الاثنين، 3 سبتمبر 2018

طفلي خجول


أ. أسماء حما
السؤال
لديَّ ابنٌ عمرُه ٤ سنوات، شخصيتُه خارجَ البيت تختلِف عن داخله،
فهو خجولٌ ولا يرغَب في التكلُّم أو السلام على أحدٍ، برغم أنَّه في البيت
- ما شاء الله - مُتحدِّث معي، وأسئلتُه كثيرة، وأنا عَلاقتي مع الناس خفيفة،
وقد أدخلتُه الآن روضة ٢، والعام الماضي روضة ١، وتقبَّل ذلك،
ولكن هدفي أن يكونَ اجتماعيًّا، ولم أصِلْ لهدفي؛ فهل مِن حلٍّ،
علمًا أنَّه حتى مع أقاربِه خجولٌ، أقارِبه الكبار، مِثل عمَّته وعمِّه وخاله،
أما أولاد مِن عُمره، فهو يَندمِج معهم، ونادِرُ التكلُّمِ مع الغريبِ،
فهو ولدٌ وحيد لديَّ؛ فهل هذا هو السببُ؟
ما يَشغلني أنَّه ولدٌ، وسيُصبح إنْ - شاء الله - رجلٌ يخدم المجتمعُ،
أرغب أن يكونَ صاحبَ علاقات اجتماعيَّه وجَريئًا،
وأنا أرَى أولادًا مِن عُمرِه وأصْغَر أجرأ مِنه.

أفيدوني، وجُزيتم خيرًا.

الجواب
أختي الفاضلة، السلام عليكم ورحمة الله.
أهلاً ومرحبًا بكِ وأسأل الله لكِ السدادَ.

الأطفال لهم طباعٌ مُختلِفة، فبعضُهم اجتماعيُّون ويُقيمون صداقاتٍ سريعةً،
وبعضهم خَجولون ولا يشعرون بارتياحٍ في وجودِ أشخاصٍ آخرين،
ويحتاجون لوقتٍ طويل حتى يستطيعوا التكيفَ مع المواقِف الجديدة،
بعض الأطفال يُولَدون خجولين وحسَّاسين، والبعضُ الآخَر يَكتسِبون
هذه الصفةَ كنتيجةٍ للخبرات والتجارِب، التي قدْ يَتعرَّضون لها في
البيتِ أو المدرسة، وحسب رأي خبراءِ النفس فإنَّ حوالي 10 - 15%
مِن الأطفال يُولَدون ولديهم ميلٌ واستعدادٌ لأنْ يكونوا خجولين بصورةٍ
غيرِ طبيعيَّة، بينما الباقون يُصبِحون خجولين؛ إمَّا لأنَّهم بدون
مهاراتٍ اجتماعيَّة، أو بسببِ خوفهم مِن عدمِ تقبُّل الآخرين لهم،
أو خوفِهم مِن تعرضهم للسخريةِ مِن الآخرين،
مما يدلُّ على فقدانِهم الثقةَ بالنَّفْس والذات.
وممَّا يُقلِق الوالدين طبعًا أن يكونَ طفلهما خجولاً؛ لأنهما يفسِّرانِ
هذا السلوكَ على أنَّ الطفل يُعاني مِن ضعفِ تقديره لذاته، لكنْ هناك كثيرٌ
من أنواع الخجَل التي تقَع في النِّطاق الطبيعي، فمِن الطبيعي أن يحتاجَ
طفلُكِ لوقتٍ حتى يعتادَ على أيِّ شخصٍ غريب، فالخجَل ليس دائمًا
صفةً سلبية، بل قدْ يساعد الطفلَ على قضاءِ وقتٍ أكثرَ في ملاحظةِ ما حولَه.
وقد ذكرتِ لنا - أختي الكريمة - أنَّ عُمرَ ابنك 4 سنوات، وهو عمرٌ
مبكِّر لكي نَصِفَه بـ"الخجول"، وقد أوردتِ سببين مهمَّين:
أولاً: أنَّه وحيد.
ثانيًا: قلَّة عَلاقاتك بالمجتمعِ الخارجي.
فالخجل إذًا ناتجٌ عن قلَّة الخِبرة وقِلَّة الثِّقة في التعامُل مع الآخرين،
والكِبار على الخصوصِ، وعدم وجودِ إخوةٍ أو أقران يتعلَّم منهم،
وقلَّة احتكاكِه بالكِبار الذين لم يألفْهم طفلُكِ، ولم يَعتدْ عليهم.
ليس مِن داعٍ للقلق؛ فهذا طبيعيٌّ في عُمرِ ابنِك ووضْعه الأُسري،
وسوف يَتغيَّر تدريجيًّا بقليلٍ مِن المتابعةِ والتعزيزِ،
وإقحامِه في أدوارٍ اجتماعيَّة، أنصحُكِ بالتالي:
1- أَشبعيه حبًّا وعاطفةً، واطلبي مِن الآخرين أن يُعبِّروا له عن مشاعرِهم.
2- عزِّزي ثقتَه بنفسِه مِن خلالِ الثناء على شخصِه وهيئته العامَّة،
ومناداتِه باسمِه، ومدحِه أمامَ الآخرين، وتشجيع أيِّ سلوكٍ حسَنٍ يقوم به.
3- كوني نموذجًا اجتماعيًّا أمامَه؛ فالأطفال في هذا
العُمر يتأثَّرون بآبائهم ويحبُّون التقليدَ.
4- لا تُسمعيه: "أنت خجول"، فكأنَّكِ تُرسخين هذه الصفةَ في ذاتِه،
وهذا قدْ يَجعله يَشعُر بالخجَلِ مِن نفسِه، احترمي خجلَه وتحدَّثي معه
عن مشاعرِه، وعزِّزي المواقفَ التي تَصرَّف فيها بغيرِ خجلٍ، قولي: أنت جريءٌ وواثق.
6- تَحدَّثي معه عن جمالِ الصداقةِ والعلاقات الاجتماعيَّة، والفوائد التي
يَكتسبها الإنسانُ مِن علاقاته، احكي له قصصًا في هذا المضمار.

أخيرًا: أختي الحبيبة، لا شيءَ مقلِق في وضْعِ ابنك - بإذن الله -
أسأل الله أن يوفِّقك لأحسنِ التربية وأرْقاها، وأن يقرَّ عينك به.
منقول للفائدة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق