الأحد، 11 فبراير 2018

كيف تتعاملين مع تشاجر أطفالك؟ (1)


كيف تتعاملين مع تشاجر أطفالك؟

الشجار بين الإخوة:

هو أحد أشكال الإزعاج الأكثر شيوعاً في الأسرة، إلا أن التشاحن

يمثل في الواقع مرحلة طبيعية من النمو، فأطفال السنتين يضربون

ويدفعون ويخطفون الأشياء، بينما يستعمل الأطفال الكبار أسلوب

الإغاظة، فهم يسيئون لبعضهم من وقت لآخر عن طريق اللغة.

إن الولد -كغيره من الأطفال- لا يستطيع أن يحتفظ بيديه ساكنتين،

إذا ما كانت أخته قريبة منه، وأخته بالرغم من تفوقه عليها في الحزم

والقوة لديها طرائقها الخاصة للانتقام منه، إن كل واحد منهما يبدو

كأنه قدير بما يضايق الآخر، ويسر باللجوء إليه، ويدرك حرصه

على أشيائه الخاصة، وحرصه على احتلال المكان المعين في المائدة

أو السيارة، فيعرف كيف يغيظ الطرف الآخر ويستفزه.

شجار الأطفال ظاهرة طبيعية:

والآباء يضجون من مشاجرات الأبناء؛ لما يحدثونه من ضوضاء

وجلبة في المنزل، ولأنهم يشغلون الآباء عن أداء ما يقومون به،

أو يمنعونهم من الراحة أو الاسترخاء، فيثورون على الأبناء، وقد

يلجئون إلى أسلوب عنيف في وضع حد لمشاجرات الأطفال، بل قد

يدمغون طفلاً منهم بأنه حقود أو أناني، وأنه سيفشل في حياته

لأنه لا يتعاون.

نقول للمربي:

لا تنزعج؛ إنها مرحلة طبيعية، إن أي أسرة لديها طفلان أو ثلاثة

نجدهم دائماً في مناوشات وخلافات، يتألم الأب وتتألم الأم؛ لأن

الأبناء ليسوا أصدقاء وليست علاقاتهم طيبة.

و السؤال هنا:

هل ظاهرة اختلاف الأطفال مع بعضهم ظاهرة طبيعية، بمعنى:

أيُّ الأوضاع يعتبر وضعا طبيعيا: أن يتعاونوا مع بعضهم وألا يختلفوا؟

أم أن الوضع الطبيعي هو أن يتشاجروا؟

وللإجابة عن هذا السؤال نجري تجربة صغيرة، وهي أننا نجمع ثلاثة

أو أربعة أولاد معاً في حجرة واسعة مجهزة بكل ألوان اللعب والتسلية،

ونغلقها لفترة، ترى ماذا ستكون النتيجة؟ بكل تأكيد سيتشاجرون،

سواء أكانوا إخوة أم غير إخوة.

إذاً المسألة ظاهرة طبيعية وعادية، ويجب ألا يقلق الآباء والأمهات،

ويجب أن تراعى برفق ووعي؛ لأنها لا تكون في فترة الطفولة فقط،

إنما تمتد للصبا والشباب.

إن أول ما تنصح به الأم أن تتخلى عن تصورها المثالي، بأن يكون

أطفالها على أتم وفاق ولا يتخاصمون أبداً. إن الأم إن واجهت

الحقيقة الواقعية، فإن قلقها بخصوص خصام الأطفال وتشاجرهم

سوف يتضاءل.

إن الطفل ذا الست إلى عشر سنوات الذي يصر على الخصام مع إخوته

وعلى عدم التحسن في هذا الشأن: لا يزال إنساناً عادياً، فكل الإخوة

-لاسيما المتقاربين منهم في العمر- لابد أن يتشاجروا، وتقل عادة

هذه المشاجرات كلما تقدم الأطفال في السن.

الجوانب السلبية والإيجابية لتشاجر الأشقاء

قد يكون للمشاحنات الخفيفة بين الإخوة جوانب إيجابية، خاصة إذا

قام الوالدان بدور التوجيه في تعليمهم كيف يدافعون عن أنفسهم

وعن حقوقهم، وكيف يعبرون عن مشاعرهم، ويحلون صراعاتهم ويحترمون

حقوق الغير، ومعنى الصدق والكذب، وأهمية الأخذ

والعطاء بأسلوب يحقق لهم المحافظة على حقوقهم وعلى حقوق الغير.

إن شجار الأطفال إحدى الوسائل لإثبات الذات والسيطرة، وكلتاهما

من الصفات اللازمة لنجاح الإنسان في الحياة، بل الشجار فرصة

يتعلم فيها الطفل كثيراً من الخبرات، منها وجوب احترام حقوق الغير،

والعدل والحق والواجب، ومعنى الصدق والكذب، وأهمية الأخذ

والعطاء بأسلوب يحقق له المحافظة على حقوقه وحقوق الآخرين.

هذا إذا عمد الآباء والمربون إلى انتهاز مناسبات شجار الأطفال في

توجيههم الوجهة التربوية السليمة، وتعريفهم بالحق والواجب،

والشجار في الواقع دليل على أن الطفل لم ينضج اجتماعياً، ولم

يتعلم بعد أساليب الأخذ والعطاء الاجتماعية.

إن من الجوانب الإيجابية لهذه المشاحنات والخلافات أنها تكون في

واقع الأمر نوعاً من التنفيس، وتحل دون أن ندري بالكثير منها،

وأحياناً يكون الشجار نوعاً من المنافسة.

إذاً هل المنافسة بين الإخوة ضارة، إن المنافسة الشريفة باستمرار

فائدتها أكثر من ضررها، وبين الإخوة ينمو الحب ويتطور ويكبر

معهم ويظهر، وينضج حينما يتجاوزون سن الطفولة والمراهقة.

إذاً المنافسة بين الإخوة والخلاف لا يستمر، بل ينتهي ويتطور إلى

علاقة حب تنضج تحت نار هادئة، والأيام تزيد من الروابط والود.

ومع ذلك فهناك حالات يكون الشجار فيها خطراً إذا اقترن بها عنف

أو أذية بدنية، أو أن تتطور لدى بعض الأطفال مشاعر العداء أو

اللامبالاة نحو بعضهم بصورة تستمر طوال حياتهم، فالوضع المعتاد

هو أن يظهر الإخوة ارتباطاً وإخلاصاً لبعضهم، على نحو لا تؤثر

فيه المضايقات الجانبية.

وهكذا فإن التنافس يمكن أن يعتبر عادياً، إذا تبادل الإخوة مشاعر مشتركة

بالرضا والإحباط، وإذا لم يكونوا مشحونين بشحنات العنف، ولم ينخرطوا

في صراعات تهدد الحياة ضد بعضهم، وإذا لم يحملوا أحقاداً ولم

يستجيبوا لكل إساءة كما لو أنها مصيبة.

وتظهر الدراسات أن الأطفال أكثر تنافساً وتناحراً مع زيادة العمر،

ولذا توقع أن أطفال ثماني سنوات، أكثر تناحراً من أطفال أربع سنوات،

ومن هم في عمر اثنتي عشرة سنة أكثر تنافساً ممن هم في عمر ثماني سنوات،

والتنافس أكثر شيوعاً في العالم لدى الإخوة الأكبر سناً عندما يكونون

متقاربين في العمر بفارق سنة أو اثنتين، وعندما يكونون

في مرحلة الطفولة المتوسطة ما بين ثماني سنوات إلى اثنتي عشرة

سنة، كما يزيد احتمال التنافس عندما يكون الطفلان من الجنس نفسه،

فالطفل الأكبر غالباً ما يشعر بأن الطفل الأصغر قد حل محله، وإذا

كان الطفل الأكبر شخصاً جدياً يهتم بالعمل والتحصيل، فمن المحتمل

أن يبحث الطفل الأصغر عن هوية متصلة بأن يصبح مرحاً اجتماعياً

غير تقليدي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق