السبت، 9 يناير 2021

روائع الإعجاز النفسي (37)

 روائع الإعجاز النفسي (37)


قوة التأثر على الآخرين
هذا الموضوع شغل اهتمامي منذ سنوات طويلة، فكنتُ أبحث بين كتب علم
النفس والتحليل النفسي عن الطرق الناجعة للتأثير على الآخرين إيجابياً،
فمَن منا لا يتعامل مع الآخرين ويتمنى أن يترك أثراً حسناً في نفوسهم؟
ومن منّا من لا يتمنى أن يكتسب ثقة من حوله ويعطي انطباعاً إيجابياً
عن شخصيته؟ ولكن ما هو السبيل لتحقيق ذلك؟

إخوتي في الله! لقد وجدت عدة تقنيات يمكن للإنسان أن يستخدمها في
حياته اليومية وأثناء تعامله مع المجتمع المحيط به، وسوف يؤثر فيهم
بشكل إيجابي ويكسب ثقتهم بل ومحبتهم. وهذه التقنيات طرحها الكاتب
الأمريكي الأكثر شهرة ديل كارنيجي Dale Carnegie والذي يعتبر من
أهم المؤلفين في القرن الماضي. هذه الأساليب طرحها بعد تجارب استمرت
أكثر من ثلاثين عاماً.

والذي لفت انتباهي أن ما يطرحه الكاتب الأمريكي هو نفس ما يطرحه
القرآن بالضبط!! فهو يقول في كتابه: كيف تكسب الأصدقاء
وتؤثر في الناس:

الأسلوب الأول: الابتعاد عن الجدال
إن أفضل طريقة لكسب الآخرين والتأثير عليهم أن تتجنب الجدال! وأن
تحاول اختصار الحديث ما أمكن، لأن الجدال يضعف ثقة الآخرين بك
وبالتالي يضعف قوة تأثيرك عليهم.

إن هذا الأسلوب طرحه القرآن منذ أربعة عشر قرناً في قوله تعالى:

{ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }
[النحل: 125].

وهنا نرى بأن القرآن لم ينهنا عن الجدال مطلقاً، بل أمرنا بالجدال الحسن،
لأن الابتعاد عن الجدال أمر مستحيل عملياً، وهناك أشخاص إذا لم تناقشهم
لا يمكن أن تكسب ثقتهم.

وهنا أعجب من أولئك المشككين برسالة محمد صلى الله عليه وسلم،
لو كان كلامهم عن نبي الرحمة صحيح فلماذا أمرنا بالمجادلة بالتي هي
أحسن؟ ولماذا أمرنا بالموعظة الحسنة؟ إن التفسير الوحيد لوجود هذه
التعاليم في القرآن هو أنه كتاب الله تعالى.

من كتاب روائع الإعجاز النفسي
بقلم المهندس/ عبد الدائم الكحيل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق