الاثنين، 26 أبريل 2021

غصون رمضانية ( 014 – 030 )

 غصون رمضانية ( 014 – 030 )

عبدالله بن عبده نعمان

تتقاطر على الإنسان في هذه الحياة جيوشُ المكاره جيشًا تلو جيش،

فمنها ما يقيم ويأبى المغادرة، ولا تنجع معه وفود الوساطات،

ولا عوامل التهدئة، ولا الحلول البشرية. ومنها ما يلم به،

وينزل به ضيفًا غير مقيم، ولكن تختلف مُدد إقامته طولاً وقصراً.

فكم يعاني الإنسان في ليله ونهاره من الأوجاع والآلام،

وكم يبقى في أيدي الهموم والأحزان، حتى يطول ليله، ويظلم نهاره

وكم يطوّق مسارَّ الإنسان الخوفُ والاضطراب،

فكان دعاء الإنسان ربه تعالى دون غيره هو ذاك السلاح الذي لا ينبو،

والسهم الذي لا يطيش، والعدة الحربية التي لا يستطاع حظرها،

ولا يمكن تحديد مداها، ولا يثقل حملها، ولا تقف أمام إصابتها

إذا قبلها الله- كلّ الدفاعات البشرية، فهو عابر الحدود،

وهادم السدود، وممزق الحصون الجائرة،

ومعجز الموانع البشرية القادرة.

لكن هذا السلاح الفتاك لا يحسن استعماله كل إنسان؛

فإن السيف بضاربه


فالدعاء يفتقر إلى شروط وآداب تحمله على معارج القبول

حتى يتحقق المأمول، فالداعي المخلص، الحاضر القلب،

الآكل من الطيبات، المختار للأوقات والأحوال المناسبة،

الصابر على دوام الطلب يوشك أن يصل إلى هدفه:


إن للدعاء في رمضان الصيامِ خصوصيةً تجعل المسلم يسارع

إلى بسط طلباته بين يدي ربه الكريم فيه،

فالنفس في هذا الشهر منكسرة، والروح إلى القُرَب شفافة،

والعبد الصالح على باب الله منيب مخبت، والزمان شريف،

ورحمات الله فيه منهمرة؛ لذلك كانت الدعوة قريبة الإجابة ليلاً ونهاراً،

فينبغي للعبد أن يغتنم هذه الأحوال،

فيا من انبسطت في ساحته البلايا، وضيقت عليه سعةَ الدنيا،

وأدمع عيونه وأسهرها مرُّ الشكوى، ولم يجد لها من دون الله كاشفة،

ويامن طال زمن حَمل آماله، وأمضّه انتظار ميلادها السعيد،

ويامن لجأ إلى الخلق لحاجته فلم تقضَ على أيديهم حاجته،

هذا باب الدعاء يفتح مصراعيه في وجه المتوجعين

والراجين والمردودين، فاطرقوا الباب طرقَ موقن موحد،

وألحوا ولا تستحسروا فأنتم تطرقون باب غني كريم، قدير رحيم،

سميع قريب

{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ

فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ }

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق