الثلاثاء، 4 سبتمبر 2018

شامات في جسمي أتعبتني

شامات في جسمي أتعبتني!

أ. مروة يوسف عاشور

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عمري 16 سنة، وعندي مشكلة هي:

أنا الحمد لله جميلة؛ لكنَّ المشكلةَ في جِسمي أنَّه ليس لونًا واحدًا؛

يعني فيه شامات، وكذا أنا عن نفسي ما أرغب فيها، وهذا الذي يضايقني!

صحيح أنَّك ممكن تراها مشكلة يسيرة، لكنها تُسبِّب لي قلقًا كبيرًا؛

فهذا يُشوِّه منظرَ جسمي، خصوصًا أنَّ بعضَها حجمها كبير نوعًا ما،

ودائمًا ما أفكِّر كيف سأتزوَّج وجِسمي هكذا؟!

وأستحي أن أقول لأمي: أريد أن أعالج هذه الشامات أو الحبوب.

أقرأ في النت أن هناك بنات عملوا جِراحة أو ليزر لكي يُزِلْنها،

لكن أنا أستحيي أن أقول لأمِّي أذهب أزيلها!

أتمنَّى من كلِّ قلبي أن تُقدِّموا لي مساعدة؛ لأني مهمومة حقًّا،

أنا بصراحة ما أريد الاستشارة تُنشَر على العام؛ لأني مُحرَجة وربِّي،

لكن ممكن يكون هناك ناسٌ في مِثل حالتي، ويَستفيدون.. (الله يكتب لي فيه الخير).

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

حيَّاكِ الله معنا ومَرحبًا بكِ وبكلِّ سائلٍ ومستشير،

سائلين الله - تعالى - أن يفرِّجَ كَربكِ وأن يُلهمكِ رُشدكِ، ويبدِّل حالكِ إلى خيرِ حال.

مُشكلتكِ ليستْ في الشاماتِ على جَسدكِ، وليستْ في عدمِ رِضاكِ

عن شَكلكِ، ولا في خشيةِ الزواج، وأنتِ على حالكِ الذي ذَكرتِ؛

فكلُّ هذا طبيعي ومتسلسِل بشكلٍ منطقي.

المشكلة الحقيقيَّة لَدَيكِ هي (الخجل)، رغمَ أنَّكِ لم تَطلبي عِلاجًا لها، بل تُنكرينها؛

لأنَّها لم تتجلَّ أمامكِ بالوضوح الكافي؛

أنا بطبيعتي أبدًا لستُ خجولاً في حياتي العامَّة !

فقدْ أخذتِ في البحثِ عن حلولِ لن تَتمكَّني مِن تنفيذها إلاَّ إذا تَغلبتِ أولاً على خجلكِ.

كيف لي أن أطرحَ عليكِ حلولاً للتخلُّص مِن تلك الشاماتِ، وبحث كيفيةِ عِلاجها، وأنتِ لن تتمكَّني مِن محادثة والدتكِ؟!

انظري كم مَرَّةً كَررتِ كلماتٍ تدلُّ على شدة الخجل؟

- أستحي بشكلٍ ما هو طبيعي مِن هذه الناحية .

- المشكلة هذه تُحرِجني .

- أستحيي أن أقول لأمِّي أزيلها .

- أستحيي بالمرة .

- عجزتُ، عجزتُ أن أفاتحَ فيها أحدًا، واللهِ عجزتُ .

- ما أريد أن تُنشَر الاستشارة على العام؛ لأنِّي متحرِّجة .

أَخشى أن يُسبِّب لكِ الخجلَ الزائِد مُشكلات أكْبر مِن مشكلةِ الشامات،

التي لم تَعُد مشكلة أصلاً مع التطور الطبِّي والتقدُّم الهائِل في علاجِ مِثل هذه الحالات.

يكون لَدَى الشخص بعضُ المفاهيم المغلوطة، والتي تكون السببَ الرئيس

في خجَله؛ حيث يعتقد فيمَن حوله أنهم ينظرون إليه نظرةً أبعد ما تكون عنِ الحقيقة!

فهلْ سألتِ نفسكِ: ما الذي قد تقوله والدتُكِ لو أنَّكِ تَحدَّثتِ إليها بخصوصِ مشكلتكِ؟

لا أَظنُّكِ فعلتِ، بل اكتفيتِ بإخبارِ نفسكِ وترديد: أخجل، أخجل،

وهذا أكثرُ ما يَزيد الخجل ويُنمِّي الشعور بالدونيَّة، وأَنصحُكِ باستبدالها بقولكِ:

أمِّي تُحبُّني أكثرَ مما أظن، أمِّي تحرِص عليَّ كأيِّ أم، لن تَسخرَ منِّي ولن تُحقر أمْري.

هذه والدتكِ وعليكِ أن تُحسني الظنَّ بها، وأن تَتيقَّني أنها

لن تتأخَّرَ عن مساعدتكِ متى ما شَعرتْ بحجمِ معاناتكِ.

أَنصحكِ أن تُنحِّي أمرَ الزواج جانبًا عندَ الحديث، أو حتى التفكير

في مشكلتكِ؛ فقد يُخفِّف الفصلُ بين الأمرين مِن الشعور بالحرَج،

ففي جميعِ الأحوال، وبصرفِ النظر عن الزواجِ، أنتِ بحاجةٍ للبحث

عن علاجٍ لتلك المشكلة؛ وقد قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -:

( لكلِّ داء دواءٌ، فإذا أُصيب دواءُ الداءِ بَرَأَ بإذن الله - عزَّ وجلَّ )؛

رواه مسلم.

وفي البخاري :

( ما أَنزل الله داءً إلا أنزلَ له شفاءً ).

فما وجهُ التحرُّج مِن داءٍ نبحث له عن دواء؟!

فكِّري بطريقةٍ أكثر عملية؛ لو أصابكِ صُداع أكنتِ تتحرَّجين أنْ تعلمَ

والدتكِ أو تحضر لكِ علاجًا للصُّداع؟ لا فرق بيْن داء وآخَر،

ولا تمييز بين عِلَّة وغيرها، هكذا يجبُ أن تكونَ نظرتكِ وقد أوشكتِ

على تجاوزِ مرحلة المراهقةِ بما فيها مِن حساسياتٍ وعاطفةٍ زائدةٍ في غير محلها.

لو تَأملتِ حالَكِ لوجدتِ أنَّ العلاج والدواءَ في يَدكِ، بَيْدَ أنكِ تخشين تطبيقَه.

أَتدرين؟!

لا أذكُر كم مَرَّة تذكرتُ فيها مواقفَ وردودَ أفعالٍ فعلتُها قبلَ سنوات،

وكنتُ أرَى فيها الحل الوحيدَ الذي لا بَديلَ له ولا محيصَ عنه،

رغمَ أني أعلمُ أنها ستحوِّل حياتي إلى شقاءٍ، وعيشي إلى ضَنكٍ،

وأيامي إلى سلسةٍ مِن الهموم والأكْدَار، لكن هكذا كنتُ

أفكِّر متى ما تَبادَر إلى ذِهني أمر الخجَل.

وكمْ صرِتُ أضحَك بسخريةٍ مِن تصرُّفي وبُعْدي عن المنطقيَّة،

وتضخيمي الأمورَ بشكلٍ لا أتصوَّره الآن، فضلاً عن أن أفعلَه.

علينا أن نُحسنَ تحديدَ المشكلة ونواجهها مهما كانتْ صعبةً، بدلاً مِن

البحث عن مشكلةٍ سهلة الحل، لكنَّها ليستْ مشكلتنا في الحقيقة؛

تمامًا كمَن سَقَط ماله في الظلامِ فرَاح يبحثُ عنه في الضوء؛

لأنَّ المكان الذي سقَط فيه المال مظلمٌ يعجِز عن البحث فيه!

إذًا؛ عليكِ أن تُواجهي هذا الخجلَ بشجاعةٍ وتُحسني الظنَّ بنفسكِ؛

أنتِ إنسانةٌ جديرةٌ بالاحترامِ والتقدير، فلِم لا تُعطين نفسكِ أقلَّ ما تستحقُّه عليكِ مِن حقوق؟!

حَسنًا؛ إن لم تَقتنعي بحقيقةِ المشكلة وأنا أقترِح عليكِ أن تُفكِّري بالأمْر،

فلا مانعَ مِن عرض فكرةٍ أخرى؛ كأن تُلقي الكرةَ في ملعَب والدتكِ؛

بمعنى أن تُخبريها بأنَّ هذه الشاماتِ تؤلمكِ (نفسيًّا) وتُسبِّب لكِ

ضيقًا شديدًا، أنت تَخجلين مِن إعلانِ رَغبتكِ الجادَّة في البَدءِ بالعِلاج

أو الذَّهاب لطبيبة جلديَّة مختصَّة، لكن ربَّما لن تَجدي ذاك القدْر مِن

التحرُّج مِن إبداء الضيق مِن شكلِها والاستماع لرأيِ الوالدة ووجهةِ نظرِها.

ولا أَستبعِدُ أن تطرحَ الوالدة بكلِّ هدوءٍ فِكرة مرافقتكِ لطبيبة ومناقشةِ كيفيَّة العلاج.

ثم ليطمئنَّ قلبكِ بعدَ ذلك بخصوصِ العِلاج؛ فقدْ أحرز طبُّ الأمراض

الجدليَّة تقدمًا يستحقُّ شكر النِّعمة، كالعِلاج بالليزر الانتقائي،

أو استخدام أجهزة متطوِّرة وحديثة للتخلُّص مِن مختلف مشكلاتِ الجلد،

مِثل أجهزة: UltraPulse Co2 Laser، أو أجهزة Radiofrequency،

وغيرها مِن الأجهزةِ الحديثة التي تَعرِض الطبيبةُ للمريضةِ فوائدَها وما يناسبها منها.

أما عن نصيحتي الأخيرة لكِ فهي: أن تنظري إلى الأمْر بنظرةٍ مختلفة؛

فإزالةُ الشامةِ أو على الأقل أهمية عرْضها على طبيبةٍ مختصَّة لا

يكون لطلبِ الجمال، أو لإزالةِ عيب شَكلي في الجسَد؛ وإنَّما يجدُر

لفتُ الانتباه لضرورةِ مراجعة مختصَّة جلدية؛ لأنَّ بعض الشامات

تكون بحاجةٍ لمتابعة والتأكُّد مِن سلامتها وأنَّها غير متحوِّلة - عافاكِ الله -

فبإمكانكِ حينَها عرْض الأمْر على الوالدة مِن هذه الجهةِ،

التي لا تُسبِّب حرجًا ولا تَخدِش حياءً أيًّا كانت درجتُه، ومهما بلغتْ شدَّته،

فلا أرَى بأسًا من أن تخافَ الفتاةُ على نفسِها،

وتطلب الاطمئنانَ على صِحَّتها وسلامةِ جِلدها.

هذا، ولكِ منِّي دعوة بظهر الغيب أن يُفرِّج الله هَمَّكِ، ويُنفِّث كربَكِ،

ويطهِّر جسدَكِ من كلِّ سوء، وأن يُجملكِ بحسنِ الخُلق

وجميلِ الأدَب، ويسرُّنا تواصلُكِ معنا في كلِّ وقت.

منقول للفائدة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق