الأربعاء، 24 فبراير 2021

مفاهيم يجب أن تصحح حول الاستخارة

 مفاهيم يجب أن تصحح حول الاستخارة


اعتقاد بعض الناس أنّ صلاة الاستخارة إنّما تُشرع عند التردد بين أمرين
، وهذا غير صحيح ، لقوله في الحديث :

( إذا همّ أحدكم بالأمر .. ).

ولم يقل ( إذا تردد )، والهمّ مرتبة تسبق العزم، كما قال الناظم .. فإذا
أراد المسلم أن يقوم بعمل ، وليس أمامه سوى خيار واحد فقط قد همّ
بفعله ، فليستخر الله على الفعل ثم ليقدم عليه ، فإن كان قد همّ بتركه
فليستخر على الترك ، أمّا إن كان أمامه عدّة خيارات ، فعليه أوّلاً ـ بعد أن
يستشير من يثق به من أهل العلم والاختصاص ـ أن يحدّد خياراً واحداً فقط من هذه الخيارات ، فإذا همّ بفعله، قدّم بين يدي ذلك الاستخارة .

اعتقاد بعض الناس أنّ الاستخارة لا تشرع إلا في أمور معيّنة ، كالزواج
والسفر ونحو ذلك ، أو في الأمور الكبيرة ذات الشأن العظيم ،
وهذا اعتقاد غير صحيح ، لقول الراوي

في الحديث :

( كان يعلّمنا الاستخارة في الأمور كلّها ) ..

ولم يقل : في بعض الأمور أو في الأمور الكبيرة ، وهذا الاعتقاد جعل
كثيراً من الناس يزهدون في صلاة الاستخارة في أمور قد يرونها صغيرة
أو حقيرة أو ليست ذات بال ؛ ويكون لها أثر كبير في حياتهم .

اعتقاد بعض الناس أنّ صلاة الاستخارة لا بدّ لها من ركعتين خاصّتين ،
وهذا غير صحيح ، لقوله في الحديث :

( فليركع ركعتين من غير الفريضة ) ..

فقوله: " من غير الفريضة " عامّ فيشمل تحيّة المسجد والسنن الرواتب
وصلاة الضحى وسنّة الوضوء وغير ذلك من النوافل ، فبالإمكان جعل
إحدى هذه النوافل ـ مع بقاء نيتها ـ للاستخارة، وهذه إحدى صور تداخل
العبادات ، وذلك حين تكون إحدى العبادتين غير مقصودة لذاتها كصلاة
الاستخارة ، فتجزيء عنها غيرها من النوافل المقصودة .

اعتقاد بعض الناس أنّه لا بد من انشراح الصدر للفعل بعد الاستخارة ،
وهذا لا دليل عليه ، لأنّ حقيقة الاستخارة تفويض الأمر لله ، حتّى
وإن كان العبد كارهاً لهذا الأمر ، والله عز وجل يقول :

{ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئاً
وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }
[البقرة :216]

وهذا الاعتقاد جعل كثيراً من الناس في حيرة وتردد حتى بعد الاستخارة ،
وربّما كرّر الاستخارة مرّات فلا يزداد إلا حيرة وتردّداً ، لاسيما إذا لم يكن
منشرح الصدر للفعل الذي استخار له ، والاستخارة إنّما شرعت لإزالة
مثل هذا التردد والاضطراب والحيرة .

اعتقاد بعض الناس أنّه لا بدّ
أن يرى رؤيا بعد الاستخارة تدله
على الصواب ، وربّما توقّف عن الإقدام على العمل بعد الاستخارة انتظاراً
للرؤيا ، وهذا الاعتقاد لا دليل عليه ، بل الواجب على العبد بعد الاستخارة
أن يبادر إلى العمل مفوّضاً الأمر إلى الله كما سبق ، فإن رأى رؤيا صالحة
تبيّن له الصواب ، فذلك نور على نور ، وإلا فلا ينبغي له انتظار ذلك.

كتبه الشيخ الدكتور
محمد بن عبد العزيز المسند .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق