الأحد، 3 نوفمبر 2019

المناهي اللفظية (37)


المناهي اللفظية (37)

ملخص عن كتاب: المناهي اللفظية **
يقدم هذا الكتاب إجابات على فتاوى وأسئلة عقدية وُجهت للشيخ ابن عثيمين
حول ما نهى الشرع عن التلفظ به، مما يدخل تحت القضايا العقائدية اللفظية.
وفي هذه الفتاوى يصحح الشيخ الأخطاء اللفظية الشائعة على ألسنة الناس
التي تصطدم بالعقيدة، مثل قولهم: ‏(‏فلان المغفور له‏)‏ و ‏(‏فلان الشهيد)،
مستلهمًا الردود والتفسييرات من القرآن الكريم، والسنة النبوية العطرة.

37- وسئل حفظه الله تعالى‏:‏ عن حكم ثناء الإنسان على الله
تعالى بهذه العبارة ‏(‏بيده الخير والشر‏)‏ ‏؟‏

فأجاب بقوله‏:‏ أفضل ما يثني به العبد على ربه هو ما أثنى به سبحانه
على نفسه أو اثني به عليه أعلم الناس به نبيه محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ
والله - عز وجل - لم يثن على نفسه وهو يتحدث عن عموم ملكه وتمام
سلطانه وتصرفه أن بيده الشر كما في قوله تعالى -‏:‏

‏{‏قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ
وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ‏}‏
‏[‏آل عمران‏:‏ 26‏]‏‏.‏

فأثنى سبحانه على نفسه بأن بيده الخير في هذا المقام الذي قد يكون شرا
بالنسبة لمحله وهو الإنسان المقدر عليه الذل، ولكنه خير بالنسبة إلى فعل
الله لصدوره عن حكمة بالغة، ولذلك أعقبه بقوله

‏{‏بِيَدِكَ الْخَيْرُ‏}‏
‏[‏آل عمران‏:‏ 26‏]‏‏.‏

وهكذا كل ما يقدره الله من شرور في مخلوقاته هي شرور بالنسبة لمحالها،
أما بالنسبة لفعل الله - تعالى - لها وإيجاده فهي خير لصدورها عن حكمة
بالغة، فهناك فرق بين فعل الله - تعالى - الذي هو فعله كله خير، وبين
مفعولاته ومخلوقاته البائنة عنه ففيها الخير والشر، ويزيد الأمر وضوحا
أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أثنى على ربه تبارك وتعالى بأن الخير بيده
ونفي نسبة الشر إليه كما في حديث علي - رضي الله عنه - الذي رواه مسلم
وغيره مطاولًا وفيه أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يقول إذا قام إلى الصلاة‏:‏

‏(‏وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض‏)

‏ إلى أن قال‏:‏

‏(‏لبيك وسعديك، والخير كله في يديك والشر ليس إليك‏)‏

فنفي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يكون الشر إلى الله تعالى، لأن أفعاله وأن
كانت شرًا بالنسبة إلى محالها ومن قامت به، فليست شرًا بالنسبة إليه –
تعالى - بصدورها عن حكمة بالغة تتضمن الخير، وبهذا تبين أن الأولى بل
الأوجب في الثناء على الله وأن تقتصر على ما أثنى به على نفسه وأثنى به
عليه رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أعلم الخلق به فنقول‏:‏ بيده الخير
ونقتصر على ذلك كما هو في القرآن الكريم والسنة‏.‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق