الأحد، 30 ديسمبر 2018

شرح أدعية آخر البقرة (1)


شرح الدعاء من الكتاب والسنة


شرح أدعية آخر البقرة (1)



1- { سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } .



2- { رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا

كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ

وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }



هاتان الآيتان الكريمتان اللتان هما آخر آيات سورة البقرة قد جاءت

الأخبار في فضلهما في عدة أحاديث عن الصادق المصدوق حيث قال

صلى الله عليه و سلم :

( مَنْ قَرَأَ بِالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ )



وجاء عنه صلى الله عليه و سلم :

( أُعْطِيتُ خَوَاتِيمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ بَيْتِ كَنْزٍ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ لَمْ يُعْطَهُنَّ

نَبِيٌّ قَبْــلي ) ،

وما جاء كذلك:

( عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: بَيْنَمَا جِبْرِيلُ عليه السلام قَاعِدٌ

عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ،

فَقَالَ:
( هَذَا بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ، لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلا الْيَوْمَ، فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ،

فَقَالَ: هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الأَرْضِ لَمْ يَنْزِلْ إِلا الْيَوْمَ فَسَلَّمَ، وَقَالَ: أَبْشِرْ

بنورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ: فَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَخَوَاتِيمِ سُورَةِ

الْبَقَرَةِ لَنْ تَقْرَأْ بِحَرْفٍ مِنْهَا إِلا أُعْطِيتَهُ ) .



فقد حوت هذه الآيات الكثير من المعاني الجليلة، والمقاصد العظيمة،

والدلالات الواسعة، ففي صدرها أخبر ربنا عز وجل أن رسول اللَّه

صلى الله عليه و سلم ومن معه من المؤمنين قد أقروا بأصول الإيمان

العظيمة، بالإيمان باللَّه عز وجل، و الاستسلام الكامل له تبارك وتعالى

ظاهراً وباطناً، وأنهم قد جمعوا بين كمال الإيمان، وشمول الإسلام،

وفي الإخبار عنهم جميعاً مع النبي في سياق واحد فضيلة ظاهرة،

وشرفٌ عظيمٌ للمؤمنين، وفيه بيان

( بأن رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم مشارك للأمّة في الخطاب

الشرعيّ له، وقيامه التامّ به، وأنه فاق؛ بل فاق جميع المرسلين

في القيام بالإيمان وحقوقه )



{ وَقَالُوْا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا }: أي سمعنا قولك، وفهمنا ما جاءنا من الحق،

وتيقنّا بصحته، وأطعنا بامتثال أوامرك، واجتنبنا نواهيك.



( وهذا إقرار منهم بركني الإيمان اللّذَين لا يقوم إلا بهما، وهما:

السمع: المتضمّن للقبول والتسليم، والطاعة المتضمنّة لكمال الانقياد وامتثال الأمر )



{غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}:
( قدموا السمع والطاعة على المغفرة؛ لأن تقدم الوسيلة على المسؤول

أدعى إلى الإجابة والقبول )،

وفي طلبهم المغفرة لأنهم علموا أنهم لا بد وأن يقع منهم التقصير

والنقصان بطبيعتهم البشرية، فإن ذلك من لوازمهم التي لا تنفك عنهم،

ثم أقرّوا للَّه تعالى: الرجوع، والمآب في جميع الأمور الدنيوية

والأخروية إليه، ومن أعظمها يوم القيامة.



ولا يخفى في هذه الدعوات جميل الأدب، وحسن الاختيار، وجميل الثناء

والطلب، الموجب القبول والرضى عند بارئهم تبارك وتعالى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق