الجمعة، 7 مايو 2021

غصون رمضانية ( 025 – 030 )

 عبدالله بن عبده نعمان


السرقة انحراف سلوكي، يدل على وهن نفسي أمام نداء الشهوة المعوجة،

وهي تشير إلى خواء داخلي خلا من تعظيم حق الخالق، وتعظيم حق المخلوق،

وهي استجابة جامحة للسطو على معصوم الآخرين من غير كابح من دين

أو خلق.


وهذا في الحقوق الحسية كالأموال، وهناك سرقة أشد منها شناعة

وهي السرقة في الحقوق المعنوية كالسرقة من العبادات،

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

( أسوأ الناس سرقة الذي يسرق صلاته، قالوا: وكيف يسرق صلاته؟

قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها )


فهذا الذي لم يطمئن في صلاته فأسرع فيها حتى لم يتم ركوعها ولا سجودها؛

قد سرق من حق الله تعالى في الصلاة وهو تمام الاطمئنان في جميع الأركان،

فالعجلة في أدائها نقصانٌ وهدر لذلك التمام الذي تجب المحافظة عليه،

وهو سرقة من ثواب الصلاة؛ لأنها إذا كملت وقبلت تمّ ثواب صاحبها،

فإذا أسرع فيها أنقص من ذلك الكمال.

وعلى هذا المنوال يعيش ناس في رمضان يسرقون صومهم؛ تكاسلاً،

أو جهلاً، أو طلبًا للراحة وهروبًا من ثقل العبادة، ونحو ذلك من الأسباب.


فهناك من الصائمين من يسرق من صومه كجعله صيامَ رمضان عادة لا عبادة،

وذلك حينما لا يبتغي به وجه الله تعالى، ولا يقوم به كما جاء في الشرع،

وإنما يجاري به جمعَ المسلمين، فكيفما صام الناس صام،

وما ألِفه المجتمع من العادات السيئة في رمضان جعله دينًا يدين به.


ومن سُرّاق صومهم: من يصوم رمضان ولا يصلي الصلوات الخمس،

أو بعضها، فيا لله للعجب!

فكيف يصح صيامٌ لم يقم على بنيان الصلاة التي هي الركن الثاني

وهو الركن الرابع، فهل يصح لبانٍ أن يعلي بنيانًا لا يقوم على قاعدة راسخة؟

ومن سُرّاق صومهم: من يظل نهار رمضان في نوم طويل،

فلا يعرف من يوم الصوم إلا نصفه، أو ثلثه، أو ربعه،

بل إن بعضهم لا يستيقظ إلا عند الإفطار! فماذا بقي من الصيام

بعد هذه السرقة التي اجتاحته أو اجتاحت معظمه؟!

فرمضان عند هذا الصنف نزيلٌ على الفراش، وقِراه النوم العميق

ومن سُرّاق صومهم: مَن يجرحون صيامهم ببذاءة اللسان،

وينزعون إلى تلبية دواعي الغضب، فهذا الفعل يسرق عليهم كمالَ الأجر،

وينقصهم عن الظفر بتمام الثواب


وهناك سارق يسرق صيام بعض الصائمين برضى من الصائمين،

بل بحُبٍّ منهم له، بل بسعي إليه ليسرق كنز الصوم منهم،

هذا السارق هو: الإعلام السيء الذي يصيب الصيام في مقتل،

فما كان من فضيلة نالها الصائم استلبها منه،

وما كان من داء يسحتُ صيامَه وهبه له، وهو سارق يعامل المسروق منه

عن بُعد على مدار الساعة، وفي أي ظرف كان فيه،

وقد لا يشعر بعض الصائمين بهذا السارق الخادع

إلا إذا آبوا إلى عقولهم الصافية، وإيمانهم المشرق،

لكن مادام في العقول غبش، وفي الإيمان غشش فإن هذا السارق

الظريف سيستمر في السرقة المحبوبة لدى المسروق منهم!

وقريب من هذا السارق: الإعلام الملهي الذي يسرق على بعض الصائمين

كنز الوقت الثمين، الذي يفتقرون إلى إنفاقه في الأعمال الصالحة

في هذا الشهر الكريم.

فمن كان فطنًا مؤمنًا فلا يسرق من صيامه؛ فيوقع نفسه في الخسارة،

ولا يأذن كذلك لأحد ليسرق من صومه باختياره ورضاه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق