الخميس، 22 أبريل 2021

غصون رمضانية ( 010 – 030 )

 غصون رمضانية ( 010 – 030 )

عبدالله بن عبده نعمان


"الملِك" اسم يشد الأذهانَ إلى معاني القوة والعظمة، والقدرة والسلطة،

ونفوذ الحكم الصادر عنه فيمن سواه. ويشير هذا الاسم الفخم إ

لى وجود آمر يصدر، ومأمور ينفذ، ومملكة يقوم على هرمها هذا الملك.


وهذه القِمّة الوظيفية السامقة ليست في الأمور العامة فقط،

بل في الأمور الخاصة أيضًا؛ فجسد الإنسان يتكون من أعضاء مختلفة،

ولها ملك تأتمر بأمره، وتنتهي بنهيه، فإن استقام استقامت،

وإن اعوجّ اعوجّت، وإن صلح صلحت، وإن فسد فسدت.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

( ألا وإن في الجسد مضغة،

إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب )


وحينما كان قلب الإنسان هو ملك أعضائه، التي بصلاحها نجاته،

وبفساده عطبه؛ كان محطَ نظرِ الله تعالى،

فإن وجده سليمًا فيا سعادة صاحبه، وإن وجده مريضًا فيا ويله وشقوته!

لهذا تعين على الإنسان أن يولي ملك جوارحه عنايةً خاصة،

فيحلّيه بحليه الصلاح، ويخليه من درن الفساد،

ويحرسه من كل عدو يريد تكدير صفائه، أو سرقة ذحائره،

فالشيطان وأعوانه يرابطون على تخومه ينتظرون ساعة غفلة

من حرس الحدود حتى يهجموا فيعيثوا في القلب فساداً.


إن بعض القلوب - مع توارد الشبهات والشهوات عليها- تتبدل أحوالها،

وبتبدلها إلى السوء تنحرف جوارح أصحابها،

والقلوب من طبعها كثرة التقلب، فإذا لم يكن عون من الله للفتى

يعصم قلبه، ويحول بينه وبين الزيغ، ولم يكن المسلم مراقبًا لقلبه،

يقظًا على حصون حفظه، مالت بها الأهواء كلَّ مُميل؛

ولذلك شُرع لأهل الإيمان الدعاء بتثبيت القلوب، وعدم حصول زيغها.


لهذا كان من المحتم على المسلم في رمضان أن يلتفت إلى قلبه

لفتة عناية، مستغلاً الجو الإيماني الفسيح، فيقوم بعمليتي إصلاحه،

وهاتان العمليتان هما: التخلية والتحلية،

فيقف مع قلبه ناظراً إلى أدغاله إذا - وجدت - من شرك أو نفاق

أو رياء، أو تعلق بغير الله، أو أحقاد وحسد،

ونحو ذلك فيكرّ عليها ويبعدها عن فؤاده، ويقطع أسبابها إليه.


ثم بعد هاتين العمليتين يبقى على حمى قلبه خفيراً يحوطه

بوسائل الحماية التي تمنع عنه الاختراق الشيطاني الذي يميت قلبه

أو يمرضه، أو يذبل بهجة ذلك القلب السليم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق