الأربعاء، 14 أبريل 2021

غصون رمضانية ( 002 – 030 )

 غصون رمضانية ( 002 – 030 )
عبدالله بن عبده نعمان

رمضان ضيف العام، ينزل على المسلمين أيامًا معدودة،

فيختلف الناس في استقباله، ويتفاوتون في العيش معه أيام حلوله

إلى وقت ارتحاله، فهو ضيف ينزل منازل شتى،

فمن المنازل: منازل تظل مترقبة بحبٍّ وصولَه،

وتعد الشهور والأيام والليالي شوقًا لاستقباله، فقد برح بها الانتظار،

وكادت أن تذوب شوقًا؛ حرصًا على لقاء حبيب منتظر،

ألفت في نزوله الراحةَ والسعادة تحت دوحة الطاعة الظليلة،

حينما قضت حقَّ قِراه، وقامت بواجب الضيافة ومستحبه،

فلسان حالها ومقالها لرمضان:

فقلتُ له أهلاً وسهلاً ومرحبًا فهذا مبيتٌ صالح وصديق


فهذه المنازل الكريمة تملك قلوبًا حية، وأرواحًا مشرقة،

فرأت في نزول رمضان عليها غنيمة باردة،

تتزود منها مغانم ليوم المغارم، وسحابة هتانة تهمي عليها بوابل

من الطاعات، إلى ما لديها من طاعات فتكون:

{ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ }

فلهذا تحيا منازلها مع هذا الضيف الكريم حياة طيبة،

تغمرها البسمة واللذة، فإذا دنت ساعاتُ الرحيل رسمت ذكراها

على القلوب الألم، وعلى الوجوه الحزن،

وربما أرسلت على الخدود دموع الولَهِ، والحال كما قال ابن المعذل:

ومن منازل رمضان: منازل قوم يستعدون لاستقبال ضيف العام

بإعداد قائمة طويلة من مطعومات رمضان ومشروباته،

فإذا اقترب الوعد الحق خرجوا إلى الأسواق،

فآبوا بالأسواق إلى بيوتهم، فحملوا من الطعام والشراب

ما اتفق واختلف في اللون والطعم والحجم،

كأن رمضان هبط وحشًا كاسراً أُجيعَ سنة كاملة فجاء إليهم يذيب الشحم،

ويأكل اللحم، وينقي العظم، فإذا نزل بهم مدّوا الموائد،

وأوسعوا البطون، وأتعبوا النساء في المطابخ،

ولهذا يفرح تجار الأغذية بدخول رمضان فرحًا شديداً،

لا بفضائله ونوائله، ولكن لأرباحهم المالية فيه؛ بسبب هذا الصنف من الناس.

فأهل هذه المنازل يعدون رمضان للأجساد لا للأرواح،

وللبطون لا للقلوب؛ ولهذا يُرَون بِطاءً في مسالك القربات،

سِراعًا إلى طرق اللهو والملذات، فيثقل عليهم الصيام،

وتطول عليهم الأيام، ويخرج رمضان ضيفًا ثقيلاً،

ونازلاً مكروهًا، وراحلاً محبوب الرحيل .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق