَ بِقَوِيٍّ ، و قَالَ النَّسَائِيُّ لَا بَأْسَ بِهِ
( عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَ تَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ الْمَفْتُوحَةِ ، ثِقَةٌ.

قَوْلُهُ : ( الرَّاكِبُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ )


أَيْ : يَمْشِي خَلْفَهَا
( وَ الْمَاشِي حَيْثُ شَاءَ مِنْهَا ) أَيْ : يَمْشِي حَيْثُ أَرَادَ مِنَ الْجِنَازَةِ خَلْفَهَا ، أَوْ قُدَّامَهَا ،
أَوْ يَمِينَهَا ، أَوْ شِمَالَهَا ، زَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ : قَرِيبًا مِنْهَا
( وَ الطِّفْلُ يُصَلَّى عَلَيْهِ ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ : الطِّفْلُ بِالْكَسْرِ : الصَّغِيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَ الْمَوْلُودُ ،
و فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ
[ وَ السِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَ يُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْمَغْفِرَةِ وَ الرَّحْمَةِ ]
قَالَ فِي الْقَامُوسِ : السِّقْطُ مُثَلَّثَةٌ ، الْوَلَدُ لِغَيْرِ تَمَامٍ . انْتَهَى.

قَوْلُهُ : ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ )


وَ صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ بِلَفْظِ
[ السِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَ يُدْعَى لِوَالِدَيْهِ بِالْعَافِيَةِ وَ الرَّحْمَةِ ]
قَالَ الْحَاكِمُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، لَكِنْ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ مَوْقُوفًا عَلَى الْمُغِيرَةِ،
وَ قَالَ لَمْ يَرْفَعْهُ سُفْيَانُ، وَ رَجَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ الْمَوْقُوفَ ، كَذَا فِي التَّلْخِيصِ ،
و الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَ أَبُو دَاوُدَ ، وَ النَّسَائِيُّ، وَ ابْنُ مَاجَهْ ،
و فِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي تَرْجَمَةِ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ ، وَ هُوَ مَتْرُوكٌ ،
و مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله تعالى عنهما أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ شَرِيكٍ
عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْهُ ،
وَ قَوَّاهُ ابْنُ طَاهِرٍ فِي الذَّخِيرَةِ ، وَ قَدْ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ تَعْلِيقًا ،
وَ وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، و أَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ الْبُخْتُرِيِّ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله تعالى عنه مَرْفُوعًا
[ صَلُّوا عَلَى أَطْفَالِكُمْ فَإِنَّهُمْ مِنْ أَفْرَاطِكُمْ]
إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ ، كَذَا فِي التَّلْخِيصِ.

قَوْلُهُ : ( قَالُوا : يُصَلَّى عَلَى الطِّفْلِ ، وَ إِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ بَعْدَ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ خُلِقَ ،
وَ هُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَ إِسْحَاقَ)

قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ : اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى السِّقْطِ ، فَرُوِيَ

عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضى الله تعالى عنهما أَنَّهُ قَالَ :

[ يُصَلَّى عَلَيْهِ ، وَ إِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ ، ]
وَ بِهِ قَالَ ابْنُ سِيرِينَ، وَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ،
و قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ كُلُّ مَا نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ ،
وَ تَمَّتْ لَهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَ عَشْرٌ صُلِّيَ عَلَيْهِ ،
و قَالَ إِسْحَاقُ: إِنَّمَا الْمِيرَاثُ بِالِاسْتِهْلَالِ ، فَأَمَّا الصَّلَاةُ فَإِنَّهُ يُصَلَّى عَلَيْهِ ؛
لِأَنَّهُ نَسَمَةٌ تَامَّةٌ قَدْ كُتِبَ عَلَيْهَا الشَّقَاوَةُ وَ السَّعَادَةُ ، فَلِأَيِّ شَيْءٍ تُتْرَكُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ ؟
و رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ : إِذَا اسْتَهَلَّ وَرِثَ وَ صُلِّيَ عَلَيْهِ- السقط - ،
و عَنْ جَابِرٍ : إِذَا اسْتَهَلَّ صُلِّيَ عَلَيْهِ ، وَ إِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ ،
و بِهِ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ ، وَ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَ الْأَوْزَاعِيِّ، وَ الشَّافِعِيِّ . انْتَهَى كَلَامُ الْخَطَّابِيِّ ،
وَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَحْمَدُ وَ إِسْحَاقُ رَجَّحَهُ الْعَلَّامَة ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي الْمُنْتَقَى حَيْثُ قَالَ :
[ وَ إِنَّمَا يُصَلَّى عَلَيْهِ إِذَا نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ ، وَ هُوَ أَنْ يَسْتَكْمِلَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ،
فَأَمَّا إِنْ سَقَطَ لِدُونِهَا فَلَا ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَيِّتٍ إِذْ لَمْ يُنْفَخْ فِيهِ رُوحٌ ]
و أَصْلُ ذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ رضى الله تعالى عنه قَالَ :

[ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ ، وَ هُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ
( إِنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ،
ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ،
ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ إِلَيْهِ مَلَكًا بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ يَكْتُبُ رِزْقَهُ وَ أَجَلَهُ وَ عَمَلَهُ
وَشَقِيٌّ ، أَوْ سَعِيدٌ ، ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ) ]
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . انْتَهَى ،
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ بَعْدَ ذِكْرِ كَلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ هَذَا :
وَ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَنْ سَقَطَ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَ لَمْ يَسْتَهِلَّ ، وَ ظَاهِرُ حَدِيثِ الِاسْتِهْلَالِ أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ ،
وَ هُوَ الْحَقُّ ؛ لِأَنَّ الِاسْتِهْلَالَ يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ الْحَيَاةِ قَبْلَ خُرُوجِ السِّقْطِ كَمَا يَدُلُّ عَلَى وُجُودِهَا بَعْدَهُ ،
فَاعْتِبَارُ الِاسْتِهْلَالِ مِنَ الشَّارِعِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَيَاةَ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الْبَطْنِ
مُعْتَبَرَةٌ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى الطِّفْلِ ،
وَ أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِمُجَرَّدِ الْعِلْمِ بِحَيَاتِهِ فِي الْبَطْنِ فَقَطْ . انْتَهَى كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ