الخميس، 25 فبراير 2021

من مصطلحات علوم القرآن

 من مصطلحات علوم القرآن

من مصطلحات علوم القرآن : المتشابه في القرآن

المتشابه في القرآن الكريم له أطلاقات متعددة :
1 - القرآن كله متشابه من جهة الإعجاز والبيان و الهداية
و اتساق نظمه وعدم التفاوت في بلاغته .
قال سبحانه و تعالى :

{ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ }
[الزمر: 23[ .

2 - ويطلق المتشابه و يراد به التشابه اللفظي الذي أكثر ما يكون
في القصص القرآني .

3 - والإطلاق الأشهر للمتشابه فهو لما خفي معناه ودق ، مع احتياجه
إلى التأويل والفهم المجازي للألفاظ .

وعلى هذا فالمتشابه هنا هو قسيم المحكم ومقابله .
قال سبحانه :

{ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ
هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ }
[آل عمران: 7[ .

فالمتشابه هنا هو متشابه الدلالة الذي خفي معناه وغمض واحتاج إلى
بيان وتأويل ، و ذلك إما بترجيح وجه على وجه من الأوجه المحتملة
لدليل معتبر، و إما برد المتشابه إلى المحكم ليحكمه و يبين مراده .

ومن هذا الأخير رد قوله سبحانه و تعالى :

{ الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى }
[طه: 5]
إلى الآية المحكمة

{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ }
[الشورى: 11]

فنجزم بأن استواء الرحمن ليس كاستواء الإنسان، لأن الله سبحانه ليس
كمثله شيء .

و كذا يرد قوله سبحانه :

{ وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها }
[الإسراء: 16]
إلى قوله سبحانه المحكم:

{ قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ }
[الأعراف: 28] وبذا يتبين المراد .

ومن هنا كان المتشابه بإطلاقه هذا ميدانا رحبا للعلماء والنظار
والمفكرين، فهما وتدبرا لآيات الله سبحانه، واستنباطا وترجيحا
لمعنى على معنى.

ولو أراد الله سبحانه أن يكون كلامه في القرآن الكريم محكما كله لكان،
ولكن الله سبحانه أراد للإنسان أن يعمل فكره ويقدح زناد عقله، تدبرا
لكتاب الله:

{ أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ }
[النساء: 82]،

إمعانا في التكليف ليعرف الإنسان قدره . و بهذا يتفاضل الناس ، و به
تنمو مداركهم و فهومهم .

ثم إن القرآن الكريم قد جاء على سنن العرب في خطابهم من الإيجاز
والحذف والتوكيد وإغماض بعض المعاني وإظهار بعضها، بما يتناسب
وبلاغة الكلام .

وفي المتشابه ابتلاء للناس واختبار، فالمؤمنون هم الذين يؤمنون بصدق
ربهم وصدق إخباره، يسلمون له بكل ما يخبر به. وهذا فيه ما فيه من
إلماح إلى محدودية عقل الإنسان، وقصور مداركه، فهو وإن بلغ الغاية
لا يستطيع مجاوزة الحد الذي رسمه الله له .

والله سبحانه لم يكلفنا شططا، وإنما حفزنا إلى التفكير والاستنباط، ولكن
بضوابط شرعية وعقلية ولغوية. أما أهل الزيغ والضلال فهم يتتبعون
متشابه القرآن، ويغضون الطرف عن محكمه. وبذا يصرفون كلام الحق
عن وجهته ومقصده، إثباتا لمعتقداتهم وتحقيقا لأهوائهم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق