السبت، 12 يناير 2019

من عجائب الاستغفار (1)


لخالد بن سليمان بن علي الربعي


من كلام العلماء الجزء الثاني و اﻷخير

و قال ابن القيم - رحمه الله تعالى : وجماع ذلك أن يحاسب نفسه

أولاً على الفرائض؛ فإن تذكر فيها نقصًا تداركه إما بقضاء أو إصلاح

، ثم يحاسبها على المناهي؛ فإن عرف أنه ارتكب منها شيئًا تداركه

بالتوبة والاستغفار والحسنات الماحية، ثم يحاسب نفسه على الغفلة؛

فإن كان قد غفل عما خلق له تداركه بالذكر والإقبال على الله تعالى ثم

يحاسبها بما تكلم به أو مشت إليه رجلاه أو بطشت يداه أو سمعته أذناه:

ماذا أرادت بهذا، ولمن فعلته، وعلى أي وجه فعلته ؟ ويعلم أنه لا بد

أن يُنشر لكل حركة وكلمة منه ديوانان: ديوان لمن فعلته، وكيف فعلته؛

فالأول سؤال عن الإخلاص، والثاني سؤال عن المتابعة،

وقال تعالى :

{فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}

[الحجر : 92، 93]،

وقال تعالى :

{فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ * فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ

وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ}

[الأعراف : 6]،

وقال تعالى :

{لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ}

[الأحزاب: 8]؛

فإذا سئل الصادقون وحوسبوا على صدقهم فما الظن بالكاذبين ؟!

(إغاثة اللهفان) .



الإصرار على الصغيرة قد يساوي إثمه إثم الكبيرة أو يربى عليها..

وأيضًا فإنه قد يتخلص من الكبيرة بالتوبة والاستغفار (إغاثة اللهفان) .



يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم :

أن كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته : تقول :

( اللهم اغفر لنا وله )

ذكره البيهقي في الدعوات الكبير

وقال : في إسناده ضعف، وهذه المسألة فيها قولان للعلماء –

هما روايتان عن الإمام أحمد – وهما : هل يكفي في التوبة

من الغيبة الاستغفار للمغتاب، أم لا بد من إعلامه وتحليله؟

والصحيح : أنه لا يحتاج إلى إعلامه بل يكفيه الاستغفار

وذكره بمحاسن ما فيه في المواطن التي اغتابه فيها،

وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره، والذين قالوا :

لابد من إعلامه، جعلوا الغيبة كالحقوق المالية، والفرق بينهما ظاهر؛

فإن الحقوق المالية ينتفع المظلوم بعود نظير مظلمته

إليه فإن شاء أخذها وإن شاء تصدق بها، وأما في

الغيبة فلا يمكن ذلك ولا يحصل له بإعلامه إلا عكس مقصود

الشارع صلى الله عليه وسلم ؛ فإنه يوغر صدره ويؤذيه إذا سمع

ما رمى به ولعله يهيج عداوته ولا يصفو له أبدًا، وما كان هذا

سبيله فإن الشارع الحكيم صلى الله عليه وسلم لا يبيحه ولا يجوزه

فضلاً عن أن يوجبه ويأمر به، ومدار الشريعة على تعطيل

المفاسد وتقليلها لا على تحصيلها وتكميلها والله

تعالى أعلم ( الوابل الصيب).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق