الأربعاء، 3 أكتوبر 2018

وقولوا للناس حُسنًا


للكلمة تأثير بالغ في حياتنا، فكلمة تُصلح، وأخرى تشعل الحروب، وكلمة
تشفي، وأخرى تقتل، وكلمة تهدي، وأخرى تشوش، وكلمة طيبة تمتد
بركتها في الدنيا والآخرة، وأخرى خبيثة تهوي بصاحبها سبعين خريفًا
في النار، قال صلى الله عليه وسلم:

( إِنَّ العبد ليتكلّم بالكلمة - مِنْ رضوان الله- لا يُلْقِي لها بالاً، يرفعه الله بها
في الجنة, وإن العبد ليتكلم بالكلمة - من سَخَط الله- لا يُلْقِي لها بالاً
، يهوي بها في جهنم )
رواه البخاري

وكثيرًا ما يؤكد علماء النفس الإيجابي، ومتحدثو التنمية البشرية،
على تأثير الكلام على العلاقات، وليس فقط المحتوى، بل طريقة التعبير،
وانتقاء الألفاظ، ونبرة الصوت، وفي شرعنا الكريم التأكيد
على أهمية الكلمة الطيبة وتأثيرها.

الأمر بإحسان القول
الأمر بالقول الحسن هو من ميثاق الله تعالى للمؤمنين،
مع الأمر بالتوحيد، وبر الوالدين، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة.

قال تعالى:

{ َوإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا
وَذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ
وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنكُمْ وَأَنتُم مُّعْرِضُونَ }.
البقرة: 83.

وينبهنا القرآن الكريم إلى دور إحسان القول في إزالة الخلافات،
وإصلاح القلوب والعلاقات. قال تعالى:

{ وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا }
الإسراء: 53.

وأحسن اسم تفضيل، أي لا يُجازي القول بمثله، بل يتخير أحسنه،
والحسن ما حسنّه الشرع، من توحيد وذكر وأمر بالمعروف ونهي
عن المنكر، وإصلاح بين الناس... إلخ

الكلمة الطيبة مفتاح القلوب
ومن العجيب أن يتشبث البعض بالغلظة والشدة على الناس سواءً
في وعظهم، أو تعليمهم، وهو يعلم أن هذا السلوك منفر، فيُسيء إلى
مضمون كلامه بطريقته الموحشة، وقد يبرر ذلك بأنه يرد على الناس
بطريقتهم، ويعاملهم بالمثل، رُغم أن الله تعالى أمر بالإحسان، والدفع
بالتي هي أحسن.

إن الكلمة اللينة الطيبة لا تدل على الضعف، وإنما على القوة بمفهومها
الصحيح، فالشديد ليس بالصرعة، وإنما ذلك الذي يملك نفسه عند
الغضب، كما علمنا نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم، وما أسهل
الاسترسال مع الغضب، والوقوع في مستنقع البذاءات، ولكن القوة
الحقيقية التي تفتح القلوب وتبهر النفوس، أن تكظم غيظك، وتُحسن
قولك، ولا تنجرف إلى المشاحنات والإساءات، قال صلى الله عليه وسلم:

( ليس المؤمن بالطعان، ولا باللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء )
رواه الترمذي.


( أو ليصمت )
إذا لم تستطع إحسان القول فلا تتدنى إلى أرذله، قال صلى الله عليه وسلم:

( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت )
متفق عليه.

قال ابن رجب الحنبلي – رحمه الله- في شرح هذا الحديث: فمن هنا يعلم
أن ما ليس بخير من الكلام ، فالسكوت عنه أفضل من التكلم به ،
اللهم إلا ما تدعو إليه الحاجة مما لابد منه. وقد روي عن ابن مسعود
قال : إياكم وفضول الكلام ، حسب امرئ ما بلغ حاجته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق