الأربعاء، 15 مايو 2019

بطولات هزت الجبال(10)


بطولات هزت الجبال(10)

لمحمد بن عبد الرحمن بن عبد اللطيف

يتوسد التراب لحديث واحد :

البطل : عبد الله بن العباس رضى الله عنهما .

البطولة : طلب العلم .

تفاصيل البطولة :

عن عكرمة عن ابن عباس رضى الله عنهما قال : لما قبض رسول الله

صلى الله عليه وسلم قلت لرجل من الأنصار هلم فلنسأل أصحاب

رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنهم اليوم كثير , فقال الرجل :

واعجبًا لك يا ابن العباس ! أترى الناس يفتقرون إليك وفي الناس من أصحاب

رسول الله صلى الله عليه وسلم من فيهم ؟ قال : فتركت قوله، وأقبلت أسأل

أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحديث،

فإن كان الحديث ليبلغني عن الرجل فآتي بابه وهو نائم وقت القيلولة

فأتوسد التراب. فيخرج فيراني فيقول : يا ابن عم رسول الله

صلى الله عليه وسلم ما جاء بك ؟ ألا أرسلت إلي فآتيك ؟ فأقول :

لا، أنا أحق أن آتيك، فأسأل عن الحديث .

فعاش ذلك الفتى الأنصاري حتى رآني، وقد اجتمع الناس حولي

يسألونني، فيقول : (هذا الفتى كان أعقل مني ).

وعن أبي صالح قال : لقد رأيت الناس قد اجتمعوا حتى ضاق بهم الطريق،

فما كان أحدهم يقدر أن يجيء ولا أن يذهب من ازدحام الناس.

قال: فدخلت على ابن عباس فأخبرته بمكانهم على بابه، قال :

فتوضأ وجلس، ثم قال : اخرج فقل لهم : من أراد أن يسأل عن القرآن وحروفه

وما أراد منه فليدخل , قال : فخرجت فآذنتهم، فدخلوا حتى ملؤوا البيت

والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم وزادهم أكثر مما سألوا عنه ,

ثم قال : إخوانكم , فخرجوا ليفسحوا الطريق لغيرهم , ثم قال :

اخرج فقل : من أراد أن يسأل عن تفسير القرآن

وتأويله فليدخل , قال : فخرجت

فآذنتهم، فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء

إلا أخبرهم عنه وزادهم أكثر مما سألوا عنه.. ثم قال : إخوانكم. فخرجوا

ليفسحوا الطريق لغيرهم , ثم قال : اخرج فقل : من أراد أن يسأل عن

الحلال والحرام والفقه فليدخل , قال : فخرجت فقلت لهم، فدخلوا حتى

ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوا عن شيء إلا أخبرهم به وزادهم مثله.

ثم قال : إخوانكم , قال : فخرجوا , ثم قال : اخرج فقل : من أراد أن

يسأل عن الفرائض والمواريث وما أشبهها فليدخل , قال : فخرجت

فآذنتهم، فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوا عن شيء إلا

أخبرهم به وزادهم مثله.. ثم قال : إخوانكم , قال : فخرجوا , ثم قال :

اخرج فقل : من أراد أن يسأل عن العربية والشعر فليدخل , قال :

فدخلوا حتى ملؤوا البيت والحجرة، فما سألوه عن شيء إلا أخبرهم

به وزادهم مثله , قال أبو صالح : فلو أن قريشًا فخرت بذلك لكان

ذلك لها فخرًا .

العبرة المنتقاة :

اطلب العلم ولا تلتف لأقوال المثبطين بل سِر في ذلك الطريق

متخطيًا العوائق، فإن ذلك هو سبيل الرفعة في الدنيا والآخرة .

حيث إن : عبد الله بن عباس رضى الله عنهما لم يلتفت إلى قول ذلك

الفتى الأنصاري؛ بل مضى في طلبه للعلم إلى أن أصبح في علمه

بحرًا يصعب إدراكه .

وصدق الله عز وجل حيث يقول :

{ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ

بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }

[المجادلة: 11]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق