الأحد، 21 مايو 2023

فى رحاب آية105

فى رحاب آية105


إبراهيم خليل الله خرج مهاجرا من بلده، هاجراً الوطن والأهل ذاهبا إلى الله {وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين} [الصافات:99].

وبعد الهجرة يجد إبراهيم عليه السلام نفسه تتوق للذرية فيدعو ربه أن يرزقه غلاما صالحا يكون مؤمنا
حقا وبداية لأهل وأسرة مؤمنة عوضا عن أهله الذين تركهم في بلده {ربِ هبْ لِي مِن الصالِحِين} [الصافات:100].

وكان الدعاء بالذرية من إبراهيم عليه السلام دعاء مخصصا أن تكون ذرية صالحة، وهكذا يجب أن يكون حال كل مسلم يدعو الله عز وجل بالذرية، فعليه أن يقرنها بأن تكون صالحة، فكم من آباء تمنوا أنهم ما رزقوا بالأبناء من سوء أخلاقهم، فمن أجل الإصلاح والإعمار تطلب الذرية الصالحة، والله سبحانه مجيب الدعاء، يستجيب دعاء الداعي إذا دعاه {فبشرناه بغلام حليم} [الصافات:101].

قال صاحب الكشاف في البشرى: إن البشارة إنطوت على ثلاثة: على أن الولد غلام ذكر، وأنه يبلغ أوان الحلم،
وأنه يكون حليما، فهذا إبراهيم عليه السلام يرزق بالغلام الحليم، فيا لها من فرحة وسعادة بشرى بغلام متصف
بصفات يحبها الأب إنها نعمة عظيمة من الله، وتزداد فرحة الوالد بولده حينما يشتد عوده ويبلغ السعي
مع والده ويشاركه فتزداد فرحة إبراهيم عليه السلام بغلامه الحليم، حقا لقد تحققت الفرحة وزادت السعادة بإسماعيل.

والآباء عادة ما يحبون أن يفدوا أولادهم من المصائب فهم فلذات الأكباد وفرحة الروح والفؤاد.

ومع الفرحة العارمة بمجيء إسماعيل وإكتمال السعادة ببلوغ إسماعيل السعي يأتي الإختبار العظيم..
إختبار العاطفة وإختبار الطاعة والإستسلام برؤيا إبراهيم بذبح إسماعيل، فكان التسليم لأمر الله
ولو كان تلميحا وليس تصريحا، كانت إستجابة من شيخ كبير رزق بغلام

حليم في غربة عن الأوطان، فلم يشأ إبراهيم أن يباغت إسماعيل بتحقيق أمر الله دون مشاركة
من الابن الصالح {فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني

أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين} [الصافات:102].

وعند التسليم والإستسلام من الأب المحب لابنه، والطاعة من الابن الصالح ظهرت نتيجة الإختبار فجاء النداء

لإبراهيم وإسماعيل بالفداء العظيم لعظمة الإختبار والنتيجة، فهي رحمة الله بعباده،
فماذا يسفر الذبح والدم بعد الطاعة والإستسلام دون تهاون أو تأخير أو تضجر،

ومع رحمة الأب بإبنه وعاطفته العارمة إلا إن هذه العاطفة والرحمة هي أقل من رحمة الله بعباده،
فهو الرحمن الرحيم، رحمن الدنيا والآخرة، فكان من عظيم نعم الله

علينا أن جعل رحمته مائة ضعف من رحمة الآباء، ومهما كانت رحمة الأب بإبنه فرحمة الله أعظم

ومهما كان لطف الآباء بأبنائهم فلطف الله أكبر {وفديناه بذبح عظيم*

وتركنا عليه في الآخرين*سلام على إبراهيم*كذلك نجزي المحسنين*إنه من عبادنا المؤمنين} [الصافات:107-111].

وامتن الله على إبراهيم لا بإسماعيل فقط بل بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب أيضاً،

وفوق ذلك قال {كلا هدينا} [الأنعام:84] أي أنهما كانا من أهل الهداية.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق