الثلاثاء، 4 مايو 2021

غصون رمضانية ( 022 – 030 )

 


غصون رمضانية ( 022 – 030 )



عبدالله بن عبده نعمان


لقد تزينّت للخُطّاب، وانتظرتْ الأحباب على الباب،

فأين مراكب الحُبِّ التي توصلهم إليها، لتكشف لهم عما هي عليه من الحلاوة والحِلى،

والصباحة والملاحة، والشرف الباذخ، والطهر الشامخ،

من رآها بعين الإيمان يعتقد أنه لم تفتحِ العين على أتمَّ منها في الخَلق حُسنًا،

ولا أكمل منها في الطرْف صورة، قد أُفرغ فيها الجمال إفراغًا، وحوتْ من بديع المحاسن ما جعلها عروسَ الليالي،

وملكةَ جمال الدهر.


فصادقو الحب يبقون ساهرين منتظرين اللقاء، مشتاقين لذلك الموعد الوضّاء،

يعدون الشهور والليالي والأيام، وكلما اقترب الزمن زاد الحنين.


إنه الموعد السنوي مع الليلة المباركة ليلة القدر،

التي يرتقبها أهل الصلاح والعبادة؛ طمعًا في فضلها،

وحرصًا على خيرها، فهي مُزنة الخيرات، ومنهل البركات، وليلة الزاد العظيم،

والكنز الثمين الذي إذا حازه الإنسان فقد ظفر بخير كثير.

ليلة يخبئ رحمُها سعادة رحبة لمن قامها مخلصًا، فهي معراج بلوغ الآمال،

وزوال الآلام، وإحراق الذنوب.


هي ليلة واحدة، لكنها دهر، وساعات معدودة، لكنها سنوات ممتدة،

وزمن قصير في حشاه خير كثير

إنها ليلة تختصر مسافة الزمن، وطريقَ الوصول إلى الهدف المأمول.


هذه الليلة المباركة هي الليلة التي شمّر لقيامها أهل السباق،

ونصبوا لأجلها أقدمَهم بين يدي الخلاّق، وأسهروا عيونهم،

وادخروا الدموع الكثيرة ليريقوها هذه الليلة،


إن الله تعالى قد شرّف هذه الليلة بنزول القرآن الكريم فيها

من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا

وهي ليلة ذات شرف وفضل وعظمة وتفوق بهذا الفضل والشرف

والعمل الصالح فيها ألفَ شهر ليس فيها ليلةُ قدر، ومن براهين فضلها وخيرها:

أن الملائكة يكثر نزولهم إلى الأرض ومن بينهم جبريل عليه السلام،

ولا تهبط الملائكة إلا بالخير

وهي ليلة كاملة ذات سلامة من المكروهات، وتسليم من الملائكة على المؤمنين،

وينبغي عدم الخصام والاختلاف فيها

وفيها ليلة التقدير السنوي بالأرزاق والآجال والأعمال،

يُفصل ذلك من اللوح المحفوظ إلى الكتبة من الملائكة


فيا أيها المسلم، برهنْ على صدق إيمانك، وحرصك على الخير بقيامك

هذه الليلة في العشر الأواخر؛ ابتغاء وجه الله،

ومن رحمة الله تعالى أن هذه الليلة أُخفي تحديدها؛ حتى يكثر اجتهاد العابدين،

وتزيد قربات المتقربين، من هذا المنهل المَعين.

لكن الرسول عليه الصلاة والسلام قد قرّب ذلك الزمن فحث على التماسها

في أوتار العشر، وهي ليلة إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين،

وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين


وينبغي للمسلم أن يحث أهله على قيامها، واستغلال وقتها،

إن أهل قيام هذه الليلة ليعجبون من انشغال كثير من المسلمين عن خيرها

بأمور الدنيا، فأين الرغبة في الآخرة، والرغبة عن الدنيا؟!

فيا فوزَ من وفِّق لقيام هذه الليلة، ويا خسارة من فاته فضلها.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق