الأحد، 7 فبراير 2016

لماذا الراحة بالصلاة ؟


 
أي أقمها لنستريح بها من مقاساة الشواغل
 كما يستريح التعبان إذا وصل إلى مأمنه و منزله و قرَّ فيه ،
 و سكن و فارق ما كان فيه من التعب و النصب.
 
 و تامل كيف قال صلى الله عليه وسلم :
 
 ( أرحنا بالصّلاة )
 
 و لم يقل : أرحنا منها  ، كما يقوله المتكلف الكاره لها ،
 الذي لا يصليها إلا على إغماض و تكلف ،
 فهو في عذاب ما دام فيها ، فإذا خرج منها وجد راحة قلبه و نفسه ؛
 و ذلك أنَّ قلبه ممتلئ بغيره ، و الصلاة قاطعة له عن أشغاله
 و محبوباته الدنيوية ، فهو معذَّب بها حتى يخرج منها ،
 و ذلك ظاهر في أحواله فيها ، من نقرها ،
و التفات قلبه إلى غير ربه ، و ترك الطمأنينة و الخشوع فيها ،
 و لكن قد عَلِمَ أنَّه لا بدّ له من أدائها ، فهو يؤديها على أنقص الوجوه ،
 قائل بلسانه ما ليس في قلبه و يقول بلسان قلبه حتى نصلي
 فنستريح من الصلاة ، لا بها. فهذا لونٌ و ذاك لونٌ آخر .
 
 
 ففرق بين :

 * مَن كانت الصلاة لجوارحه قيداً ثقيلاً ،
و لقلبه سجناً ضيقا حرجاً ، و لنفسه عائقا ،
 
* و بين مَن كانت الصلاة لقلبه نعيماً ،
و لعينه قرة و لجوارحه راحة ، و لنفسه بستاناً و لذة.
 
فالأول :
 
 الصلاة سجن لنفسه ،
 و تقييد لجوارحه عن التورط في مساقط الهلكات ،
 و قد ينال بها التكفير و الثواب ،
 أو ينال من الرحمة بحسب عبوديته لله تعالى فيها ،
 و قد يعاقب على ما نقص منها.
 
 و القسم الآخر :
 
الصلاة بستان له ، يجد فيها راحة قلبه ،
 و قرّة عينه ، و لذَّة نفسه ، و راحة جوارحه ، و رياض روحه ،
 فهو فيها في نعيم يتفكَّه ، و في نعيم يتقلَّب يوجب له القرب الخاص و الدنو ،
 و المنزلة العالية من الله عزَّ و جل ، و يشارك الأولين في ثوابهم ،
 بل يختص بأعلاه ، و ينفرد دونهم بعلو المنزلة و القربة ،
التي هي قدر زائد على مجرد الثواب .
 
 
أسرار الصَّلاة للإمَام العلامَة ابن قيِّم الجَوزيَّة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق