السبت، 6 أكتوبر 2018

الرضا (5)

الرضا (5)


ما معنى هذا الدعاء للنبي عليه الصلاة والسلام؟ :

لذلك أجمل دُعاء دعاهُ النبي -عليه الصلاة والسلام- في هذا الموطن,
يقولُ عليه الصلاة والسلام:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِيِّ الأَنْصَارِيِّ, عَنْ رَسُولِ اللَّهِ –
صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ:

( اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي حُبَّكَ, وَحُبَّ مَنْ يَنْفَعُنِي حُبُّهُ عِنْدَكَ, اللَّهُمَّ مَا رَزَقْتَنِي
مِمَّا أُحِبُّ, فَاجْعَلْهُ قُوَّةً لِي فِيمَا تُحِبُّ, اللَّهُمَّ وَمَا زَوَيْتَ عَنِّي مِمَّا أُحِبُّ,
فَاجْعَلْهُ فَرَاغًا لِي فِيمَا تُحِبُّ )

[أخرجه الترمذي في سننه]

أعطاك مالاً، ليكُن هذا المال مبذولاً في الحق، زوى عنكَ المال,
ليكن الفراغ الذي نشأَ من حِرمانِكَ من المال في سبيل الله.
أحياناً الإنسان يكون زواجُهُ ناجحاً جداً, طبعاً أكثر وقته مع زوجته،
أحياناً يكون زواجُهُ غير ناجح, فيصبحَ عِندَهُ فراغ, يجلس في الغرفة وحده.
مثلاً:
عِندُهُ فراغ ناتج من زواج غير ناجح, يا ربي اجعل هذا الفراغ في سبيلك،
أنتَ مثل المنشار على الحالتين رابح، إن أعطاكَ اللهُ ما تبتغي فهوَ في سبيلِ الله،
وإن زوى عنكَ ما تُحب فهوَ في سبيل الله, هذا حال المؤمن.
ما هو الحمد المشهور؟ :

حَدَّثَنَا ثَابِتٌ, عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ:

( بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَاعِدٌ مَعَ أَصْحَابِهِ إِذْ ضَحِكَ,
فَقَالَ: أَلا تَسْأَلُونِي مِمَّ أَضْحَكُ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَمِمَّ تَضْحَكُ؟
قَالَ: عَجِبْتُ لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ, إِنْ أَصَابَهُ مَا يُحِبُّ حَمِدَ اللَّهَ
وَكَانَ لَهُ خَيْرٌ, وَإِنْ أَصَابَهُ مَا يَكْرَهُ فَصَبَرَ كَانَ لَهُ خَيْرٌ, وَلَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ
أَمْرُهُ كُلُّهُ لَهُ خَيْرٌ إِلا الْمُؤْمِنُ )

والحمد المشهور:
الحمدُ للهِ الذي لا يُحمدُ على مكروهٍ سِواه, والنبي عليه الصلاة والسلام
كان يقول:
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا رَأَى مَا يُحِبُّ, قَالَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ, وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ, قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ )

[أخرجه ابن ماجة في سننه]

متى يبلغ العبد مقام الرضا؟ :

قيل لأحد العارفين بالله: متى يبلُغُ العبدُ مقامَ الرِضا؟ قالَ: إذا أقامَ نفسَهُ
على أربعةِ أُصول: يا ربي إن أعطيتني قَبِلت، وإن منعتني رضيت،
وإن تركتني عبدت، وإن دعوتَني أجبت.
هذا مقام العبوديّة, أعطاك راضٍ، زوى عنكَ راضٍ، دعاك تستجيب،
تركَكَ تعبُدُهُ.
يعني في أشخاص عبيداً لله بل عبيد للأحوال, فإذا كان بالصلاة مسروراً
فيُصلي، وإلا تركها, ما فيها شيء الصلاة, هذا جاهل جهلاً كبيراً،
أنا أُصلي إن تجلّى اللهُ عليّ أو لم يتجلّ، إن تجلّى فهذهِ نفحة من نفحات الله,
الحمدُ لله, وإذا لم يتجلّ أُصلي، أجلس للذكر إن وجدت في الذِكر تجلّ
, الحمدُ لله, لم يحدث تجلّ, أنا واجبي جلست، صدق القائل:
أخلِق بذي الصبرِ أن يحظى بحاجتِهِ
ومُدمن القرعِ للأبوبِ أن يَلِجَا
إذا ربُنا عزّ وجل رآكَ جلستَ في الصُبح لتذكُر, أن تقرأ القُرآن, أو تُفكّر,
فلم يظهر معكَ شيء, ففي اليوم التالي لا تجلس, يقول لكَ:
مُقفلة, أمّا المؤمن يجلس, في نفحة الحمدُ لله ، ما في نفحة أنا أديتُ واجبي,
إذا الله رأى إلحاحكَ وثباتك وإصرارك, عندئذٍ يفتحُ لكَ أبوابَ رحمتِه.
اللهُ عزّ وجل عزيز، على أول طلب لا يُجيب، من كانَ يرجو لِقاءَ اللهِ فإنَّ
أجلَ اللهِ لآت, لآت: هذهِ للمستقبل، أنتَ طلبت، وألحت، واتخذت الأسباب،
وفعلتَ موجِبات الرحمة, وعلى اللهِ الباقي, هذا الذي عليّ قد أنجزتُهُ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق