الأربعاء، 6 نوفمبر 2019

سلسلة أعمال القلوب (16)

سلسلة أعمال القلوب (16)

وهذه الموضوعات قلَّ من يتكلم عليها مع أننا في أمس الحاجة إليها،

وقلَّ من يزور المقابر، وقلَّ من يسعى إلى مجالس الصالحين الذين ينتقون

أطايب الكلام ويجددون الإيمان في قلبه وقد يجتمع معهم ويتحدثون فيما حرم

الله عز وجل من الغيبة والنميمة، بأي عذر اعتذروا، وبأي تبرير برروا ذلك،

والله عز وجل يعلم ما في القلوب .

4- أن يكون تعلقه بربه ومعبوده وخالقه جل جلاله: إذا تعلق القلب

بالمخلوق؛ عذب بهذا المخلوق أياً كان سواء كان رجلاً، أو امرأة،

أو سيارة، أو عقارات، أو مالاً، أو غير ذلك.

فالله عز وجل خلق هذا القلب وركبه تركيباً خاصاً لا يصلح بحال من الأحوال

إلا إذا علق بربه ومليكه، فإذا علق بغير الله؛ تعذب بهذا التعلق، ولذلك تجد

كثيراً من الناس يسألون عن قضايا تتعلق بروابط ووشائج وصحبه مع بعض

إخوانهم ويختلط عليهم الأمر كثيراً، فيظنون ذلك لله وفي الله، وأن ذلك

يقربهم إلى الله مع أنهم يجدون ألمه في قلوبهم، ويجدون حسرة تعصف بهذه

القلوب، فالعلائق والأعمال، والأحوال والارتباطات، والمجالس والأقوال،

إذا كانت صحيحة مع صحة قصد صاحبها، فإنها تورث في القلب نوراً

وانشراحاً، وإذا كانت على غير الجادة انعصر القلب وتألم، فمن كان

يؤاخي أحداً من الناس في الله ولله، فإن ذلك يشرح صدره، ويقوي قلبه.

وأما إذا كان لمعنى آخر قد لا يشعر به هو أولا يدركه؛ فإنه يجد ألماً وحسرة

بهذه الصحبة تؤثر فيه أرقاً دائماً لربما كدر عليه عيشه... وهذا مثال واحد.

وتعليق القلب بالله عز وجل هو الذي يصلح هذا القلب،

يقول شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية رحمه الله :

'كلما ازداد القلب لله حباً؛ ازداد له عبودية، وكلما ازداد له عبودية؛ ازداد له

حباً وحرية عمن سواه – لا يكون القلب عبداً أسيراً لأحد من المخلوقين

لا امرأة ولا أحد من الناس –

ويقول:

'القلب فقير بالذات إلى الله من وجهين:من جهة العبادة، ومن جهة الاستعانة

والتوكل فالقلب لا يصلح، ولا يفلح، ولا يسر ولا يطيب، ولا يطمئن ولا يسكن

إلا بعبادة ربه وحبه والإنابة إليه، ولو حصل له كل ما يلتذ به من المخلوقات

لم يطمئن ولم يسكن؛ إذ فيه فقر ذاتي إلى ربه من حيث هو معبوده

ومحبوبة ومطلوبة' [الفتاوى 10 /193 - 194].

ولهذا كان ابن القيم رحمه الله يقول

:'إن في القلب وحشة لا يذهبها إلا الأنس بالله، وفيه حزن لا يذهبه

إلا السرور بمعرفته، وفيه فاقه –يعني: فقر- لا يذهبه إلا صدق اللجوء إليه،

ولو أعطي الدنيا وما فيها لم تذهب تلك الفاقة أبداً ..' .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق