الثلاثاء، 15 فبراير 2022

الضيف الذي يأتي فجأة

الضيف الذي يأتي فجأة
 
قصة حقيقية ومؤثرة من أندر القصص التي جرت معي على الإطلاق :

والله الذي لا إله إلا هو ..
أروي لكم هذه القصة كثيراً لشدة تأثري بها تأثراً بالغاً
لأنها وقعت معي بشكل يقيني .

- كنت قديماً مُدرِّساً بمدرسة ثانوية ، وكانت هناك ساعة فراغ فجائية ،
وبيتي بعيد لا يحتمل أن أذهب إلى البيت وأعود ، فكان لابد من أن
أمضي هذه الساعة في المدرسة .

فاخترت أن أمضيها عند مدير المدرسة وهو صديقي ، فلما دخلت عليه
إستضافني وقدم لي كوباً من الشاي ، وبدأ يشكو لي همومه ومتاعبه ،
وأنه متضايق من هذا البلد ، ويريد أن يسافر ، وقد طلب إعارة إلى
الجزائر ليُدرّس هناك ، ووافقوا له .

قال لي : أريد أن أذهب إلى هناك ، وأرتاح قليلاً ، قال لي : الراتب مضاعف
عندهم ، أريد أن أبقى خمس سنوات ، لا أريد الرجوع في الصيف ، أريد
أن أمضي صيفاً في باريس ، وصيفاً في إسبانيا ، وصيفاً في ألمانيا ،
وصيفاً في إيطاليا ، وصيفاً في بريطانيا .

قال : أريد أن أرى تلك البلاد ، وأرى متاحفها ، وأرى ريفها ، وحضاراتها ،
وبعد خمس سنوات أرجع إلى بلدي وأقدم استقالتي وآخذ التقاعد
وأستريح من التعب .

وعندما أعود ومعي المبلغ الذي جمعته من هذا السفر ، سأشتري محلاً
تجارياً أبيع فيه التحف القديمة ، وأجعل من هذا المحل منتداً فكرياً وأدبياً
، ( هو كان يدرس مادة الفلسفة )
قال لي : ثم يكبر أولادي ويستلمون هذا المحل ، وأزوجهم من الدخل الذي
سأجنيه من هذا المحل ، وأنزل أنا إلى المحل يومياً بعد الظهر ،
وأصدقائي يأتون إلي ويجلسون عندي .

وأنا أسمع له كل هذا الوقت وهو يتحدث ، كان متحدثاً لبقاً ، وكلامه لطيف ،
وقد رسم لي في مخيلتي والله فيما أذكر ، مشروع عمل لأكثر من ثلاثين سنة
قادمة !!

ثم انتهى اللقاء ، فودعته وأكملت دوامي في المدرسة ، ثم بعدها ذهبت للبيت
، وتغديت ، وكان عندي عمل في مركز المدينة مساءً ، فقلت في نفسي :
سأذهب وأعود مشياً على الأقدام لأحرك جسدي من أجل الرياضة .

والله الذي لا إله إلا هو ..
وأنا في طريق العودة مساءً إلى بيتي أمشي ،
قرأت نعوته على الجدران !!!!!
أقسم لكم بالله .. ( في اليوم نفسه مات (
لقائي كان معه الساعة 11 صباحاً ، ومساءً الساعة 7
رأيت نعوته على الجدران !!!!

العبرة :
أن الإنسان يحلم ويحلم ويحلم، فيأتيه مَلَكُ الموت، فيلغي كل آماله،
وكل شطحاته، وكل تصوراته .

الموت يأتي فجأةً والقبر صندوق العمل

-فهذا الضيف الذي يأتيك فجأةً ، مهما كان حجمك المالي ..
يجعلك تخسره كله في ثانية واحدة !
-أموالك المنقولة وغير المنقولة .. أصبحت ليست لك !
-خزانتك الخاصة في بيتك .. تُفتح ويُؤخذ منها كل شيء !
-ملابسك وبدلاتك الثمينة .. قد يعطوها للفقراء من أجل ألا يتذكروك ويتألموا !
-أشيائك الثمينة وكل الهدايا التي قُدِّمت لك في حياتك .. توزع على الورثة !
-سيارتك التي كنت تعتني بها ولا تسمح لأحد غيرك أن يركبها ..
تُؤخذ مفاتيحها وتُركب من قِبل أولادك !

كله انتهى .. لم يبقَ لك شيء .. مغادرة بلا عودة ..
لا تملك شيئاً !
لا تملك إلا عملاً صالحاً فقط .

فالكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ،
والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني .

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق