الخميس، 23 سبتمبر 2021

موسوعة المؤرخين (147)

 موسوعة المؤرخين (147)



الجبرتي وكتابه عجائب الآثار في التراجم والأخبار (07)

منهج الجبرتي في كتاب عجائب الآثار في التراجم والأخبار
وهكذا شرع الجبرتي بكتابة تمهيد تحدث فيه عن التاريخ وفائدته،
ثم أتبعه بمقدمة ضافية تفلسف فيها في تقسيم الناس، ثم بسط النصيحة
للحكام بمراعاة العدل وحسن السياسة. ثم ألمَّ إلمامة سريعة بتاريخ مصر
حتى الفتح العثماني، وتدرَّج منه إلى أواخر المائة الحادية عشرة. وإن
يكن تاريخه يبدأ بالفعل بعام 1100 هـ، بحكم أن نهاية المقدمة ليست بأي
حال من الأحوال عرضاً منتظماً للأحداث، بل إنها لا تحتوي على أية مادة
تاريخية إلا في القليل النادر.

وبعد المقدمة شرع يتابع السنين، واحدة فواحدة يبسط حوادثها
ثم يترجم لمن ماتوا فيها، ولما وصل إلى الحملة الفرنسية اكتفى بإثبات
كتابه "مظهر التقديس" برمته بعد أن حذف مقدمته وبعض فصوله،
وعاد إلى أمانته التاريخية وقوَّم بعض الحوادث وصححها، ثم والى تنسيق
الأحداث على النمط الذي اختطه لنفسه فقسم الكتاب إلى ثلاثة أجزاء.
وسار بالجزء الأول حتى آخر 1189هـ، وبالثاني حتى آخر 1212هـ،
وبالثالث حتى آخر عام 1220هـ وأسماه "عجائب الآثار في التراجم
والأخبار"، وقد انتهى الجبرتي من تدوين هذه الأجزاء الثلاثة
في عام 1221 هـ / 1806م .

وقد دفع الجبرتي إلى الانشغال بكتابة تاريخه أن وقف موقف
المعارضة لحكم محمد علي منذ بداية حكمه، وظل سنوات يترقب
ما ستؤول إليه الأحداث في عهد هذا الرجل وكان خلال ذلك يرصد كل
شيء، ويدوِّن الحوادث بالطريقة التي سبق شرحها، ويسند كل ما يقول
إلى مصدر ثقة أو شاهد عيان أو شاهد سماع. وكان يحرص أن يعاين
الأحداث العامة بنفسه، والحق أن قارئ هذا الكتاب الكبير يطّلع على كل
ما يريده من حياة شعب مصر في تلك الفترة.

لقد تعرّض الجبرتي لكل شيء، تعرض لذكر الأحوال الاقتصادية من
زراعة وتجارة وفلاحة، وإلى أنواع النقود المتداولة وإلى الأسعار وأنواع
المقايضات، وتعرض إلى الحياة الاجتماعية بكل ما فيها من أحوال
شخصية وعادات أسرية وقيم سائدة، وتعرض إلى الحياة الدينية والحياة
والثقافية وأخبار الأدباء والعلماء والشيوخ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق