الأربعاء، 16 فبراير 2022

الباب المفتوح

الباب المفتوح


ولما قســا قلبي وضاقت مذاهبي *** جعلتُ رجـائي نحـو بابك سُلما

-------


على الرغم من أنني كنت مشتغلاً بدراستي الجامعية إلا أن لدي بعض الوقت

أقضيه في مزاولة هوايتي المفضلة – كما يقال – وهي المراسلة..

فقد اشتركت في مجلة دولية للمراسلة.. وكانت لي علاقات مع أصدقاء

كثيرين في أنحاء العالم فقد كنا نتبادل الصور والطوابع.

وفي نهاية السنة الثالثة الجامعية وقبل اقتراب العطلة الصيفية..

فكرت في أن أسافر لعدة دول..

أولا: أترف على تلك الدول..

ثانياً: أتعرف على الأصدقاء الذي لي علاقة ببعضهم منذ سنتين

أو أكثر..من الناحية الاقتصادية..

الموضوع بالنسبة لي سهل حيث أنني لن أصرف مبالغ كثيرة..

سأحل ضيفاً على الأصدقاء لمدة يومين أو ثلاثة.. إلى أسبوع..

ومن جهة أخرى سيقوم الأصدقاء بتعريفي على الأماكن الأثرية

والمواقع السياحية.. فسأكون محفولاً مكفولا..

نظمت خط سير رحلتي من المملكة فقررت أن أزور فرنسا أولا بعد ذلك

أغادر إلى أسبانيا ثم إلى المغرب ثم إلى مصر وأخيراً أعود إلى بلادي..

وخط سيري هذا رتبته مع العديد من الأصدقاء الذين في هذه الدول ورحبوا

بزيارتي.. كما أنني لم أرتبط بحجز للسفر.. بل تركت الأمور حسب

ارتياحي في كل دولة..

· أنهيت العام الدراسي.. ونجحت والله الحمد بتفوق.. أخبرت أهلي بسفري..

لم يكن لديهم ممانعة في ذلك.. أحضرت آلة تصوير

وبعض الأوراق الضرورية..


كما أنني لم أنس عناوين وهواتف الأصدقاء أقنعت نفسي أنني سأسافر

للسياحة.. لا للمظاهر والبهرجة.. لذا اشتريت من الملابس أبسطها..

وحملت من المال ما يكفيني..


لغتي الإنجليزية لم تساعدني في محطتي الأولى حيث يتكلم الشعب الفرنسي

اللغة الفرنسية ولكن عندما استقلت سيارة أجرة من المطار

إلى مدينة باريس..

عرف أن اللغة الإنجليزية يتحدثها أصحاب الفنادق والمحلات الكبرى..

نزلت في فندق متواضع وكان الجو بارداً.. وملابسي يبدو أنها لن تقوم

بالواجب.. فجسمي بدأ يرتعش من البرد.. الليلة الأولى مضت.


وسرني أنني عندما اتصلت على صديقي وكان في مدينة بعيدة عن باريس

وأخبرته بقدومي.. أطهر لي السرور وأخبرني أنه سينتظرني غداً

عند محطة القطار في مدينته..

في الغد حملت حقيبتي.. وركبت القطار..

ولا شك أنني عاتبت نفسي لكثرة التقاطي للصور.. خوفاً من نفاد الأفلام

التي معي..

ولكن المناظر الطبيعية.. تأسرك بجمالها..

قبل وصول القطار بفترة..

أخرجت صورة صديقي الفرنسي أتفحصها.. لكي أتعرف عليه..

فأنا لم أره ولم يرني من قبل..

لم أجد صعوبة عند توقف القطار ونزولنا في التعرف على صديقي..

سار بنا إلى منزله.. وكان يتلكم الإنجليزية.. لغة المراسلة بيننا..

قضيت أياماً جميلة عندهم.. امتدت لخمسة أيام.. ثم بعد أن شاهدت

مدينته وزرت مناطق السياحة فيها..

سافرنا سوياً إلى مدينة أخرى مكثنا فيها يومين ثم عدنا إلى باريس معاً

وأمضينا فيها ثلاثة أيام عند أحد أصدقائه..

· بعدها غادرت إلى ألمانيا..

نفس مشكلة اللغة من جديد فالألمان لا يتكلمون إلا اللغة الألمانية.

في ألمانيا ارتحت أكثر لأن صديقي يملك سيارة.. وهذا ساعدنا على حرية

الحركة وإن كان أفقدنا بعض المتعة من السفر في القطار

والرحلات الجماعية..

على أية حال.. مكثت في ألمانيا لمدة أسبوع وكان صديقي يمضي إجازة

مثلي.. فلم نُقم في منزلهم سوى يوم واحد.. ومن ثم أخذنا في التجوال

في ألمانيا.. بل إننا قطعنا مسافة تزيد على خمسة آلاف كيلو متراً

من الطرق.. وهذا كلفنا ثمن شراء وقود السيارة.. وكان هذا الثمن

مناصفة بيننا..


رأيت ألمانيا أكثر من فرنسا.. كما أن صديقي الألماني وضعه المادي جيد..

وله أقارب في مناطق متفرقة من ألمانيا.. وإن كان أقاربه لم يقدموا لنا

شيئاً يذكر..

· غادرت ألمانيا إلى أسبانيا وقد خططت لتكون الإقامة أطول فيها..

دمعتك في أسبانيا تسبق نظرك..

ماذا ترى بالأندلس.. ألم تسمع قصيدة الرثاء في سقوط الأندلس..


لكل شيء إذا مـا تـم نُقصــان *** فلا يُغــر بطيب العيــش إنسـان

هي الأمـور كمـا شاهدتها دولً *** من سـره زمـُن ساءته أزمــــان


يعتصر قلبك ويعجز لسانك.

اتصف الآثار.. عظمة في الدولة.. وعظمة في البناء..

هذا مآله..

كلما دخلتُ مسجداً اهتز قلبي..

كم من الركع ذهبوا.. كم من العباد دلفوا..

والناس مشغولة..

هذا الفسيفساء.. وهذا عقد.. وهذا.. كأن الإسلام مباني..

على الرغم من أنني أزور المسجد المجاور لنا إلا قليلاً..

لكن مساجد الأندلس تختلف..

بل كم مرة دخلت مسجد الحي ولم يهتز في جفن.. وأنا داخل للصلاة..

والآن تهتز جوانحي وأنا سائح.. لا مصل ولا عابد...

حدثني صديقي الأسباني عن عدل المسلمين عندما كانوا هنا..

وحدثني عن معلومات تاريخية..

لا أعرف صحتها من خطئها.. كلما هنالك أنني أحرك رأسي

عند نهاية كلامة.. لا أجد جواباً..
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق