الخميس، 17 فبراير 2022

الغفلة

 

الغفلة


شيع الحسن جنازة فجلس على شفير القبر فقال:

إن أمراً هذا آخره لحقيق أن يُزهد في أوله

وإن أمراً هذا أوله لحقيقٌ أن يُخاف آخره

---------------


اللهم ارحمنا إذا درس قبرنا.. ونُسي اسمنا..

وانقطع ذكرنا.. فلم يذكرنا ذاكر.

ولم يزرنا زائر..

اللهم ارحمنا إذا أهلونا.. اللهم ارحمنا إذا كفنونا..

اللهم ارحمنا إذا على أكتافهم حملونا...

· كان الشريط يسير بسرعة.. وكنت أتابع دعاء الإمام بتركيز ولهفة.

أعدت هذا الدعاء.. مرة.. وأخرى.. كلما قاله ودعا به حق..

ستنقطع بنا الحياة..

وسنُغسل.. ونكفن.. ثم نوضع في لحد تحت الأرض.. ويُنسى اسمنا.....

ولكن ذاك الصوت المقترن بالخشوع.. جعلني أتوقف برهة..

وأعيد الشريط مرة ثالثة..

لقد كانت أختي.. مثال الأخت الداعية.. المجتهدة.. لقد حاولت أن أكون

محافظاً على الصلاة.. وعلى الطاعات.. حاولت بكل ما تستطيع...

بالكلمة.. وبالشريط.. والكتاب..

· وفي أحد الأيام.. عندما ركبت معي في السيارة.. أخذ بنا الحديث..

وعندما هممنا بالنزول.. وضعت هذا الشريط في جهاز خرجت من العد..

بحركة عفوية.. لا شعورية.. ضغطت على الشريط.. وأنا لا أذكر ما فيه..

ولكني كالعادة أتوقع.. كلمة مغناة.. من التي أحبها.. ولكن شاء الله

أن يكون هذا الشريط..

سمعته في صباح ذاك اليوم.. وأعدته في المساء.. وبعد العشاء..

سألتها ما هذا الشريط الذي وضعتيه..؟

قالت.. هل أعجبك!!

قلت لها.. لا شك..

ولم تكن العادة إجابتي بهذا الترحيب..

فرِحَتْ.. وكان بيدها كتاب فوضعته جانباً.. أعادت سؤالها..

هل أعجبك صوت الإمام وقراءته..؟

قلت لها.. نعم..

كانت هذه الإجابة مقدمة لحوار طويل.. ولقد كان مثل هذا الحوار متكرراً.. ولكنه هذه المرة اختلف كثيراً.. في النهاية.. قالت لي.. سأقرأ عليك

ما قرأته قبل قليل..

مرّ الحسن البصري بشاب مستغرق في ضحكه وهو جالس مع قوم

في مجلس.. فقال له الحسن..يا فتى.. هل مررت على الصراط؟

قال.. لا.. قال.. فهل تدري إلى الجنة تصير أم إلى النار..؟ قال.. لا..

قال: فما هذا الضحك.. صمتنا برهة.. ثم التفتتْ إلىّ..

إلى متى هذه الغفلة...؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق