الاثنين، 9 نوفمبر 2015

شرح دعاء

شرح دعاء
اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ الْفِرْدَوْسَ أَعْلَى الْجَنَّة


المفردات:
الفردوس: الفردوس اسم من أسماء الجنة,
 وأصله البستان الواسع الذي يجمع كل ما في البساتين,
من أصناف الثمر,
 والمراد هنا مكان الجنة من أفضلها .
الشرح:
هذا الدعاء المبارك فيه أعظم مطلب, وأسمى مقصد,
 وأجلّ مأمل في الدار الآخرة؛ فإن الرب الحكيم العليم,
 جعل الجنة جنان عالية, عليَّة مكاناً,
 ومكانةً, بعضها فوق بعض،
 على قدر أعمال العباد,
 حتى تتسابق الهمم على نيل أعلاها,
كما قال اللَّه تعالى:
 
 } وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ { .
 وقال النبي صلى الله عليه وسلم 
( من آمن باللَّه، وبرسوله، وأقام الصلاة، وصام رمضان،
 كان حقاً على اللَّه تعالى أن يدخله الجنة,
 جاهد في سبيل اللَّه أو جلس في أرضه [أو جلس في بيته]
 فقالوا:يا رسول اللَّه,
أفلا نبشِّرُ الناس؟
 قال:  إن في الجنة مائة درجة أعدها اللَّه للمجاهدين في سبيل اللَّه,
 ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض,
 فإذا سألتم اللَّه فاسألوه الفردوس،
فإنه أوسط الجنة,
 وأعلى الجنة, وفوقه عرش الرحمن,
ومنه تفجر أنهار الجنة )
و في لفظ: 
( ألا أخبر الناس؟
فقال:  ذر الناس يعملون؛ فإن في الجنة مائة درجة,
 ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض,
 والفردوس أعلى الجنة, وأوسطها)
 فقوله صلى الله عليه وسلم 
( في الجنة مائة درجة ): ( تعليل لترك البشارة المذكورة )
قال الطيبي رحمه اللَّه:
 ( هذا الجواب من أسلوب الحكيم،
 أي بشرهم بدخولهم الجنة بما ذكر من الأعمال,
 ولا تكتف بذلك, بل بشرهم بالدرجات,
 ولا تقتنع بذلك, بل بشرهم بالفردوس الذي هو أعلاها ).
قوله: ( ذر الناس يعملون ): ( أي لا تطمعهم في ترك العمل,
والاعتماد على مجرد الرجاء ) .
قوله صلى الله عليه وسلم 
( أوسط الجنة وأعلى الجنة ):  المراد بالأوسط هنا الأعدل،
والأفضل,
 كقوله تعالى:
} وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا {
.فعلى هذا فعطف الأعلى عليه للتأكيد,
 وقال الطيبي: المراد بأحدهما العلوّ الحسّي,
وبالآخر العلوّ المعنوي,
وقال ابن حبان: أي( الفردوس وسط الجنة في العرض,
و( أعلى الجنةيريد به في الارتفاع
قلت: قول الطيبي،
وكذلك قول ابن حبان هو الصحيح؛
 لأنه كما هو معلوم أن لعطف يفيد المغايرة,
والأمر الثاني: ( أن التأسيس مقدم على التأكيد )
لأن فيه زيادة للمعنى، وهذا هو الأصل.
وقول ابن حجر رحمه اللَّه: أن معنى الأوسط: الأعدل،
 والأفضل فصحيح،
إذا لم يقر معه لفظ يغايره كما هنا,
ومما يدل على ذلك,
 ما جاء عن سمرة بن جندب رضى الله عنه ,
 عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
 ( الْفِرْدَوْسُ رَبْوَةُ الْجَنَّةِ وَأَوْسَطُهَا وَأَفْضَلُهَا )
والربوة - بالضم والفتح-: ما ارتفع من الأرض .
 فغاير بين رفعتها مكاناً،
وبين ( أوسطها وأفضلها ) مكانة،
 أي علوّ شأنها وقدرها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق