الأحد، 21 فبراير 2021

روائع الإعجاز النفسي (81)

 روائع الإعجاز النفسي (81)


الأثر النفسي للرضا
هذا هو سيدنا إبراهيم يخاطب ربه بقوله:

{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى
قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي }
[البقرة: 260]،

إذن يطلب المزيد من الاطمئنان والإيمان. وفي مناسبة أخرى نجد أن الله
يوحي لإبراهيم أن يتأمل في السماء والأرض، لماذا؟ ليزداد يقيناً بالله
تعالى، يقول تبارك وتعالى:

{ وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ }
[الأنعام: 75].

ولذلك يا أحبتي: هل تشعرون بالحاجة لتأمل خلق الله؟ هل تحسّون دائماً
بأنه يجب عليكم أن تحفظوا كتاب الله وتتدبّروا آياته؟ وهل تعتقدون
في داخلكم أن القرآن هو أهم شيء في حياتكم؟

أظن بأن الإجابة لا! لأن الإجابة لو كانت بنعم فليس هناك مشكلة، المشكلة
أن ظروف الحياة وهموم المجتمع والمشاكل السياسية والاقتصادية
والاجتماعية قد شغلت بالكم وأخذت حيزاً كبيراً من تفكيركم، ولم يعد هناك
خلية واحدة في دماغكم تتسع لعلوم القرآن أو علوم الكون.

لذلك إخوتي وأخواتي! أقول لكم ينبغي قبل كل شيء أن تغيروا نظرتكم إلى
هذا القرآن، ينبغي أن تعيشوا في كل لحظة مع القرآن، فأنا درَّبتُ نفسي
على ذلك حتى أصبحت أحس بسعادة لا توصف. تخيلوا أن إنساناً عندما
يرى أحلاماً تكون حول القرآن، وعندما يستيقظ من نومه يفكر في كلام الله،
وعندما يجلس في أي مكان يرى من حوله أشياء تذكره بالله تعالى،
هل تتصورون أن مثل هذا الإنسان يمكن أن تصيبه الهموم أو المشاكل،
والله تعالى ينادي ويقول:

{ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }
[العنكبوت: 69].

اعلم أيها الأخ الحبيب، وأيتها الأخت الفاضلة، أن مجرد الاستماع إلى
القرآن هو جهاد في سبيل الله!! وأن مجرد التأمل في خلق الله هو جهاد
أيضاً، وأن تدبر القرآن هو جهاد، واعلم أن أكبر أنواع الجهاد على الإطلاق
الجهاد بالقرآن، كيف؟ أن تتعلم آية من القرآن مع تفسيرها وإعجازها ثم
توصلها إلى من يحتاجها من المؤمنين أو غيرهم! هذا هو الجهاد الذي أمر
الله نبيه بتطبيقه في بداية دعوته إلى الله فقال له:

{ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا }
[الفرقان: 52]،
قال ابن عباس: أي بالقرآن.

وكيف يكون الجهاد بالقرآن؟ من خلال تعلم معجزاته وعجائبه وإيصالها
للآخرين، حاول أن تتعلم كل يوم آية واحدة فقط مع تفسيرها العلمي، بما
أننا نعيش في عصر العلم، ثم فكر بطريقة إيصالها لأكبر عدد ممكن من
الناس، وانظر ماذا ستكون النتيجة!

من كتاب روائع الإعجاز النفسي
بقلم المهندس/ عبد الدائم الكحيل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق