الجمعة، 4 يناير 2019

أخاف ألا أدخل الجنَّة (1)

أخاف ألا أدخل الجنَّة (1)

الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي


السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

أصبح عندي خوفٌ من ألاَّ أدخُل الجنَّة، فتكوَّنت لديَّ حالة اكتئاب وقلَق،

وأشْعُر دائمًا بأنِّي كافر، فساعدوني جزاكم الله خيرًا.

الجواب

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه،

أمَّا بعدُ:

فما تشعُر به هو محْض وسوسة من الشَّيطان الرَّجيم - لعنَه الله -

ليحْزُنك ويدفعَك لترْك العمل.


فالمسلِم يجهل ما قدَّره الله له مِن السَّعادة أو الشَّقاوة يوم القيامة؛

ولذلك عليه أن يعمَل ويأخذ بالأسباب الشَّرعيَّة ويدع ما سواها،

ويدعو الله أن يرزُقه الثَّبات على الدين؛

{ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي

نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }

[لقمان: 34]،

وقال تعالى:

{ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ }

[الأنعام: 59]،

وأخبر - سبحانه - عن سيِّد الخلق أنه لا يعلم من الغيب إلاَّ ما علَّمه ربُّه

- سبحانه وتعالى - وأنَّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - لعدَم العلم بما تُفْضِي

إليْه قد يناله بعضُ السوء، وقد يفوته بعضُ المصالح؛

فقال سبحانه:

{ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا

إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }

[الأعراف: 188]،

وقال:

{ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ

فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا }

[الجن: 26، 27].


إذا اطمأنَّت نفس المسلِم لذلك، فلا ينبغي له البحْثُ وكثرة السؤال،

والاستِرْسال مع وساوِس الشَّيطان التي يُريد أن يفسِد بها دينَ المرْء

ودُنياه وأُخراه.


ففي الصَّحيحين: عن عِمران بن حصين قال: قيل: يا رسولَ الله، أَعُلِم

أهل الجنَّة من أهل النَّار؟ قال: ( نعم )، قيل: ففِيم يعمل العاملون؟

قال: ( كلٌّ ميسَّر لِما خُلِق له ).


عن أبي الأسود الدؤلي قال: قال لي عِمران بن حصين:

إذا أرأيتَ ما يعمل النَّاس اليوم ويكدحون فيه،

أشيءٌ قُضِي عليهم ومضى عليْهم من قدرٍ سابق،

أو فيما يستقْبِلون به ممَّا أتاهم به نبيُّهم وثبتت الحجَّة عليهم؟ فقلت:

بل شيء قُضِي عليهم ومضى عليهم، قال: فقال: أفلا يكونُ ذلك ظلمًا؟

قال: ففزِعْتُ من ذلك فزعًا شديدًا، وقلت: كلُّ شيء خلق الله وملك يده،

فلا يُسْأل عمَّا يفعل وهم يسألون، فقال: يرحَمك الله، إنّي لم أُرِد بما سألتُك

إلاَّ لأجود عقلك؛ إنَّ رجُلين من مزينة أتَيَا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -

فقالا: يا رسول الله، أرأيتَ ما يعمل النَّاس اليوم ويكدحون فيه،

أشيءٌ قُضِي عليْهِم ومضى فيهم من قدَرٍ سابق،

أو فيما يستقبلون به ممَّا أتاهم به نبيُّهم وثبتت الحجَّة عليهم؟

فقال:

( لا، بل شيءٌ قُضِي عليْهِم ومضى فيهم، )

وتصْديق ذلك في كتاب الله:

{ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا }

[الشمس: 7، 8] ).

منقول للفائدة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق