الجمعة، 5 أكتوبر 2018

الرضا (4)

قصة مؤمن راض عن الله :

حدثني أخ في مستشفى: جاء مريض معهُ ورم خبيث في أمعائه, وقد
سمِعتُ أنَّ لهذا المرضِ آلاماً لا تُطاق, لأنهُ آلام الأمعاء آلام ضغط:

{ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آَسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ
لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ
مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ
فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ }

[سورة محمد الآية: 15]

آلام الأمعاء لا تُطاق, فإذا كان في الأمعاء ورم خبيث, فإنهُ يُسببُ آلاماً
لا يحتملُها أشدُ الرِجالِ جَلَداً، فجاء مريض مؤمن إلى مستشفى,
وقد أُصيب بمرضٍ خبيثٍ في أمعائِهِ, والآلامُ التي يُعانيها لا تُطاق,
وصفَ أحدهم حالتهُ, كانَ يُمسك بِكِلتا يديه على أطراف السرير, لِئلا يصيح, لأنهُ يرى في
الصياحِ تبرّماً بقضاءِ اللهِ وقدرهِ، فكُلما دخلَ عليهِ من يعودُهُ أو الطبيب
أو المُمرض, يقول لهُ: اشهد أني راضٍ عن الله.

هذا موقف المؤمن إذا جاءه ما يكرهه :

يعني أكمل موقف يقفُهُ المؤمن إذا جاءهُ ما يكرهُهُ, يقول: يا رب أنا
راضٍ بقضائِك ، يا ربي لكَ الحمدُ والشُكرُ والنِعمةَ والرِضا، فلذلك:
الصبرُ عِندَ الصدمةِ الأولى, بينَ الساخط والراضي زمن فقط,
لأنَّ الساخط بعدئذٍ سوفَ يرضى شاء أم أبى, لكنَّ البطولة أن ترضى
عن اللهِ عزّ وجل عِندَ الصدمةِ الأولى، حينما يتلقّى نبأ الرسوب,
وكانَ قد بذلَ جُهدَهُ الجهيد, يا ربي لكَ الحمد, هكذا اخترتَ لي،
حينما يتلقى أنَّ اسمهُ لم يُدرج بين الناجحين في
هذه المُسابقة لهذهِ الوظيفة, يقول: يا رب رضيتُ بِكَ ربّاً وبِقضائِكَ وبقدرِك.


انظر لهذا القول للعلماء :

العُلماء قالوا: الرِضا بابُ اللهِ الأعظم.
يعني أنتَ بالرِضا تدخُلُ على الله, وبالسُخطِ تحتجبُ عنه, وراقبوا أنفسَكم،
إذا الإنسان جاءتهُ قضية مُزعجة, فرأى أنَّ الله قد ظلمهُ بِها, يجب أن يُيسرهُ لها,
فلم يُيسرهُ لها, الله حرمهُ إياها، الله أهانهُ، هذا الشعور
يحجُبُهُ عن الله عزّ وجل, لهذا الله عزّ وجل يقول:

{ فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ *
وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ * كَلَّا }

[سورة الفجر الآية: 15-17]

يعني: يا عِبادي ليسَ عطائي إكراماً, ولا منعي حِرماناً، عطائي ابتلاء وحِرماني دواء.

اعلم هذا :

الذي أرجوهُ من أخوتنا الأكارم, إذا شيء لم يصح لكَ, الله عزّ وجل
صَرَفَ عنك شيئاً تبتغيه, لا تُحس أنكَ مُهان عِندَ الله عزّ وجل,
هذا شعور شيطاني, الله لا يحبُني، لم يُعطن، حَرَمَني، أعطى فُلان وحَرَمَني،
هذا الشعور شعور شيطاني. الحديثَ النبوي الشريف:

( إنَّ اللهَ ليحمي صفيّهُ من الدُنيا, كما يحمي أحدُكم مريضَهُ من الطعام )

وفي رواية:
( إنَّ اللهَ ليحمي عبدَهُ من الدُنيا, كما يحمي الراعي الشفيق غَنَمَهُ من
مراتع الهَلَكة )

ولن تعرِف اللهَ عزّ وجل إلا إذا استوى عِندَكَ؛ أن تأتيكَ الدُنيا
أو أن تُزوى عنك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق