الأحد، 26 مايو 2019

من عجائب الدعاء (23)

من عجائب الدعاء (23)

قال أبو حازم الأعرج :

( لأنا من أن أمنع من الدعاء أخوف مني أن أمنع الإجابة )
(سير أعلام النبلاء) .



روى مسعر عن ابن عون قال : ذكر الناس داء وذكر الله دواء قلت

(و الكلام للذهبي ) إي والله فالعجب منا ومن جهلنا، كيف ندع الدواء

ونقتحم الداء ؟ قال الله تعالى :

{ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ }

[البقرة: 153] وقال :

{ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ }

[العنكبوت: 46]،

وقال تعالى :

{ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ }

[الرعد: 28]،

ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله، ومن أدمن الدعاء ولازم قرع الباب

فتح له (سير أعلام النبلاء) .



عن مورق قال :

( ما امتلأتُ غضبًا قط، ولقد سألت الله حاجة منذ عشرين سنة،

فما شفعني فيها وما سئمت من الدعاء )

(سير أعلام النبلاء) .



عن ابن المنكدر قال :

( إن الله يحفظ العبد المؤمن في ولده وولد ولده، ويحفظه في دويرته

ودويرات حوله، فما يزالون في حفظ أو في عافية ما كان بين ظهرانيهم )

(سير أعلام النبلاء) .



قال الذهبي في وصيته لمحمد بن رافع السلامي – رحمهما الله تعالى - :

(...فثمة طريق قد بقي لا أكتمه عنك و هو : كثرة الدعاء والاستعانة

بالله العظيم في آناء الليل والنهار، وكثرة الإلحاح على مولاك بكل دعاء

مأثور تستحضره أو غير مأثور، وعقيب الخمس : في أن يصلحك ويوفقك )

(وصية الذهبي لمحمد بن رافع السلامي) .



قال ابن القيم – رحمه الله تعالى – في فضائل الذكر و الدعاء :

(... ولهذا كان المستحب في الدعاء أن يبدأ الداعي بحمد الله – تعالى –

والثناء عليه بين يدي حاجته، ثم يسأل حاجته ... فأخبر النبي

صلى الله عليه وسلم أن الدعاء يستجاب إذا تقدمه هذا الثناء والذكر

وأنه اسم الله الأعظم، فكان ذكر الله – عز وجل – والثناء عليه أنجح

ما طلب به العبد حوائجه فالدعاء الذي يقدمه الذكر والثناء أفضل

وأقرب إلى الإجابة من الدعاء المجرد، فإذا انضاف إلى ذلك إخبار العبد

بحاله ومسكنته وافتقاره واعترافه كان أبلغ في الإجابة وأفضل، فإنه

يكون قد توسل المدعو بصفات كماله وإحسانه وفضله وعرَّض بل

صرح بشدة حاجته وضرورته وفقره ومسكنته: فهذا المقتضي منه

وأوصاف المسئول مقتضى من الله فاجتمع المقتضى من السائل

والمقتضى من المسئول في الدعاء وكان أبلغ وألطف

موقعًا وأتم معرفة وعبودية ...

وفي الصحيحين : أن أبا بكر الصديق – رضي الله عنه – قال :

يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي فقال : قل :

( اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت،

فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم )

فجمع في هذا الدعاء الشريف العظيم القدر بين الاعتراف بحاله

والتوسل إلى ربه عز وجل بفضله وجوده و أنه المنفرد بغفران الذنوب ،

ثم سأل حاجته بعد التوسل بالأمرين معًا فهكذا أدب الدعاء

وآداب العبودية ) .



وقال – رحمه الله تعالى - :

( قراءة القرآن أفضل من الذكر، و الذكر أفضل من الدعاء هذا من حيث

النظر لكل منهما مجردًا ... اللهم إلا أن يعرض للعبد ما يجعل الذكر أو

الدعاء أنفع له من قراءة القرآن ... وكذلك أيضًا قد يعرض للعبد حاجة

ضرورية إذا اشتغل عن سؤالها بقراءة أو ذكر لم يحضر قلبه فيهما

وإذا أقبل على سؤالها والدعاء إليها اجتمع قلبه كله على الله تعالى

وأحدث له تضرعًا وخشوعًا وابتهالاً، فهذا قد يكون اشتغاله بالدعاء

والحالة هذه أنفع، وإن كان كل من القراءة والذكر أفضل وأعظم أجرًا،

وهذا باب نافع يحتاج إلى فقه نفسه وفرقان بين فضيلة الشيء في

نفسه وبين فضيلته العارضة، فيُعطى كل ذي حق حقه

ويوضع كل شيء موضعه )

(فضائل الذكر والدعاء، للإمام ابن القيم ) .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق