الجمعة، 23 أبريل 2021

غصون رمضانية ( 011 – 030 )

غصون رمضانية ( 011 – 030 )

عبدالله بن عبده نعمان


اللسان عضو صغير ذو خطر كبير:

فهو يُعلي صاحبه أو يُدنيه، ويحبّبه أو يقليه، ويعزه أو يذله،

وينفعه أو يضره، ويبعده أو يقرّبه، ويربِحه أو يخسره.

فبنطق اللسان يدخل الإنسان الإسلام أو يخرج منه،

وبه يثقل ميزانه أو ينخفض، وبه يدخل الجنة أو يدخل النار.

وبه تزيد حسناته أو تزيد سيئاته، وبه يزيد أصدقاؤه أو يزيد أعداؤه،

وبه يزيد ماله أو تزيد خسارته.


وبنطق اللسان يُعرف عقلُ الإنسان من حمقه، وعلمه من جهله،

وفصاحته من عيه، وصدقه من كذبه، وعفته من فحشه،

وحلمه من طيشه؛ فاللسان مرآة العقول والقلوب،

فلما كان اللسان في هذا المكان السامي صار محلاً للحسنات والسيئات،

وغدا ما يفوه به من الخير والشر مدونًا في صحيفة الإنسان

يحاسب عليها عند لقاء ربه،

فمن حسنات اللسان: النطق بالشهادتين، وتلاوة القرآن،

والدعاء والذكر، والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم،

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتعلم العلم النافع وتعليمه،

وغير ذلك.

ومن سيئات اللسان: النطق بكلمات الكفر والنفاق والزندقة،

والإساءة إلى الناس من كذب وغيبة ونميمة واستهزاء وفحش، وغير ذلك.

إن الإنسان يواجه مشقة شديدة في زمّ لسانه، وتقويم عوجه،

ومراقبة ما يتكلم به، ولكن مع قوة الإيمان وحصافة العقل والتعود

يسهل الأمر.

فمن استطاع أن يكون سيدَ لسانه، وقائد بيانه فلم يفه لسانه

إلا بصواب القول؛ سَلِم دينه، وارتاح ضميره،

وكُفي عواقب القول غير المرضي، وأمِنَ حُرَقَ الندامات،

فالعاقل يتذوق الكلام قبل إخراجه، كما يتذوق الطعام قبل ابتلاعه،

ويرجّ عقله قبل الحديث كما يرج مشروبات الدواء، ومشروبات الغذاء قبل الاستعمال.


فإذا لم يجد المرء مجالاً لقول الخير فليلذْ بحصن الصمت،

فالعي في الباطل فصاحة في ميزان الحق؛ لهذا دعت الشريعة الغراء

كما نصح الحكماء بالفيئة إلى السكوت إلا في الحق،

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت )

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق