الجمعة، 7 سبتمبر 2018

نوبات الهلع تدمر حياتي


د. ياسر بكار
السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم

أودُّ بدايةً أن أشكرَ شبكة الألوكة على ما تقدِّمه من عَوْن للجميع،
فجزى الله خيرًا العاملين عليها.
أُصبتُ منذ عام ونصف بنوبات هلَع، إذ بدأتِ الوساوس والأفكار الغريبة
تُراودني ليل نهار، تحولتْ حياتي لجحيم، لم أعدْ ذلك الإنسان المتفائل،
الموت يلاحقني في كل مكان، لا أشعر بالأمان؛ لو شعرت بالحر الشديد
فهو الموت، وإن آلمني صدري فهو الموت، قمتُ بإجراء كثير مِن التحاليل،
والحمدُ لله كلها سليمة.
وصَف لي صديق دواء اسمه: بروزاك، فهل أتناوله؟

أفيدوني، جزاكم الله خيرًا.

الجواب
الأخ الكريم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مرحبًا بك وأهلًا سهلًا.
قرأتُ رسالتك، وأتفهَّم المعاناة التي تُعانيها، أسأل الله - عز وجل –
أن يُخففَ عنك، وأن يَصرفَ ما ألَمَّ بك، ويُلبسَك ثوب العافية.

ما تحدَّثتَ عنه هو الصورة المعتادَة لاضطراب القلَق المعمَّم،
وما يترافَق معه مِن توهُّمات جسَديةٍ وغيرها، وهذا المرضُ مُنتشِرٌ
بشكلٍ واسعٍ، ويحتاج إلى علاج حتى يتمَّ التخلُّص منه.
هناك ثلاث نقاط أوَدُّ الإشارة إليها:
النقطة الأولى:
الدواء الذي ذكرتَه البروزاك هو مِن الأدوية الفعَّالة في مثل حالتك،
لكن قد يُفضِّل بعضُ الأطباء استخدام دواء الزيروكسات بجرعات 20 مليجرام،
ويجب تناوُله بتدرُّج، نصف حَبَّة لمدة أربعة أيام، ثم حبة كاملة،
وقد يُسبِّب هذه الدواء بعض النعاس؛ لذا يفضَّل تناوُله قبل النوم،
و سيُساعد بشكلٍ كبير على التخلُّص من القلق - بمشيئة الله.
النقطة الثانية:
حدوث مثل هذا الاضطراب في مثل هذا العمر (40 سنة) ليس شائعًا؛
لذا يجب زيارة الطبيب النفسي؛ للتأكُّد مِن عدم وجود اضطراباتٍ
عُضويةٍ تكون وراء أعراض القلقِ؛ مثل: الزيادة في إفراز الهرمونات، أو زيادة
إفراز هرمونات الغدة الدرَقيَّة، أو اضطرابات أخرى قد تأتي بأعراضٍ
مُشابهة لأعراض القلق؛ لذا أنصح بزيارة الطبيب النفسيِّ
للتأكُّد من التشخيص، وإجراء التحاليل اللازمة.
النقطة الثالثة:
الأعراض المزعِجة للقلق مُرتبطة بشكلٍ كبير بالأفكار التي تُراودنا
أثناء الشعور بالقلق، ففي الحقيقة إنَّ المريض تُسيْطِر عليه بعضُ الأفكار
السلبية التي تُعزِّز الأعراضَ التي يُعاني منها؛
مثل: (توقُّع أسوأ ما يُمكن، وتضخيم الأعراض اليسيرة،
وإعطائها معانيَ أو تفصيلات مبالَغًا فيها)،
وغير ذلك مِن الأفكار التي تحتاج إلى مراقبةٍ،
ثُمَّ تحديد، ثُمَّ تحدٍّ وتغيير، وبمعنًى آخر أنْ أقومَ بمُراقبة ذاتية للأفكار
التي تأتي على ذهني، ثم أُغيرها بأفكارٍ أخرى، فعلى سبيل المثال:
إذا شعرت بشيء من الخَفقان في القلب، ستراودني أفكار أني
مُصاب بمرض في القلب، ومن ثم فورًا سأُغيرها بفكرة أخرى وهي:
(إنه مجرد خفَقان لا يعني شيئًا، وسبق أن تعرَّضتُ له)،
وهكذا يتمُّ تغيير الأفكار السلبية بأفكار مريحةٍ أو مخفِّفة للقلق؛
حتى يتغلب على هذه المشاعر، ومن المألوف أن يَفشَل الإنسان كثيرًا
في هذا، لكن يجب ألا نتوقَّف، ومع العلاج سيكون لك
قدرة أكبر على التحكُّم في هذه الأفكار.

أتمنَّى لك التوفيق، وأهلًا وسهلًا

منقول للفائدة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق