الأحد، 3 نوفمبر 2019

سلسلة أعمال القلوب (13)

سلسلة أعمال القلوب (13)

2- ومما يصلح القلب: كثرة ذكر الموت وزيارة القبور ورؤية المحتضرين:

فإنها اللحظات التي يخرج الإنسان فيها من الدنيا ويفارق سائر الشهوات

واللذات، ويفارق الأهل والمال الذي أتعب نفسه في جمعه في لحظة ينكسر

فيها الجبارون، ويخضع فيها الكبراء، ولا يحصل فيها للعبد تعلق بالدنيا

ولهذا يكثر من الناس التصدق في تلك الأحوال فلربما كتب الواحد منهم

في حال صحته وعافيته وصية يوصي بها أن إذا مات وانقطعت علائقه

من الدنيا أن يخرج من ماله كذا وكذا.



فذكر الموت يحيي القلب، ويلين ما فيه من القسوة، فاجعل لنفسك وقتاً تتفكر

فيه بهذا المعنى وتزور فيه المقابر وتتبع الجنائز، سعيد بن جبير رحمه الله-

وهو من عبّاد التابعين وعلمائهم- كان يقول:'لو فارق ذكر الموت قلبي

لخشيت أن يفسد علي' [نزهة الفضلاء506 ] . معنى ذلك أن الموت ملازم

لقلبه يذكره في كل أحواله، وكان صفوان بن سليم يأتي البقيع، فيمر بمحمد

بن صالح التمار، فتبعه في ذات يوم، فقال محمد: فقلت في نفسي سأنظر

ما يصنع، فجاء صفوان على قبر من القبور في البقيع، فلم يزل يبكي حتى

رحمته من كثرة البكاء، وظننت أنه قبر بعض أهله، فهو يأتي لزيارته،

ويتذكر هذا القريب الحبيب فيبكي ويرق لذلك، يقول:ومر به مرة أخرى

فتتبعته ففعل مثل ذلك فذكرت ذلك لمحمد بن المنكدر فقال:'كلهم أهله وإخوته

إنما هو رجل يحرك قلبه بذكر الأموات كلما عرضت له قسوة'

[نزهة الفضلاء610 ].


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق