إن ما يصيب العبد في هذه الحياة من
المصائب والبلاء ليس دليلا
على ارتكابه للمعاصي أو العقاب عليها ،
ولا هي دليل على رفع درجته وقوة
إيمانه فقط .
فقد تكون لهذا وذاك ولغيرهما من الحكم التي يعلمها
الله تبارك وتعالى ، فقد
تكون عقابا على ارتكاب المعاصي
والتقصير في العبادة..
كما جاء في قول الله تعالى :
} وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ
أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {
( الشورى :30
)
وقد تكون إمتحانا وإختبارا .
كما في قوله تعالى :
} أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا
وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ
وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ
اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ
الْكَاذِبِينَ {
)العنكبوت: 2 3 (
وفي قوله تعالى :
} وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ
وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ {
( الأنبياء : 35
)
وقد تكون تكفيرا للـذنوب ورفعا للدرجات .
كما في قوله صلى الله عليه وسلم :
( أشدُّ الناسِ بلاءً الأنبياءُ
، ثم الأمثلُ فالأمثلُ ،
يُبتلى الناسُ على قدْرِ دينِهم ، فمن ثَخُنَ دينُه
اشْتدَّ بلاؤُه ،
و من
ضعُف دينُه ضَعُف بلاؤه ،
و إنَّ الرجلَ لَيُصيبُه البلاءُ حتى يمشيَ في الناسِ
ما عليه خطيئةٌ )
الراوي :أبو سعيد الخدري – المحدث : الألباني
المصدر : صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم :
993
خلاصة حكم المحدث : صحيح
ولذلك ، فإنه لا وجود لتناقض بين النصوص التي ذكرت ،
وما ينبغي أن يكون عليه حال المؤمنين
.
مع قول الله تعالى:
} وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ
مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ
وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ
الصَّابِرِينَ
الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا
إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ {
هو حال الصابرين الذين بشرهم الله تعالى بما بشرهم به في ختام
الآية :
} أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ
صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ
الْمُهْتَدُونَ{
(البقرة : 155/ 156
/157)
ففي صحيح البخاري :
عن عمرَ رضيَ اللَّهُ عنهُ قالَ
:
( نعمَ العدلانِ ونعمَ العِلاوَةُ
{ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا
إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ
رَاجِعُونَ
أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ
صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ
}
نِعمَ
العدلانِ
{
وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ }
نعمَ
العِلاوَةُ )
الراوي : سعيد بن المسيب – المحدث : ابن حجر
العسقلاني
المصدر : تغليق التعليق - الصفحة أو الرقم :
2/470
خلاصة حكم المحدث : إسناده
صحيح
قال القرطبي :
أراد بالعدلين :
الصلاة والرحمة ..
وبالعلاوة
: الاهتداء ..
قيل :
إلى استحقاق الثواب وإجزال الأجر .
وقيل :
إلى تسهيل المصائب وتخفيف الحزن .
فعلى العبد أن يعلم أن كل ما يجري عليه في هذه الدنيا إنما هو بقدر
من أقدار الله التي كتبها قبل أن يخلق
السموات والأرض بخمسين
ألف سنة والتي يجريها على عباده
بحكمته البالغة ورحمته الواسعة
وهو مأجور عليها ـ بإذن الله ـ إذا
صبر واحتسب ،
ومأزور إذا جزع وسخط ، فمن رضي فله الرضى ،
ومن سخط فله السخط .
( عن عليٍّ رضي الله عنه قال
:
إن اللهَ يقضي بالقضاءِ فمن رضي فله الرضا ومن سَخِط
فله السُّخْطُ )
الراوي : - المحدث :ابن تيمية – المصدر : مجموع
الفتاوى
الصفحة أو الرقم : 10/46- خلاصة حكم المحدث :
صحيح
والله
أعلم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق