الثلاثاء، 23 فبراير 2021

من أسرار الصلاة

 من أسرار الصلاة


و جعلت قرة عيني في الصلاة

" و لم يقل : " بالصلاة" ،



إعلاماً منه بأن عينه لا تقر إلا بدخوله كما تقر عين المحب بملابسته

لمحبوبه و تقر عين الخائف بدخول في محل أنسه و أمنه ، فقرة العين بالدخول

في الشيء أم و أكمل مِت قرة العين بهقبل الدخول فيه ، و لما جاء إلى راحة

القلب من تعبه و نصبه قال



( يا بلال أرحنا بالصلاة ).



لماذا الراحة بالصلاة؟

أي أقمها لنستريح بها من مقاساة الشواغل كما يستريح التعبان إذا وصل

إلىمأمنه و منزله و قرَّ فيه ، و سكن و فارق ما كان فيه من التعب

و النصب. و تامل كيف قال:



" أرحنا بالصّلاة "

و لم يقل : " أرحنا منها "



كما يقوله المتكلف الكاره لها ، الذي لا يصليها إلا على إغماض و تكلف ،

فهو فيعذاب ما دام فيها ، فإذا خرج منها وجد راحة قلبه و نفسه ؛

و ذلك أنَّ قلبه ممتلئ بغيره ، و الصلاة قاطعة له عن أشغاله و محبوباته

الدنيوية ،فهو معذَّب بها حتى يخرج منها ، و ذلك ظاهر في أحواله فيها ،

من نقرها ، و التفات قلبهإلى غير ربه ، و ترك الطمأنينة و الخشوع فيها ،

و لكن قد عَلِمَ أنَّه لا بدّ له من أدائها ، فهو يؤديها على أنقص الوجوه ،

قائل بلسانه ما ليس في قلبه و يقول بلسان قلبه حتى نصلي فنستريح

من الصلاة ، لا بها.

ابن القيم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق